جو بايدن في أول لقاء يجمع بين الزعيمين منذ تولي الأخير الحكم في الولايات المتحدة الأمريكيّة خلفا للرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب. وتنعقد القمّة الحالية وسط توتّر غير مسبوق في العلاقات بين موسكو وواشنطن، ورغم أنّ التفاؤل ضئيل من نتائج هذا اللقاء إلا أن البعض يعتبر الخطوة فعالة لإزالة البرود الطاغي على العلاقات بين الطرفين حيث اعتبر الخبراء أنّ جلوس الرئيسين إلى طاولة النقاش قد يحمل نتائج غير متوقعة.
وسيلتقي الزعيمان للمرة الأولى منذ تولي بايدن الرئاسة، في الوقت الذي وصلت فيه العلاقات بين البلدين لأدنى مستوياتها منذ عقد من الزمن نتيجة عدة ملفات خلافية .وقال يوري أوشاكوف مستشار بوتين للسياسة الخارجية للصحفيين إنه تم تأكيد جدول الأعمال -باستثناء البيانات الختامية- في اتصاله الهاتفي مع جيك سوليفان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي.وأضاف أن جدول الأعمال يشمل قضايا الاستقرار النووي وتغير المناخ والأمن الإلكتروني ومصير مواطنين أمريكيين وروس مسجونين لدى كل من البلدين.وقال أوشاكوف للصحفيين في تصريحات سُمح بنشرها «لست متأكدا من التوصل إلى أي اتفاقات. أنظر إلى هذا الاجتماع بتفاؤل عملي».
وسيعقد الرئيس الأمريكي مؤتمرا صحفيا منفردا بعد اجتماعه مع نظيره الروسي في جنيف، ليحرم بذلك رجل المخابرات الروسية السابق من منبر دولي رفيع المستوى يوجه من خلاله الانتقادات للغرب ويبث الفرقة في صفوفه.وفي عام 2018، تسبب أداء بوتين المتقن في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في صدمة، عندما شكك ترامب في نتائج توصلت إليها أجهزة مخابراته وأثنى على الرئيس الروسي.
من جانبه، صرح بايدن أن الولايات المتحدة تريد علاقة «مستقرة ويمكن التوقع بتطوراتها « مع روسيا ولا تسعى للصراع. وأكد البيت الأبيض مراراً على أنه لا يريد أن يكافئ بوتين بالقمة وأن اجتماعا وجها لوجه مهم للغاية بسبب الخلافات بين الدولتين.ومن المتوقع أن يناقش الزعيمان تبادل السجناء، بما يشمل مبادلة جنديين سابقين بمشاة البحرية الأمريكية محتجزين في روسيا بسجناء روس في الولايات المتحدة. وقال محام في العام الماضي إن تاجر السلاح الروسي فيكتور بوت ضمن السجناء الذين تريد موسكو إطلاق سراحهم.
جمود العلاقات
وتتسم العلاقات الأمريكية الروسية منذ عقود طويلة بعدم التوافق سواء من جهة التنافس على مستوى حرب النفوذ في العالم اقتصاديا وسياسيا وجيواستراتيجيا، أو على صعيد التحالفات والسياسات تجاه ملفات حارقة تؤرق العالم . وكان من بين نقاط الخلاف التي أججت الصدام بين الجانبين في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب التدخل الروسي في مسار الإنتخابات، والتأثير على النتائج التي مكنت ترامب من الوصول إلى البيت الأبيض على حساب الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016 .
ورغم التفاؤل الذي رافق وصول بايدن إلى الحكم بعد الإنتخابات الأخيرة، إلا أن الإتهامات والصدام استمر بل زادت حدته مؤخرا بعد أن وصف بايدن نظيره الروسي بوتين بـ«’القاتل»،واتهم روسيا بالضلوع في أنشطة غير مقبولة على جبهات متعددة. وتحدث أيضا عن «معضلات» روسيا إثر انهيارها الاقتصادي بعد الحقبة السوفيتية، وعما وصفه بتجاوزها في سوريا ومشكلاتها مع كوفيد-19.
ولعلّ الملف الأوكراني وضم موسكو لشبه جزيرة القرم والرفض الغربي الذي رافق ذلك ،يبقى من بين أهم الملفات المتنازع عليها بين موسكو وأمريكا والدول الأوروبية . وزاد التشنج في العلاقات بين روسيا والغرب قضية المعارض الروسي نافالني ومعارض الأوربيين لعملية اعتقاله .
ومن بين نقاط الخلاف الكبير بين واشنطن وموسكو الجائحة الدولية التي اجتاحت العالم وسباق اللقاحات الذي تصدرته روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في حرب إقتصادية كبرى تضاف الى حرب النفوذ بين الدولتين منذ عقود طويلة . ويربط متابعون خلافات واشنطن وموسكو بالتحالف بين روسيا والصين العدو الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية حرب زعامة إقتصادية بينهما. كما ستتناول القمة الاستقرار النووي الاستراتيجي وتدهور العلاقات بين الكرملين والغرب.ويُتوقع أن تكون المناقشات بين الرئيسين صعبة. كما سيعرض بايدن على الأرجح خلال القمة العديد من الشكاوى الأمريكية حيال فلاديمير بوتين، بما في ذلك الشكوك في تدخل روسي في الانتخابات الأمريكية وهجمات إلكترونية.