حادثة الطائرة المنكوبة: السيناريوهات بين فرنسا ومصر

رغم أن الأسباب الكامنة وراء حادثة سقوط الطائرة المصرية ،أمس الأول لاتزال مجهولة إلاّ أنّ السيناريوهات المُحتملة رجّحت أن يكون السبب «إرهابيا» لغياب أدلة مبدئية عن إمكانية حدوث عطل فني مفاجئ في الطائرة في رحلتها التي كانت متجهة من مطار «شارل ديغول» بالعاصمة الفرنسيّة باريس إلى مطار العاصمة المصريّة القاهرة .

وأكد التلفزيون المصري أول أمس سقوط الطائرة التي كانت تقل 56 راكبا و10 أفراد من طاقمها حيث تم العثور أمس على أجزاء من حطام طائرة شركة مصر للطيران المفقودة في مياه البحر المتوسط على بعد 290 كيلومترا شمالي مدينة الإسكندرية الساحليّة.
الترجيحات التي تلت سقوط الطائرة طغى عليها تغليب الطّابع «الإرهابي» ، إذ صرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه من غير المستبعد أن يحمل سقوط الطائرة بعدا «إرهابيا» ، في وقت قال فيه وزير الطيران المصري أن «فرضية العمل الإرهابي» واردة أيضا.
ويرى مراقبون أن الحادثة ستحمل معها تداعيات على الجانبين الفرنسي والمصري على حدّ سواء ، باعتبار أنّ فرضية «الإرهاب» ان وجدت ستكون تتمة لسلسلة الهجمات الإرهابية التي طالت كلا من فرنسا ومصر على حدّ سواء، فالأولى لازالت تعاني من تبعات إحداث

نوفمبر الدامية في حين لم يتعاف اقتصاد الثانية وسياحتها من آثار سقوط الطائرة الروسية التي تقل قرابة 224 شخصا قرب العريش وسط شبه جزيرة سيناء أكتوبر الفارط، وذلك بعد وقت وجيز من مغادرتها مطار شرم الشيخ المصري. يشار إلى أن القطاع السياحي المصري قد أصيب بهزة عنيفة اثر الحادثة باعتبار أن ثلث عائدات السياحة في مصر تتأتى من السياح القادمين من روسيا وبريطانيا ، وهو ما أدّى الى تسجيل خسارة تناهز 280 مليون دولار شهريا في ذلك الحين. وحاولت السلطات المصرية اثر الضربة القوية التي تلقاها اقتصادها والأزمة الخفية بينها وبين روسيا ،لملمة شتاتها والبحث عن سبل أخرى لتفادي الخسائر المسجلة عقب حادثة الطائرة. ويؤكّد محللون أن حادثة سقوط الطائرة أمس الأول ستزيد من ترنّح الاقتصاد والسياحة المصريين بعد أشهر من الخطوات الصعبة لإعادة الاستقرار إلى قطاعاتها المرتبكة واقتصادها الهشّ بعد فترة صعبة في السنوات التي تلت ثورة جانفي 2011 وشهد العام الماضي نموا فاق 4 % بعد أن كان 2 % في عام 2014.

بين مصر وفرنسا
ورأى متابعون للشأن الدولي أنّ السبب الكامن وراء حادثة سقوط الطائرة سواء كان فنيا أو «إرهابيا» ، سيستغرق وقتا لتتجاوز مصر أولا وفرنسا بدرجة اقل تبعاته وتداعياته.

وعلى صعيد متصل ستزيد هذه الحادثة أيضا من مخاوف فرنسا من هجمات إرهابية محتملة خصوصا مع قرب استضافة مدينة الأنوار لبطولة أمم أوروبا (ريو 2016 ) في الفترة ما بين يومي 10 جوان و10 جويلية المقبلين ، ممّا يفاقم التحدي الأمني المطروح أمام حكومة فرنسوا هولاند خصوصا وان البلاد تعاني أزمة اجتماعية خانقة واحتجاجات عمالية متزايدة ،كما ان فرنسا تعيش على وقع الاستعدادات لحملة انتخابية رئاسية يحاول من خلالها الرئيس هولاند طلب ثقة الفرنسيين لنيل ولاية ثانية.

كما تتزامن الحادثة مع إعلان السلطات الفرنسية تمديد حالة الطوارئ التي تم إعلانها عقب تفجيرات نوفمبر الإرهابية ، حيث وضعت باريس المناطق الحساسة والمواقع الهامة تحت مراقبة امنية مشدّدة وعلى رأسها المطارات ، وهو مااعتبره مراقبون انه تحدّيا خطيرا لحكومة هولاند خصوصا في حال ثبوت أن الحادث ناتج عن عمل «إرهابي».

كما ربط مراقبون حادثة الطائرة المصرية بالحادثة التي طالت الطائرة الروسية في أكتوبر 2015 ، ماتبعها من تشكيك وانتقادات دوليّة للإجراءات الأمنيّة بالمطارات المصرية ، بضرورة إلقاء الضوء على هذه النقطة في التحريات باعتبار أن الطائرة كانت قادمة من مطار «شارل ديغول» بالعاصمة الفرنسية باريس.

الحادثة خلفت جدلا أيضا لدى الإعلام الفرنسي الذي طرح تساؤلات وفرضيات عدة في حال تبيّن أنّ السّبب وراء كارثة الطائرة المنكوبة «إرهابي بحت»وما يمكن أن ينجر عن ذلك من تأزيم للعلاقات بين القاهرة وباريس ، في وقت تنخرط فيه الدولتان في حرب ضدّ الإرهاب.

وقد تنعكس هذه الوضعية سلبا على المشهد السياسي و الأمني خصوصا وان فرنسا مقبلة على تنظيم إحدى اكبر التظاهرات الرياضية و الشعبية لكرة القدم...بالإضافة إلى أن هذه الفرضية قد تصب الزيت على نار جدل سياسي فرنسي داخلي مستعر يوجه فيه اليمين المعارض انتقادات لاذعة إلى اليسار الحاكم و يأخذ عليه عدم قدرته على اتخاذ القرارات اللازمة لحماية التراب الفرنسي ...وفد تكتسي هذه الانتقادات أبعادا سياسية حاسمة خصوصا وان فرنسا تعيش على وقع الاستعدادات لحملة انتخابية رئاسية يحاول من خلالها الرئيس هولاند طلب ثقة الفرنسيين لنيل ولاية ثانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115