أمام فشل العملية السياسية وتزايد مخاطر تنظيم داعش الإرهابي: الغرب يمضي قدما في الاستعداد للتدخل العسكري في ليبيا

عكس تقرير المبعوث الدولي مارتن كوبلر على أنظار مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه الأخير حول الأزمة الليبية، حالة من اليأس نتيجة فشل بعثة الأمم المتحدة في فرض التسوية السياسية عبر حكومة الوفاق الوطني.

فشل ترجمته أيضا كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. عناد الفرقاء الليبيين سواء السياسيين أو العسكريين لم يجد له المجتمع الدولي أي علاج يحدّ من تعنت وتمسك المسؤولين بالمناصب ومنطق القبلية والجهوية، مما دفع بالقوى العظمى لترجيح كفة السيناريو الأسوأ على الإطلاق وهو امكانية التدخل العسكري في ليبيا ،وفرض تنفيذ الاتفاق السياسي بما فيه تهيئة الظروف المريحة لعمل حكومة السراج من داخل طرابلس.

في حال حدوث ذلك سيكون هذا التدخل العسكري في ليبيا ،هو الثاني بعد تدخل الحلف الأطلسي سنة 2011 بدعوى حماية المدنيين من كتائب القذافي ،بينما نجد هذا التدخل العسكري الغربي الثاني الوشيك جدا تحت مبرر محاربة ‹داعش› ليبيا الإرهابي وتزايد مخاطره على دول الجوار والإقليم والضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط.

«داعش» الارهابي في ليبيا
وكانت تقارير استخباراتية متعددة أكدت توافد أعداد كبيرة من دواعش سوريا والعراق على ليبيا، بعد تصاعد الضربات الجوية الروسية في سوريا ضد التنظيم، وأيضا تقدم الجيش العراقي في كامل مناطق الأنبار والرمادي. إضافة لتأكيد تلك التقارير أنه من بين الارهابيين القادمين إلى ليبيا عدد من القيادات من الصف الأول مثل الرجل الثاني في التنظيم جاسم الطيراوي أردني الجنسية .

أما داخليا فقد توسع وتمدد التنظيم نحو الغرب الليبي وتحركت خلاياه النائمة سيما بعد الغارة الأمريكية في صبراتة ،حيث أن الرواية الأمريكية ذكرت أن عملية القصف الجوي استهدفت موقعا عسكريا لتنظيم ‹داعش› لقتل الإرهابي التونسي نور الدين شوشان ،وأن عمليات الرصد أوضحت أن الموقع هو الوحيد التابع لنظيم داعش الإرهابي في صبراتة. ليتضح لاحقا أن شوشان غير مؤكد مقتله ولا تواجده في الموقع المستهدف وان تعداد الدواعش في المدينة ومزارعها هو أضعاف ما تم قتلهم خلال القصف. بمعنى أن حجم تنظيم ‹داعش› الإرهابي في الغرب الليبي غير معلوم وخطره اكبر مما يتوقع لذلك واصل الغرب الاستعدادات للتدخل العسكري ووضع اللمسات الأخيرة للعملية وسط تكتم شديد حول الآليات والأهداف والتمويل باستثناء القليل من التسريبات. إذ نجد من ضمن تلك التسريبات المعلومة التي تفيد أن الولايات المتحدة وضعت وحصرت 118 هدفا إرهابيا في ليبيا.

كذلك تصريح مسؤول بريطاني رفيع بأن 5 آلاف عسكري إيطالي بإمكانهم السيطرة على طرابلس وتأمين وحماية حكومة الوفاق. إلى ذلك صرح مصدر من المجلس الرئاسي بأن اللجنة الأمنية التي كلفها المجلس الرئاسي بإعداد خطة الترتيبات الأمنية في العاصمة ومدن أخرى قد قدمت تقريرها إلى رئيس الحكومة المكلف أمس. وكان باولو سيرا المستشار الامني والعسكري لبعثة الأمم المتحدة أكد الاتفاق مع عدد كبير من المليشيات المسيطرة على طرابلس في شأن تعاون تلك المليشيات والمشاركة في تأمين طرابلس. من جانبها تبدو إيطاليا قد تلقت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وعواصم غربية أخرى لقيادة التدخل العسكري ومن خلال المؤشرات والتسريبات والتلميحات سواء من العسكريين أو السياسيين الغربيين فإن التدخل سيكون بريا في طرابلس وعلى الأقل مدينة أو مدينتين إضافيتين مثل بنغازي وسرت على أن تساند كل من بريطانيا وفرنسا الإيطاليين على الأرض باعتبار أن الحكومة البريطانية والفرنسية ليستا بحاجة لموافقة مجلس الشيوخ، البرلمان، لأن تدخلا عسكريا محدودا لا يتطلب تفويضا من البرلمان. مقابل هذا من غير المتوقع أن تغامر الولايات المتحدة بإرسال قوات برية وستكتفي بالقصف الجوي والدعم اللوجستي لحلفائها.

تباين مواقف دول الجوار
رفضت الجزائر مجددا طلبا غربيا بتقديم دعم لوجستي للتدخل العسكري في ليبيا وتمسكت كعادتها بخيار الحل السياسي تحاشيا لتداعيات التدخل العسكري على أمنها القومي العاجل والآجل. موقف مماثل اتخذته تونس.
فموقف الجزائر وتونس يعتبره المراقبون قابلا للتغيير، وذلك حينما يؤكد الغرب أن الهدف من العملية هو تمكين حكومة الوفاق من ممارسة عملها ومحاربة الإرهاب والاهم من ذلك وقف تهديد تنظيم ‹داعش› الإرهابي لدول الجوار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115