في ختام الجولة الرابعة من الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن: «انتهاء المهمة القتالية» للقوات الأمريكية.. بين الترحيب والتشكيك

اتفق الجانبان العراقي والأمريكي أمس الأول على انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من البلاد في نهاية العام الجاري 2021 وذلك

بعد سلسلة من الحوارات الإستراتيجية بين البلدين امتدت على سنوات. ويأتي الإنسحاب الأمريكي المقرر في نهاية العام من العراق بعد عقود من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .
ووفق البيان الختامي الصادر عن حكومتي البلدين إثر جولة الحوار الإستراتيجي الرابعة والأخيرة بينهما، إتفق الجانبان على انسحاب جميع القوات الأمريكية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الجاري 2021.
واتفق الوفدان، على انتقال العلاقة الأمنية بين البلدين « بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباري، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 ديسمبر 2021»، وفق البيان.وتزامن صدور البيان الختامي مع انتهاء مباحثات أجراها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض. وقد انتهت الجولة الرابعة والأخيرة للحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بهذا الإتفاق الذي لاقى ترحيبا كبيرا من الداخل وفي الإقليم أيضا خاصة من الجانب الإيراني .
ولئن واجه الحوار الذي انعقد بين الطرفين انتقادات وحملة من التشكيك في نتائجه على المديين القريب والبعيد.إلا أن الترحيب رافق الجولة الرابعة والأخيرة لهذا الحوار الذي ضم خبراء وسياسيين من الجانبين العراقي والأمريكي، في وقت تواجه فيه العلاقات بينهما تحديات عدة على علاقة بملف الإرهاب وانسحاب القوات الأمريكية المتمركزة في البلاد منذ عام 2003 بعد الإطاحة بنظام صدام حسين وفي علاقة بما يتعلق بموضوع حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في العراق (المنطقة الخضراء) من الهجمات الصاروخية.
يشار إلى أنه منذ 2014، تقود واشنطن تحالفا دوليا لمكافحة «داعش»، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 أمريكي.
ترحيب داخلي وارتياح إقليمي
وأثار الاتفاق ردود أفعال مرحبة بالأساس بهذه الخطوة حيث أبدى مسؤولون عراقيون وقوى سياسية مؤثرة في المشهد العراقي ترحيبهم بالاتفاق الذي جرى بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن، وقال الرئيس العراقي برهم صالح وفق وسائل إعلام إن «نتائج الحوار الاستراتيجي العراقي الأمريكي مهمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز السيادة العراقية، وتأتي ثمرة عمل حثيث من الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، وبدعم القوى الوطنية، وتستند إلى مرجعية الدولة».وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ، إن بلاده «حققت إنجازاً كبيراً» باتفاق انسحاب القوات القتالية الأمريكية وأنها تخطو نحو تحقيق كامل قدراتها، ونجحت دبلوماسيا وسياسيا بإنجاز الاتفاق الاستراتيجي مع واشنطن ضمن متطلبات المرحلة الجديدة’’.
وقد أثار الإتفاق الأمريكي العراقي حول الإنسحاب العسكري الأمريكي ردود أفعال مرحبة إذ رحّب «تحالف الفتح» (47 مقعدا في البرلمان العراقي من أصل 329)، ويضم أغلب فصائل «الحشد الشعبي» المناهضة لوجود القوات الأمريكية في بيان، بالاتفاق المبرم بين الكاظمي وبايدن، معتبراً في بيان أنه «خطوة إيجابية متقدمة باتجاه تحقيق السيادة الوطنية الكاملة».
من جهته، أبدى «تحالف النصر» (42 مقعداً في البرلمان)، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في بيان، تأييده لاتفاق الانسحاب، واعتبره «انتصاراً للعراق ومصالحه وسيادته». فيما شدد زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر على وجوب وقف العمل العسكري لـ «المقاومة» ضد القوات الأمريكية، بالتزامن مع اتفاق الانسحاب الأمريكي.وطالب الصدر في بيان له بـ«وقف العمل العسكري للمقاومة مطلقا، والسعي إلى دعم القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة لاستعادة الأمن وبسطه على الأراضي العراقية، وإبعاد شبح الإرهاب والعنف والمتطفلين وأدعياء المقاومة».
مرحلة مابعد الإنسحاب
يشار إلى أن العراق أكد منذ فيفري 2020 على بدء الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من 15 قاعدة عسكرية متواجدة على الأراضي العراقية، وذلك إثر تصويت جريء قام به مجلس النواب العراقي في شهر جانفي 2020 صادق خلاله على قرار نيابي يتضمن إلزام الحكومة العراقية بإلغاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي، وإلزام الحكومة العراقية بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية.
يأتي هذا التأكيد الرسمي العراقي أمس انتهاء الإنسحاب الأمريكي موفى العام الجاري ، مع العلم أن البرلمان أعلن يوم 5 جانفي 2020التصويت بالأغلبيّة على قرار يطالب الحكومة بإنهاء تواجد أي قوّات أجنبيّة على الأراضي العراقية وذلك على خلفية الغارة التي نفذها البنتاغون في العراق واستهدفت الرجل الثاني في إيران الجنرال قاسم سليماني وعددا من قادة الحشد الشعبي العراقي ماخلّف غضبا محليا وإقليميا حادا.
وتضع التطورات العسكرية التي شهدتها المنطقة العربية منذ استهداف أمريكا للجنرال سليماني وردّ إيران بقصف قاعدتين عسكريتين في العراق ، تضع هذه التطورات العراق أمام خيارات محدودة أولهما السير قدما في قرار إخراج القوات الأجنبية وتحمل مايترتّب عن ذلك من نتائج ، أو حصر دور القوات الأجنبية في تدريب القوات الأمنية العراقية ومساعدتها على ملاحقة «الدواعش» وذلك يتم بالعودة إلى قرار سبق طرحه أمام البرلمان العراقي وينصّ على ذلك.
ورغم أنّ الحكومة العراقيّة ذهبت إلى الخيار الأول رغم ما قد يترتب عنه من تنفيذ أمريكا لتهديداتها بفرض عقوبات قاسية على العراق ، يرى البعض أنّ هذا القرار قد يضع العراق في مسار جديد لإعادة ترتيب بيته الداخلي والخارجي والنأي بنفسه عن التجاذبات الخارجية وحماية سيادته من الانتهاكات المتكررة.
يشار إلى أنّ عدد الجنود الأمريكيين المتواجدين على الأراضي العراقية وصل إلى 170 ألفا، قبل الانسحاب نهاية عام 2011، وبقي بعد الاتفاق أعداد متواضعة، تقدر بنحو 5 آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي ويضمّ عسكريين من مختلف الجنسيات أغلبهم أمريكيون .
ويرى متابعون أنّ المشهد الراهن وتطورات سحب القوات الأمريكية خاصة سيجعل المنطقة على شفى متغيرات قريبة على علاقة بالصراعات الإقليمية والدولية الراهنة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115