أي مشهد سياسي ينتظر الجزائريين بعد العزوف الانتخابي ؟

أسدل الستار عن الانتخابات الجزائرية التشريعية الأولى بعد إسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة دون أن تتعدى نسبة

المشاركة الـ 30,20 % فقط، وهي نسبة ضئيلة تكشف عن حجم المقاطعة الواسعة من قبل الجزائريين وأحزاب المعارضة . وقد اختار الناخبون بين 2288 قائمة - أكثر من نصفها «مستقلّة» – تنافست على 407 مقعدا في مجلس الشعب الوطني لمدّة خمس سنوات.
وتعد هذه الانتخابات التشريعية الأولى منذ انطلاق الحراك في 22 فيفري 2019 .
والمفارقة الأهم في هذا الاستحقاق هي الحجم الهائل للمترشحين المستقلين مقابل نسبة اقتراع هزيلة جدا. وهذا يؤشر الى ان نسبة كبيرة من الشعب الجزائري فقدت ثقتها في الأحزاب الحاكمة التقليدية وبمبدإ الاقتراع بشكل عام بالنظر الى حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الجزائر مؤخرا .
مقاطعة متوقعة
كما ان نسبة المشاركة تراجعت عما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 والتي فاز بها عبد المجيد تبون بنسبة 40 % فقط من الأصوات.
ويرى عديد المراقبين ان نسبة المقاطعة كانت متوقعة وذلك رغم محاولة الرئيس عبد المجيد تبون التقليل من أهمية هذا العزوف الانتخابي قائلا ان المهم هو «أنّ من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعيّة الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعيّة».
وقد سبقت عملية الاقتراع موجات رفض واسعة من قبل الأحزاب العلمانية واليسارية ودعت الى مقاطعتها واصفة إياها بالمهزلة الانتخابية . خاصة انها لا تستجيب لمطالب الحراك الرئيسية وهي القانون والانتقال الديموقراطي والسيادة الشعبية والعدالة المستقلة.
والجدير بالذكر ان الجزائر عاشت خلال الأشهر الماضية على وقع محاولات من السلطة لقمع الاحتجاجات والتظاهرات وزيادة الملاحقات القضائية بحق المعارضين ونشطاء الحراك من صحافيين ومحاميين ونخبة وشباب.
وينتظر أن تعلن السلطة المستقلة عن النتائج خلال الساعات القادمة، لكن كل المؤشرات تؤكد على تصدر الأحزاب الوطنية التقليدية مع فارق ضئيل بينها وبين باقي الأحزاب. ووفق صحيفة النهار الجزائرية فان النتائج الأولية في عدة ولايات شمالية بينت أن أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم فازت في عدة دوائر متبوعة بحركة البناء الوطني (اسلامي) وجبهة المستقبل (وسط) إلى جانب مستقلين.
وخلال العهدة السابقة للمجلس الشعبي الوطني المحل كان حزب جبهة التحرير الوطني الأول بـ 160 نائبا، متبوعا بالتجمع الوطني الديمقراطي (100 نائب)، ثم حركة مجتمع السلم (35 نائب) وتأتي أحزاب أخرى بمقاعد أقل.
نظام القائمة المفتوحة
وقد وقع الاعتماد في هذه الانتخابات على نظام القائمة المفتوحة لأول مرة، وهذا الشكل الانتخابي يمكّن الناخب من ترتيب المترشحين داخل القائمة الواحدة حسب ارادته خلافا للقائمة المغلقة التي كانت تفرض على الناخب اختيار القائمة كما هي. ويتم فرز أصوات القائمة المفتوحة على مرحلتين، الأولى بتحديد القوائم الفائزة التي تجاوزت عتبة 5 بالمائة من الأصوات في كل ولاية والتي يشترطها القانون لدخول السباق على المقاعد المخصصة لكل ولاية.
أما المرحلة الثانية فيعاد فيها من جديد احتساب الأصوات لمعرفة المرشح الذي حصل على أكبر عدد منها داخل كل قائمة وفق ترتيب تنازلي مع مرشحي القوائم الأخرى الفائزة لتحديد من له حق الظفر بالمقاعد. وفي حال تساوي عدد الأصوات بين المترشحين يفوز الأصغر سنا وفق قانون الانتخابات، كما تفوز المرأة في حال تساوي أصواتها مع مرشح رجل.
وفي كل الحالات لن يكون البرلمان هو مركز القوة في الحياة السياسية الجزائرية لان النظام الجزائري الرئاسي يبقى فيه ساكن المرادية هو قطب الرحى وصاحب الكلمة الأخيرة مسنودا من المؤسسة العسكرية .
ومهما يكن من أمر فان الجزائريين أمامهم تحديات كبرى في ظل نظام انتقالي صعب وشائك ومعقد وفي محيط إقليمي مليء بالنزاعات والأزمات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115