د.محمد محمود مرتضى الباحث اللبناني المختص: في الشؤون الأمنية والإستراتيجية لـ«المغرب» «يصعب صمود حدود «سايكس-بيكو» بعد هذا التشظي المذهبي والطائفي في المنطقة»

شدّد الباحث اللبناني المختص في الشؤون الأمنية والإستراتيجية د.محمد محمود مرتضى في حوار لـ«المغرب» على ان المنطقة العربية تعيش على وقع تغيرات كبرى وخلط للأوراق على مستوى عدة أزمات لاتزال مُعلقة دون حلّ على غرار الأزمة في سوريا والحرب

في اليمن والتوتر في العراق والفوضى المستمرة في ليبيا. واعتبر محمود مرتضى أن هذه المتغيرات أظهرت إلى العلن تحالفات كانت في السابق سرية .

• ماهي قراءتكم للمشهد الأمني والسياسي الراهن في المنطقة العربية ؟
من الواضح أن المنطقة تشهد خلطا كبيرا للأوراق، وحراكا سياسيا يرافقه تحضيرات امنية وعسكرية في اكثر من جبهة. ففي الوقت الذي تشهد الكويت مباحثات حول اليمن بين اطراف النزاع يشهد الوضع الميداني تعزيزات وتحضيرات متبادلة قد تكون الاعنف في حال الاعلان عن فشل المفاوضات لكن الجديد هو الحضور الأمريكي المباشر فيها بحجة محاربة تنظيم القاعدة الذي يبدو انه سمح له بالتمدد ليكون ذريعة للعودة الأمريكية إليها. وفي سوريا تعثرت مفاوضات جنيف فيما الهدنة هناك تترنح ويبدو ان كل الاطراف تستعد لصيف حار في مرحلة ما بعد سقوط الهدنة. فيما الطرف الأمريكي يستعد عبر حلفائه لإسقاط عاصمة «داعش» في الرقة ووضع الانتصار في سلة حزب اوباما الانتخابية. اما العراق فيصارع ما بين محاربة «داعش» عسكريا والصمود أمام هجمات الوهابية وال سعود اعلاميا وماليا على خلفية إمكانية إلحاق الهزيمة بـ«داعش» الإرهابي. وما بين ترنح «داعش» في سوريا والعراق يبدو ان الشمال الافريقي تنتظره تحديات كبيرة حيث اعتقد أن «داعش» سيجد في هذه الساحة انطلاقا من ليبيا والخلايا النائمة في الدول المجاورة، انها الاوفر حظا لتعويض خسائره المرتقبة في سوريا والعراق.

• هل ترون ان المعادلة السورية قد خلقت تقاربا في الآونة الاخيرة بين امريكا وتركيا خصوصا بعد الاتفاق بينهما حول الشمال السوري ؟
لا اعتقد ان هناك تقاربا جديا ومعتبرا بينهما ويصعب تصور حصوله في المدى المنظور خصوصا ان ادارة الرئيس اوباما غير مستعدة لتقديم تنازلات للأتراك في مطالبهم حول الملف السوري. ان الطرف الأمريكي يسعى للدخول في صفقات قصيرة ومضمونة النتائج يستطيع توظيفها في الانتخابات الرئاسية والمطالب التركية لا تتمتع بهذه الصفة.

• هل غيرت أزمات المنطقة ونقصد بالخصوص سوريا اليمن العراق ولبنان ، خارطة التحالفات هناك ؟
في الواقع لا أرى تغييرا كبيرا في التحالفات بل ارى وضوحا في تحالفات كانت في السابق سرية وظهرت الى العلن، وتقطعات مصلحية فرضتها الاوضاع المستجدة. على سبيل المثال التقارب السعودي التركي، هو تقارب مصلحي لا ولن يرقى لدرجة التحالف لان كلا الطرفين يرشح نفسه كزعيم للدول الاسلامية : اما التركي فيتسلح بانه كان زعيم العالم الاسلامي في عهد الخلافة العثمانية، اما السعودي فبوصفه الدولة التي تحتضن اقدس مدينتين اسلاميتين مكة والمدينة. نعم ظهر التقارب الاسرائيلي الخليجي وهو تقارب كان موجودا سابقا لكنه بشكل سري واليوم خرج إلى العلن كما ظهر الوجه الحقيقي لما سمي بالخلاف التركي الاسرائيلي الذي يبدو انه كان مسرحية اردوغانية لتسويق نفسه كزعيم اسلامي يقود اهم قضية في العالم الإسلامي ،القضية الفلسطينية دون ان ننسى حاجته الداخلية لهذا الاشتباك مع الاسرائيلي.

• وماهي اسباب تفاقم الصراعات في المنطقة وهل بتنا أمام شرق أوسط جديد بعد 100 عام على سايكس بيكو؟
تتعدد اسباب تفاقم الازمات فمنها ما يتعلق بطبيعة الانظمة السياسية القائمة ومنها ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية. ومنها ما يتعلق بالتحريض الطائفي الممنهج ومنها ما يتعلق بخطط أمريكية لإشعال المنطقة لأهداف تتعلق بأمنها القومي الاقتصادي والهيمنة، ومنها ما يتعلق بوجود الغدة السرطانية المسماة اسرائيل. ولو تأملنا مليا لوجدنا ان ثمة اسماء ثلاثة ستتردد في جميع هذه الازمات : الولايات المتحدة الأمريكية، اسرائيل، السعودية. انه الثالوث الشيطاني الذي يزرع الفتن في كل المنطقة ولكل دوره الذي يلعبه.

ورغم ان الحدود الجغرافية الحالية والتي تعرف باسم حدود سايكس-بيكو لم تتغير رسميا الى الآن ولكن يصعب تصور استمرارها بعد هذه الحرائق التي تشعل المنطقة، وبعد هذا التشظي المذهبي والطائفي والعرقي والاثني فيها. صحيح ان أي تقسيم جديد للمنطقة يحتاج الى المزيد من الحرائق ليستقر على صورته النهائية لكن الصحيح ايضا ان حدود سايكس بيكو لن تستمر بل هي لم تعد قابلة للحياة.

حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115