بعد إعلان حفتر وسيف الإسلام القذافي عن ترشحهما للرئاسة: خارطة التحالفات الدولية وتأثيراتها على المشهد الداخلي في ليبيا

يستعد الليبيون والمجتمع الدولي إلى الاستحقاق الإنتخابي المرتقب في ليبيا في أواخر شهر ديسمبر المقبل ،

وسط تتالي الترشحات من شخصيات سياسية أثارت أغلبها الجدل سواء منها الفاعلة في المشهد السياسي الراهن أو المعروفة بتاريخها السياسي في النظام السابق بقيادة معمر القذافي. وكانت آخر الترشّحات غير المفاجئة إعلان قائد قوات شرق ليبيا أو ما يسمى الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا المقررة في الشهر المقبل ، وهي خطوة ترافقها حزمة من التساؤلات حول مصير الإنتخابات وتداعياتها إذا تم إجراؤها في موعدها المقرّر نتيجة التحدّيات الصعبة التي ترافقها.

وقال حفتر في كلمة بثها التلفزيون أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة هي «المخرج الوحيد من الأزمة الحادة التي انغمست فيها بلادنا الحبيبة والطريق الأمثل لعودتها إلى مكانها الطبيعي بين الأمم». وقال في كلمة متلفزة، «أترشح للانتخابات لقيادة الشعب في مرحلة مصيرية لا طلبا للسلطة».وتعهد بالدفاع عن «ثوابتنا الوطنية الراسخة وعلى رأسها وحدة ليبيا وسيادتها واستقلالها».كما تعهد ببدء مسار المصالحة والسلام والبناء إذا فاز بالانتخابات.

وقد زاد هذا الإعلان الرسمي لحفتر من الجدل الدائر داخل ليبيا وذلك بعد إعلان سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس السابق معمر القذافي وما خلّفه ذلك من ردود أفعال متضاربة . ويراهن حفتر على دعم بعض الأطراف الدولية على غرار روسيا التي طالما وفرت دعما لوجستيا للمشير رغم اعتراضات المجتمع الدولي ، ويرى متابعون أن العام الماضي شهد سلسلة محادثات في فرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة حاول من خلالها حفتر فرض نفسه في المشهد السياسي كورقة رابحة في سعي منه لكسب التأييد والدعم الدولي في غياب أرضية مشتركة للحل السياسي في البلاد.

وزار حفتر كلا من روسيا وإيطاليا وفرنسا في سياق مايعرف بمحادثات سلام، ورغم النفي الفرنسي للانحياز إلى طرف على حساب طرف آخر في ليبيا تتزايد الشكوك حول دعم الإيليزيه للمشير حفتر، وهو ما أثار في وقت ما خلافات حادة بين باريس وروما التي طالما دعمت حكومة فائز السراج آنذاك وحكومة الدبيبة اليوم. إذ تراهن هذه الأطراف الدولية على ضرورة إيصال شخصية قوية لقيادة ليبيا بما يخدم مصالحها في المنطقة خاصة منها المتعلقة بسياسة ناجعة لوقف موجات المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية. ويحظى حفتر بدعم من مصر و الإمارات العربية المتحدة، سيما بعد أن أطلق في ماي 2014، ما أسماها «عملية الكرامة» في بنغازي وفي الشرق ضد جماعات إسلامية مسلحة من بينها جماعات مقربة من الإخوان المسلمين، ونجاحه بتقديم نفسه على الساحة الخارجية باعتباره خصما للإسلاميين في ليبيا.

أما الموقف الأمريكي فيبدو أنه بدأ أخيرا بالتشكل في ظل إدارة الرئيس جو بايدن بعد غموض شابه خلال عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب . إذ تطالب «من تركيا الداعمة لحكومة الدبيبة وروسيا الداعمة لحفتر الشروع فورا في سحب قواتهما» من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية والمرتزقة، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول النزاع الليبي.

ويبدد هذا الموقف الأمريكي في ظل الإدارة الجديدة لجو بايدن الغموض الذي لف لسنوات سياسة دونالد ترامب بشأن ليبيا. وبدا كأن ترامب دعم في وقت من الأوقات الرجل القوي في شرق ليبيا خليفة حفتر، على حساب حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة ومقرها طرابلس.

غموض وشكوك
ويزيد هذا التوتر والانقسام حول الأسماء المعلنة والمعنية بالترشح للانتخابات الرئاسية من غموض المشهد الليبي قبل فترة قصيرة من الانتخابات البرلمانية المُزمع إجراؤها 24 ديسمبر المقبل. إذ يعرف المشهد السياسي الليبي في هذه الفترة حركية غير مسبوقة وذلك قبل الاستحقاق الإنتخابي المُزمع إجراؤه يوم 24 ديسمبر المقبل والذي تعهّدت حكومة عبد الحميد الدبيبة بإنجاحه رغم العراقيل والصعوبات التي تعترض عمل حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة والتي تم التوصل إليها بعد جهود مضنية ودعم دولي وإقليمي غير مسبوقين .

يُشار إلى أنّ حكومة عبد الحميد الدبيبة التي تتألّف من نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، نجحت في منتصف شهر مارس في نيل ثقة البرلمان وأدت اليمين الدستورية.وتتولى السلطة التنفيذية الجديدة مسؤولية عن توحيد مؤسسات الدولة والإشراف على المرحلة الانتقالية إلى حلول موعد انتخابات 24 ديسمبر، عندما تنقضي مدتها بموجب خارطة الطريق الأخيرة.

وعلى الرغم من التأكيدات المتواصلة من السلطات الليبية الجديدة على التزامها التام بإجراء الانتخابات في موعدها، يرى مراقبون أنّ الواقع الميداني والسياسي في ليبيا يواجه -رغم الجهود الكثيفة المبذولة- عراقيل وصعوبات عدة جعلت الشكوك تزيد من عدم إمكانية النجاح في إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر المقبل رغم الآمال الكبيرة المعلقة وبالتالي تأجيله.

ويشكك البعض في الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد في ظل استمرار الخلافات حول الاستعدادات وصعوبة توحيد المؤسسة العسكرية وهي معضلة تعيشها ليبيا منذ ثورة 2011. أيضا ربط متابعون المشهد بالتصريحات المثيرة للجدل الصادرة عن رئيس الحكومة الحالية عبد الحميد الدبيبة والأنباء حول نيته الترشح للرئاسة وهو ما يزيد من تعقيدات المشهد وترجيح كفة سيناريو الفوضى في ليبيا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115