الانتخابات الليبية بين رهان الإستقرار والعودة إلى حافة الفوضى والإنقسام: خطاب غامض للدبيية في مؤتمر باريس .. نيته الترشح للرئاسة تُحرج المجتمع الدولي

اختتم في باريس المؤتمر الدولي حول الأزمة الليبية بإجماع دولي على ضرورة إنجاح انتخابات ديسمبر المقبل ووقع التهديد بفرض عقوبات قاسية

على كل الأطراف المعرقلة. ورافقت البيان الختامي ردود أفعال متباينة خاصة وأن سيناريو تأجيل هذا الإستحقاق الإنتخابي المنتظر كان حاضرا بقوة في كواليس المؤتمر الذي نظمته الرئاسة الفرنسية وشارك فيه قادة الدول المعنية بالصراع الليبي وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية .
وهدد القادة المجتمعون في باريس، في نص البيان الختامي للمؤتمر، بفرض عقوبات على الأفراد الذين «سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض الانتخابات المقررة في هذا البلد» سواء كانوا داخل ليبيا أو خارجها.
وشددوا على أهمية أن تكون الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى في تاريخ البلاد «حرة ونزيهة وجامعة وتتسم بالمصداقية».كما أشار البيان، إلى ضرورة دعم جهود مفوضية الانتخابات لوضع أسس تنظيمها.
البيان الختامي والنقاط المعلنة كانت تصب في خانة دعم الإنتخابات القريبة أي في تاريخها المعلن وهو 24 ديسمبر ، وشهد المؤتمر مناقشات مباشرة وأخرى جانبية بين المشاركين من رؤساء دول ورؤساء حكومات حول سبل دعم الحكومة الليبية لإنجاح هذه الإنتخابات في ظل تحديات الداخل والخارج. إلاّ أن

المثير للجدل يوم أمس كان تصريح رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة الذي رغم إعلان ‘’ عزمه تسليم السلطة للجهة التي ينتخبها الشعب في 24 ديسمبر الأول القادم، في حال جرت الانتخابات بشكل «نزيه وتوافقي’’ ، إلاّ أن الشكوك رافقت تصريحاته وسط أنباء عن نيته الترشح للإنتخابات الرئاسية المقبلة وهو ما تعهد بعدم الخوض فيه سابقا وتسلمه السلطة كرئيس حكومة انتقالية تنتهي عهدتها بمجرد إجراء الإنتخابات وتسلم الحكومة الجديدة . وحث الدبيبة «الأجسام التشريعية (الليبية) على تعديل قانون الانتخابات ليكون توافقيا ويحقق العدالة والشمولية وتكافؤ الفرص» وهي نقطة قال مراقبون أنها تمهد لترشيحه تحت غطاء قانوني باعتبار أن التوافق الحاصل حول حكومته يمنعه من ترشيح نفسه.

وفي نفس السياق أفادت وكالة «رويترز» قبل أيام بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة يعتزم الترشح في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها أواخر العام الجاري.

وجاءت تصريحات الدبيبة في مؤتمر صحفي مشترك، عقده مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.وقال الدبيبة: «لو تمت العملية الانتخابية بشكل نزيه وبشكل توافقي، بين كل الأطراف سوف أسلم السلطة للجهة المنتخبة التي اختارها الشعب الليبي».وطالب «بضمان إجراء الانتخابات دون خروقات، من خلال دعمها سياسيا ومراقبتها دوليا، ووضع ضمانات حقيقية لقبول نتائج هذه الانتخابات وفرض عقوبات على المعرقلين والرافضين لهذه النتائج».وأكد الدبيبة «أن إجراء الانتخابات في موعدها يعد استحقاقا وطنيا وهدفا تاريخيا».وشدد على «ضرورة تزامن الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق جدول واضح وبين لكل الشعب الليبي».بدوره، شدد المنفي خلال المؤتمر الصحفي نفسه، على «وجوب إزالة العراقيل والخلافات قبل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم» .
وأضاف: «يجب حلحلة النقاط الخلافية لمشاركة الجميع في الانتخابات حتى تقبل نتائجها»، داعيا جميع الليبيين إلى «المشاركة في الانتخابات القادمة والقبول بنتائجها».وأعرب عن أمله أن «يكون مؤتمر باريس نقطة مضيئة في تاريخ ليبيا بما لا ينسينا دور ألمانيا وإيطاليا».

تحديات أمام الانتخابات
ووفق رئيس مفوضية الانتخابات عماد السائح من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في جولتين، الأولى تبدأ في 24 ديسمبر، والثانية تنطلق مع الانتخابات البرلمانية بعد 52 يوما من الجولة الأولى،.ورغم الخلافات المستمرة حول قانوني الانتخاب، فإن المفوضية فتحت، في 8 نوفمبر الجاري، باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ليتم الإعلان عن 9 شخصيات مترشحة للإنتخابات الرئاسية.

ولعل الجدل الدائر اليوم والذي ألقى -وفق مراقبين - بظلالها على مجريات مؤتمر باريس أمس الأول ، هو نية الدبيبة الترشح للرئاسة مما يجعل المجتمع الدولي في مأزق عدم المصداقية وربما العودة إلى مربع الخلافات والإنقسام من جديدة في ليبيا .
ويبقى التساؤل المهم اليوم هل فعلا سيتم النظر في تعديل المادة 12 من قانون الإنتخابات المثير للجدل ؟ خاصة وأنّ الدبيبة وجه رسالة إلى رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح يهدد فيها بالطعن في قانون الانتخابات الرئاسية إذا لم يتم النظر في هذا البند .
كما أضافت المصادر، بحسب وكالة نوفا الإيطالية، أنّ الدبيبة أوضح في رسالته أنه تلقى مذكرة موقعة من 57 نائبا تطالب بتعديل المادة 12 «المثيرة للجدل» من القانون الانتخابي الذي اعتمده رئيس البرلمان عقيلة صالح في سبتمبر الماضي.
وتنصّ المادة 12 من القانون الإنتخابي على ‘’تخلّي المرشح عن أي منصب يشغله لمدة ثلاثة أشهر قبل موعد الانتخابات الرئاسيّة المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر، وهو ما يدفع الدبيبة إلى العمل بكل قوته على ضرورة تعديل البُند وهو ما بدا واضحا وجليا في خطابه يوم أمس الأول حيث اعتبر المادة «تمييزية ومنتهكة» لمبدأ تكافؤ الفرص.

ويحذر متابعون للشأن الليبي من الصمت الذي ينتهجه المجتمع الدولي إزاء تصريحات الدبيبة وخطواته الداعية لضرورة التعديل ما يفتح له أبواب الترشح للإنتخابات المقبلة.

ومن المحتمل أن تعرف الانتخابات الرئاسية مشاركة عدد من الأسماء المعروفة على الساحة الليبية. وهؤلاء أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة الليبية حتى الآن خليفة حفتر قائد مايعرف بـ «قوات الجيش الوطني».حيث سيشغل الفريق أول عبد الرزاق الناظوري «مهام منصب القائد العام لفترة ثلاثة أشهر بدأت من 23 /09 /2021 وتنتهي بتاريخ 23 /12 /2021»، وفق نص القرار وتماشيا مع البند 12 من القانون الإنتخابي ، وهي تنص على إمكان ترشح شخص عسكري بشرط التوقف «عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله».
وفتحي باشاغا وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني ، حيث عبر مرارا عن رغبته في الترشح لانتخابات الرئاسة. وأيضا رئيس اللجنة التسييرية لحزب تيار المشروع الوطني فتحي بن شتوان أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسة.وبن شتوان حاصل على بكالوريوس الهندسة عام 1975، وكان قد عمل وزيرا للصناعة، كما عمل وزيرا الطاقة قبل العام 2011.

عارف النايض بدوره وهو رجل الأعمال ورئيس تكتل «إحياء ليبيا» أعلن نيته الترشّح للانتخابات.ومن بين الشخصيات المثير للجدل هو نجل القذافي ، حيث كانت تقارير صحفية تحدثت خلال الشهور الماضية عن احتمالية ترشح سيف الإسلام القذافي لانتخابات الرئاسة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115