في ظلّ التوتر المستمر: بوادر وساطة إقليمية صعبة لتسوية الأزمة اللبنانية-الخليجية

يبدو أن الأزمة اللبنانية الخليجية التي شهدت تصعيدا دبلوماسيا غير مسبوق في الآونة الأخيرة إثر تصريحات صادرة عن وزير الإعلام

في حكومة نجيب ميقاتي ، جورج قرداحي والتي قال فيها أنّ الحوثيين في اليمن «يدافعون عن أنفسهم ضدّ اعتداءات السعودية والإمارات» مما أثار غضب المملكة العربية السعودية وجيرانها الخليجيين.
دفعت التصريحات -التي صدرت قبل تعيين قرداحي وزيرا للإعلام - الرياض وباقي الدول الخليجية إلى سحب سفرائها من لبنان والقيام بخطوة مماثلة في حق السفراء اللبنانيين على أراضيها في أقوى أزمة دبلوماسية مٌعلنة بين الجانبين في الوقت الراهن . ولم يقتصر على سحب السفراء فقط بل أعلنت الرياض عن وقف كافة الواردات اللبنانية إلى السعودية، مما ستنجر عنه وفق مراقبين خسائر فادحة من شأنها مزيد تعقيد الأزمة الاقتصادية في بلاد الأرز .
وقد أثارت الأزمة ردود فعل داخلية وأخرى إقليمية ودولية إذ أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاني الذي يشارك في قمة المناخ في غلاسكو أنه طلب من قرداحي ، عقب القرار السعودي ، تقدير المصلحة الوطنية «واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية».كما جدد الرئيس اللبناني ميشال عون تأكيد حرصه على «إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع السعودية الشقيقة».
ودعا في بيان صدر عن الرئاسة إلى «مأسسة العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبب بأزمة بين البلدين سيما وأن مثل هذا الأمر تكرر أكثر من مرة».
من جهته أكد مفتي الجمهوية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان،أن لبنان ودار الفتوى حريصان على «أفضل مستوى ممكن» من العلاقات مع دول الخليج، مشددا على أن التعرض لهذه الدول «مرفوض».
وقال دريان إن «التعرض للمملكة العربية السعودية ولدولة الإمارات العربية المتحدة ولسائر دول مجلس التعاون الخليجي مرفوض من أي كان مهما علا شأنه، إلا من له نوايا سيئة ويحمل في نفسه البغضاء والحقد والضغينة لدول قدمت للبنان الكثير من الدعم على مدى عقود»، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام. وأضاف أن «لبنان ودار الفتوى يدينان ويشجبان ويستهجنان أي إساءة لهذه الدول، التي نريد أن تكون علاقاتنا معها على أفضل مستوى ممكن».
وتابع: «إننا بانتظار المعنيين في الدولة اللبنانية حتى يقدموا على تصحيح ما ارتكب بحق الإخوة الأشقاء لطي صفحة هذا الموضوع وعدم العودة لمثله حتى نتجنب الكثير من القضايا التي تؤثر سلبا على لبنان واللبنانيين».
موقف سعودي
حول الأزمة الناجمة عن تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، قال ابن فرحان، إن السعودية توصلت إلى أن التعامل مع بيروت «لم يعد مثمرًا أو مفيدًا».واعتبر أن «الأمر أكبر من تصريحات وزير واحد، إنه مؤشر على الحالة التي وصلت إليها الدولة اللبنانية».
وذكر أنه «مع استمرار سيطرة حزب الله على المشهد السياسي ومع ما نراه من امتناع مستمر من هذه الحكومة والقادة السياسيين اللبنانيين عامة عن تطبيق الإصلاحات والإجراءات الضرورية لدفع لبنان باتجاه تغيير حقيقي، قررنا أن التواصل لم يعد مثمرا أو مفيدا، ولم يعد في مصلحتنا».
وتابع: «تصريحات الوزير (قرداحي) عرض لواقع، أن المشهد السياسي في لبنان ما زال يسيطر عليه حزب الله، وهو جماعة إرهابية، تقوم بتسليح ودعم وتدريب ميليشيات الحوثيين».
محاولات وساطة
يشار إلى أن أزمة سابقة كانت قد اندلعت بين الجانبين اللبناني والسعودي استقال إثرها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية شربل وهبة من مهامه في 19 ماي الماضي ، وذلك على خلفية تصريحات مثيرة للجدل اعتبرت مسيئة للسعودية ولدول الخليج. ويرى مراقبون أن الداخل اللبناني رغم انقسامه يعمل لدفع قرداحي على الاستقالة امتصاصا للغضب الخليجي وامام عدم ظهور بوادر قريبة لإستقالته تسعى بعض الأطراف الداخلية والدول الإقليمية لبدء وساطة بين الطرفين بهدف إعادة العلاقات إلى مجراها الطبيعي . إذ أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أنه سيوفد وزير خارجيته الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت قريباً للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة، لا سيما معالجة الأزمة اللبنانية-الخليجية. جاء ذلك خلال لقاء الشيخ تميم مع رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ في مدينة غلاسكو باسكتلندا، حسبما ما أفاد به المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء اللبنانية.وأضاف المكتب الإعلامي أن رئيس الوزراء اللبناني اجتمع كذلك مع نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في حضور وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح.
وخلال اللقاء، أكد ميقاتي على «حرص لبنان على العلاقة الوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي والعمل على معالجة أي ثغرة تعتريها بروح الأخوّة والتعاون».بدوره، أكد رئيس وزراء الكويت «حرص بلاده على لبنان وسعيها المستمر لدعمه في كل المجالات، وفي الوقت ذاته حرصها على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي».وشدّد رئيس وزراء الكويت على «أن لبنان قادر بحكمته على معالجة أي مشكلة أو ثغرة وسيجد كل الدعم المطلوب من الكويت وسائر الدول العربية».
وتثير هذه القطيعة التي جاءت -وفق متابعين نتيجة تراكمات سابقة بين البلدين استمرت عقودا طويلة - مخاوف لدى الشعب اللبناني خشية التأثيرات من العزلة الاقتصادية التي ستزيد حدتها إثر قرارات تعليق التوريد لدول الخليج، في وقت يعيش فيه الإقتصاد اللبناني أتعس فتراته في ظل أزمة حادة هي الأسواء في تاريخه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115