بوساطة عراقية: تقارب إيراني -سعودي مُتوقّع ... ومتغيرات مُرتقبة في الشرق الأوسط

دارت بين السعودية وإيران منذ عقود طويلة حرب دينية شيعية سنية كان من بين أهم أسبابها صراع حول النفوذ بين الطرفين

في المنطقة العربية مما جعل العلاقات بين البلدين تُصنّف في خانة العداء المُعلن. وزاد سير إيران نحو امتلاك السلاح النووي هلع الدول الخليجية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية . إذ يرى مراقبون أن الحروب بالوكالة بين طهران والرياض وحلفائهما في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان كانت الفتيل الذي أجّج نيران الصدام بين الجانبين.
وتناقلت مصادر عربية وغربية مؤخرا أنباء عن اجتماع احتضنته العاصمة العراقية بغداد بين وفدين من الجانبين الإيراني والسعودي بعد سنوات من العداء؟ ونقلت وسائل إعلام غربية عن مصادر متعددة أن بغداد استضافت يوم 9 أفريل جولة أولى من محادثات مباشرة بين وفدين من السعودية وإيران تطرقت إلى الأوضاع في اليمن ولبنان والمنطقة بصفة عامة ، وهي خطوة اعتبرها مراقبون قد تكون بداية تقارب بين الجانبين بعد عقود طويلة من صراع ديني بين السنة والشيعة في المنطقة العربية وما أنتجته من حرب بالوكالة بين حلفاء السعودية وحلفاء إيران في عدة دول.
ومن بين أصداء الاجتماع الذي لم يعلن عنه كان الترحيب الصادر عن روسيا حليفة طهران التي أكدت أنها سترحب بأي تقارب بين السعودية وإيران، معتبرة أن هذه العملية ستؤثر إيجابيا على الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط.
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري خيام الزعبي لـ«لمغرب» أنّ أمرين مترابطين كانا سببا في إعادة موضوع المصالحة السعودية الإيرانية ، الأول هو بروزه مجدداً على الساحة الإعلامية بشكل كبير، والثاني وهو الأهم دوره في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد من خلال حسم ملفات عدة في المنطقة، فالمتتبع لتطورات الأحداث الحالية التي تتفاعل على الساحة السعودية الإيرانية يدرك جيداً تصاعد وتيرة الجهود التي تبذلها قوى إقليمية ودولية عديدة للوصول الى حوار مباشر بينهما، ومن هذا المنطلق يرى الكثير أن المصالحة السعودية الإيرانية، رغم التعقيدات الحاصلة في المشهد السياسي، إلا أنها ما تزال ذاهبة باتجاه خلق مزيد من الانفراجات في الحوار وفق تعبيره
وساطة عراقية
وأضاف محدثنا «هناك جهود عراقية تحاول تسهيل الاتصالات بين السعودية وإيران، خاصة أن العراق سبق أن حققت نجاحات كبيرة في «تسهيل الاتصالات» بين إيران ومصر وإيران والأردن. كما أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي «يريد شخصياً أن يلعب دوراً في تحويل العراق إلى جسر بين الدول المتنافرة». وهو ما يعطي مؤشرات أولية على احتمالات نجاحها، وذلك لارتباطها بسببين وهما: أنها لم تجرِ في مسقط ولا في الدوحة، ولا في عواصم أوروبية، علماً أن مسقط والدوحة، إلى حد ما، تُعتبران من العواصم العربية المرشحة لمثل هذه المباحثات، والسبب الثاني أن تلك المباحثات تنسجم مع التكوين السياسي والأمني لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القادم من المؤسسة الأمنية، وهو ما يعني أن بغداد الكاظمي تحظى بثقة وقبول سعودي وإيراني، خلافاً للحكومات العراقية السابقة» وفق تعبيره .
وتابع محدثنا «من غير المستبعد أن تكون حساسية البنية التحتية النفطية في السعودية (للضربات) قد أثرت في قرار السعودية التفاوض مع إيران وجهاً لوجه. ومع ذلك، كان من الواضح أن العامل الرئيسي الذي أثر في قرار السعوديين هو استعداد إدارة الرئيس الأمريكي بايدن لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات مجدداً واستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة من أجل تقليل التوترات في الشرق الأوسط. مما يعني نتائج سلبية جديدة لبعض دول الاقليم في المنطقة «الكيان الصهيوني» الإرهابي الذي يبذل كل ما في وسعه لتأجيج هذا الخلاف حتى لا يحدث أي تقارب حتى ولو كان طفيفاً سواءً على المستوى السياسي أو الدبلوماسي».
وبخصوص رد فعل «اسرئايل» عن أي تقارب بين الجانبين أجاب الزعبي «بعد سلسلة من اتفاقيات السلام مع الدول العربية التي تم إطلاقها بوساطة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، أبدت سلطات الكيان الصهيوني مراراً رغبتها في إقامة علاقات رسمية مع السعودية، مؤكدة على الحاجة إلى تفاعل كامل في مواجهة «التهديد الإيراني». ويرى محللون استراتيجيون وسياسيون إسرائيليون أن الحوار المباشر بين طهران والرياض يبطل فاعلية هذه الحجة الآن. وقد يعني نجاح الحوار في بغداد أن الجهود الإسرائيلية المناهضة لإيران، عسكريا ودبلوماسيا، لن تحظى بعد الآن بدعم واسع النطاق في الشرق الأوسط. فقد اختارت معظم الدول العربية الحوار لتحقيق أهدافها بدلاً من العنف والحرب».
وتابع «إن ثبات واستقرار هذه المنطقة رهن العلاقات الإيجابية بين كل من إيران والدول العربية وعلى الأخص الخليجية منها وان التنمية المستديمة في الدول العربية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال علاقات متينة وإيجابية وثابتة ومستقرة مع جارتهم الكبرى إيران.فالمتوقع اليوم حصول انفراج في العلاقات السعودية- الإيرانية، لأن ما يجمع هذين البلدين مصالح مشتركة، وما يهدّدهما من مخاطر مشتركة أيضاً، وبالتالي فإن هذه التطورات تشير إلى وجود نوايا للتهدئة فيما يخص المسائل والقضايا الشائكة والمعقدة بين البلدين، إلا أنها لا تحمل حلولاً نهائية لها، كما أن الفترة المقبلة ستوضح مدى فاعلية هذه التحركات، وتأثيرها على إحتمالات التقارب أو التصعيد ومع هذا الإنفراج المرتقب ستشهد المنطقة إنفراجات متعدّدة في بعض الملفات الاقليمية والدولية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115