حرب نفوذ تحت غطاء شركات أمنية خاصة: عقوبات أوروبية ضدّ «مجموعة فاغنر» الروسية المتمركزة في بؤر التوتر

أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات على مجموعة «فاغنر» الروسية وأفراد ومؤسسات مرتبطين بها بتهمة ارتكاب انتهاكات جسيمة

ضد حقوق الإنسان. وتسجل هذه المجموعة العسكرية الروسية الخاصة (شبه الرسمية) حضورها في عدد من مناطق الصراع وبؤر التوتر في العالم على غرار ليبيا و-سابقا- سوريا وغيرها من الدول وطالما قوبل حضور هذه المجموعة في هذه الحروب معارضة دولية وتنديدا واسعا طال كذلك الحكومة الروسية .
وقال المجلس في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، إنه فرض مجموعة من الإجراءات المشددة ضد مجموعة فاغنر الروسيّة (مجموعة عسكرية تصنف مرتزقة)، إلى جانب 8 أفراد و3 كيانات مرتبطين بها.
وأضاف البيان «أن فاغنر جندت ودربت وأرسلت عسكريين خاصين إلى مناطق الصراعات حول العالم لتأجيج العنف ونهب الموارد الطبيعية وترهيب المدنيين منتهكة بذلك القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان».وذكر أن الأفراد المدرجين على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي «ضالعون في انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، وعمليات إعدام وقتل عشوائية، وأنشطة مزعزعة للاستقرار في بعض البلدان النشطين فيها، بما في ذلك ليبيا وسوريا وأوكرانيا (دونباس) وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وأوضح مجلس الاتحاد الأوروبي في البيان أن الهدف من القرار «الحد من الأنشطة التخريبية لمجموعة فاغنر في ظل إصرار الاتحاد الأوروبي القوي على حماية مصالحه وقيمه في جواره وما وراءه، وعلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد أولئك الذين يهددون الأمن والسلم الدوليين».
كما لفت إلى أن العقوبات التي فرضها اليوم جاءت في إطار 4 أنظمة عقوبات مختلفة هي: نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي العالمي الخاص بحقوق الإنسان وأنظمة العقوبات المتعلقة بالوضع في ليبيا وسوريا وكذلك الأفعال التي تقوض وحدة اراضي اوكرانيا.
وبموجب قرار العقوبات، سيتم تجميد الأصول الخاصة بالأفراد والكيانات المستهدفة في الاتحاد الأوروبي، وسيٌفرض عليهم حظرا للسفر إلى الاتحاد، كما يٌحظر على الأشخاص والشركات في الاتحاد توفير أموال بشكل مباشر أو غير مباشر لأولئك المدرجين في قائمة العقوبات.
ووفق تقارير إعلاميّة تتكون مجموعة فاغنر من آلاف المقاتلين من عسكريين سابقين ومجندين لحساب الشركة الخاصّة (التي تطال الحكومة الروسية بسببها اتهامات بالضلوع في إدارتها من خلف الستار) وقد ظهرت مجموعة «فاغنر» قبل ست سنوات إلى جانب الانفصاليين في أوكرانيا، ثم شاركت في الحرب السورية، والنزاع الدائر في ليبيا وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، وبدأت مؤخرا في لعب دور في مالي.
قضايا حساسة
بالتزامن مع قرب موعد إجراء الانتخابات في ليبيا يوم 24 ديسمبر الجاري، ورغم الشكوك التي ترافقها تبقى معضلة القوات الأجنبية المتمركزة في البلاد منذ سنوات من بين أهم العراقيل التي ساهمت في إطالة أمد الحرب في ليبيا وبالتالي الفشل في إرساء حل سياسي سلمي ومن بين هذه القوات وفق تقارير أمريكية واممية مجموعة فاغنر الروسية .إذ تواجه الحكومة الروسية اتهامات متزايدة بدعم هذه الشركة لوجستيا بغرض بسط نفوذها في عدد من مناطق العالم دون الظهور في الصورة بشكل علني وهي اتهامات تفندها موسكو باستمرار . وتنفي روسيا ارتكاب أي مخالفات. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص لهم الحق في العمل والسعي وراء مصالحهم في أي مكان في العالم ما داموا لا ينتهكون القانون الروسي. وقال بوتين إنّ مجموعة فاغنر لا تمثل الدولة الروسية ولا تحصل على أموال منها. وفي إجراء منفصل، تبنى الاتحاد الأوروبي أمس نظام عقوبات يتعلق بمالي، غير أنه لم يضف إليه أسماء. كانت «رويترز» قد ذكرت في سبتمبر أن المجلس العسكري الحاكم في مالي يجري محادثات بشأن نشر مجموعة فاغنر في البلاد، وهو ما تقول فرنسا إنه غير مقبول لأنها تنشر قوات في المنطقة.
وقد سعت البعثة الأممية في ليبيا وغيرها من الأطراف الإقليمية لإلزام الأطراف المتصارعة في ليبيا باحترام وقف إطلاق النار ، إلاّ أنّ الخروقات استمرّت في ظلّ الانتشار الكبير للميليشيات المسلّحة في البلاد بالإضافة إلى فوضى السلاح الذي أغرق ليبيا منذ عام 2011 رغم القرار الدولي الخاصّ بحظر السلاح في ليبيا. ويرجع مراقبون غرق بلاد عمر المختار بالأسلحة والقوّات الأجنبية والمرتزقة سواء منها الداعمة لحكومة الوفاق بقيادة السراج أو الداعمة لقوات المشير خليفة حفتر، كان من بين أهمّ أسباب فشل التفاوض بين الأطراف الليبية وتداخل أطراف دولية في مسار الأزمة لسنوات طويلة .
وطالما حذرت البعثة الأممية في ليبيا من وجود مايفوق 21 ألفا من المقاتلين والمرتزقة تنقسم بين «الفاغنر» وهي قوات تابعة لشركة أمنية روسية، تقول تقارير غربية أنها تابعة لوزارة الدفاع الروسية ويندرج وجودها في ليبيا ضمن سياسة توسيع نفوذها في العالم وكثيرا ما حذرت واشنطن ودول الإتحاد الأوروبي من هذه القوات رغم نفي موسكو مرارًا لأي تورط مباشر لها في الصراع .
بالإضافة لمقاتلي «فاغنر» والميليشيات المحلية المسلحة التابعة لطرفي الصراع في ليبيا، يتوزع عدد غير معروف من المقاتلين المرتزقة من عدة جنسيات مختلفة كما تواجه حكومة تركيا الداعمة لحكومة عبد الحميد الدبيبة اتهامات بإدخال مرتزقة من سوريا إلى ليبيا يحملون جنسيات عربية متعددة لكن أغلبهم من السوريين. ولعلّ اعتماد تركيا على الدعم غير الخفي لحكومة الدبيبة حاليا والذي بدأ عبر توقيعها لاتفاق بحري عسكري للتعاون مع الحكومة السابقة بقيادة فايز السراج كل ذلك رغم المعارضة الداخلية والخارجية لهذا الدور التركي المتنامي الذي باتت تلعبه أنقرة في الأزمة الليبية . إلى جانب هذه القوات تؤكد تقارير ليبية وجود قوات أخرى في ليبيا تسمى «قوات الجنجويد» السودانية والتي تضم بدورها مرتزقة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115