روما تحتضن قمة مجموعة العشرين: مصالحة أمريكية فرنسية تدعم النفوذ العسكري الفرنسي في إفريقيا

تنعقد قمة مجموعة العشرين في روما يومي 30 و31 أكتوبر يوما قبل انطلاق قمة كوب 26 حول المناخ في إسكتلندا. وقد عمل ماريو دراغي

رئيس الحكومة الإيطالية على إنجاح اللقاء بعد أن تحكم بصورة فعالة في الشأن الداخلي وشرع في إصلاحات إدارية مهمة لإخراج إيطاليا من الأزمة الصحية والاقتصادية التي عاشتها خلال السنتين الأخيرتين.
ويجتمع زعماء الدول الغنية في «منطقة حمراء» حول قصر المؤتمرات بالعاصمة منعت على الجمهور والمارة. وقد جندت الحكومة الإيطالية 2000 شرطيا و500 جنديا سربا من طائرات الهليكوبتر ومن الدرون لحماية الموقع. تأمل روما في أن تنجح الدول العشرين في تحقيق تقدم في المسائل الثلاث المطروحة على طاولة المفاوضات المتعلقة بالأزمة الصحية العالمية والتنمية المستدامة والمناخ.
ولوحظ غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني سي جين بينغ عن القمة في غيابين يرجعان لأسباب التوترات الحاصلة على المستوى الدولي والمتعلقة بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بشأن جزيرة تايوان كذلك ملف النفوذ الروسي في أفغانستان الجديد وفي سوريا وفي افريقيا. حسب الملاحظين في بروكسل سوف يؤثر هذا الغياب سلبيا على مخرجات القمة خاصة في مسائل مقاومة الاحتباس الحراري والتعاون الدولي الذي يشكل محور اختلاف بين الصين والولايات المتحدة خاصة وأن برلمانيين من 21 دولة نظموا يوم 29 أكتوبر اجتماعا في روما على هامش القمة نددوا فيه بالسياسات الصينية في تايوان وعدم احترامها لحقوق الإنسان في الصين وفي هونغ كونغ. ويعتقد أن الصين لا ترغب في تغيير نسق الإجراءات المتعلقة بمقاومة الاحتباس الحراري وهو ما جعلها تعلن عن عدم مشاركتها في قمة روما وارسال بعثة دبلوماسية للمشاركة في كوب 26.
بين قمة العشرين وكوب 26
يبدو من جدول أعمال القمة أن التركيز على قضية المناخ والتنمية المستدامة يدخل مباشرة في تحضير وتنسيق المواقف حول قمة كوب 26 التي تنطلق مباشرة بعد قمة روما. وإن أتى الرئيس الأمريكي جو بايدن فارغ اليدين إلى القمة فإن الظروف الدولية المتأزمة بين الدول المشاركة لا تخدم إنجاح قمة غلاسكو التي تتوقف عليها مشاريع التنمية القادمة والتحول الإيكولوجي المبرمج على صعيد الدول الغربية والبلدان الغنية. من ناحية أخرى، إنجاح قمة كوب 26 يتطلب تجاوز الخلافات بين واشنطن وباريس في مسألة ابطال صفقة الغواصات الفرنسية مع أستراليا وتغيير استراتيجية واشنطن في منطقة المحيط الهادي من ناحية وبين لندن وباريس في معركة الصيد البحري في المياه البريطانية من ناحية أخرى.
الملاحظ من اللقاءات الجانبية أن المسائل التي سوف تأخذ حظا في النفاش تتعلق أساسا باجتياز جائحة كورونا وتنسيق المواقف من أجل منح دعم كبير للدول النامية حتى تتمكن المجموعة الدولية من التحكم في انتشار الفيروس. وهو الرهان الحقيقي الذي يسمح للاقتصاد الدولي باسترجاع عافيته. وسوف تكرس القمة ما تمت دراسته في إطار اجتماع منظمة الصحة العالمية في روما في شهر ماي الماضي ومشروع «الميثاق مع إفريقيا» الذي يدعم الاستثمار لفائدة الصناعات الصغرى والناشطين لحماية البيئة والتنمية المستدامة. وسوف يتمكن زعماء الدول من بلورة الخطى المستقبلية في تنفيذ قرار فرض ضرائب بنسبة 15% على الشركات العالمية الكبرى وفي مقدمتها شركات «غافام» الالكترونية.
المصالحة الأمريكية الفرنسية
الحدث المهم الذي لقي صدى في الصحافة الدولية هو «المصالحة» الأمريكية الفرنسية بعد أزمة الغواصات الأسترالية والتي أوشكت على استفحال أزمة دبلوماسية بين البلدين الحليفين. وقد تمكنت الإدارتان الفرنسية والأمريكية من التحرك تدريجيا نحو حلحلة المسائل المتعلقة باستثناء فرنسا من الحلف الدولي في المحيط الهادي الذي تعتبر باريس أنه يمس من السيادة الفرنسية في المنطقة خاصة أن لها أراضي ما وراء البحار ترابط فيها قوة عسكرية تقدر بسبعة آلاف جندي وهي معنية بأي تحرك استراتيجي فيها.
بعد المكالمة الهاتفية مع جو بايدن ومصافحة ماكرون للرئيس الأمريكي في لقاء روما تشيران إلى أنه حصل على ما يرغب فيه من «تعويض استراتيجي» مع استحالة التراجع عن الغاء صفقة الغواصات. فقد أعلن راديو فرنسا الدولي أن الرئيس الأمريكي وافق على دعم النفوذ الفرنسي في افريقيا ومد باريس بدعم استخباراتي مكثف لمساعدتها على مقاومة الحركات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي. وذكرت الإذاعة الفرنسي أن جو بايدن أعلن للرئيس ماكرون أن «فرنسا تبقى عنصرا أساسيا في الإستراتيجيات الأمريكية» وهو ما يكرس الدور الفرنسي في تقاسم السلطة على المستوى الدولي خاصة في «مناطق نفوذ فرنسا التقليدية».
يبقى الخلاف مع بريطانيا العظمى في مسألة الصيد البحري في المياه الإقليمية والذي سوف يكون محور اللقاء بين إيمانويل ماكرون وبوريس جونسن. ويعتقد الملاحظون أن تسوية النزاع بين واشنطن وباريس سوف تفضي، بالرغم من حدة التصريحات بين مسؤولي فرنسا وبريطانيا وعدم الثقة بين الطرفين، إلى التوصل إلى حل توافقي يمكنهما من اجتياز عقبة مخلفات «البركسيت».
قمة روما لن يكون لها وقع عالمي على مجريات الأحداث لكنها، بالنسبة للجانب الإيطالي، فرصة لفرض دور إيطالي متجدد سمح به نجاح رئيس الحكومة ماريو دراغي في تنظيم القمة في روما وفي استرجاع الاقتصاد الإيطالي لعافيته ودخوله، في مدة قياسية، في تسجيل نسبة نمو إيجابية، بعد حالة ركود مخيف، لم تكن في حسبان أي مسؤول دولي السنة الماضية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115