المرأة هي نصف العالم

أحيا العالم امس العيد العالمي للمرأة والذي يصادف يوم الثامن من شهر مارس في كل عام . وهو اليوم الذي كرسته الأمم المتحدة ليكون

بمثابة تذكير للعالم بكل مجتمعاته وحضاراته بأهمية تعزيز حقوق المرأة وحضورها وتمكينها من كل النواحي الهامة باعتبارها نصف المجتمع ونصف العالم .
لقد جاء الاحتفال بهذه المناسبة كثمرة مسيرة طويلة من النضال الذي قادته النساء في عديد الدول حول العالم ، وفي محطات متشابهة . وما يجمع بينها الظلم والحيف واللامساواة الاجتماعية التي تُعرّض المرأة إلى أبشع أنواع الانتهاكات . وأقرّ هذا اليوم إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945. فيما يعتبر البعض أن اليوم العالمي للمرأة تمّ اقراره كرد واستجابة للحراك النسائي الذي وقع قبل عقود في الولايات المتحدة. . وتحديدا في عام 1856 حينما خرجت آلاف النساء العاملات في مجال النسيج للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار «خبز وورود». وطالبن بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
ورغم مرور عقود عن الحراك النسوي في جميع أنحاء العالم الا ان هناك فروقا كبيرة بينّة وشروخ متصاعدة بين المجتمعات الغربية والحداثية وبينها وبين المجتمعات الأخرى الأقل انفتاحا في ما يتعلق بحقوق المرأة .
والمفارقة ان الحروب التي شنّت في عديد دول المنطقة وفي بؤر التوتر كانت ضحيتها الأساسية النساء . ففي آخر تقرير صدر عن الشبكة السورية لحقوق الانسان تحدث عن أرقام خطيرة وصادمة في ما يتعلق بحجم الانتهاك الذي تتعرض له المرأة السورية فقرابة 9264 امرأة لا تزلن قيد الاعتقال او الاختفاء القسري . كما تمّ استهداف للنساء على خلفية عملهن. وتحدث التقرير عن أن ما لا يقل عن 67 حادثة استهدفت النساء على خلفية عملهن في الشمال الغربي والشمال الشرقي من سوريا منذ مارس 2020 حتى مارس 2021.
كما أشارَ التقرير إلى الانتهاكات الفظيعة المستمرة بحق المرأة السورية، وانتهاك حق المرأة في العمل، موضحاً أن الانتهاكات التي تعرضت اليها المرأة في سوريا خلال السنوات العشر الماضية منذ بداية الحراك الشعبي في مارس 2011 وبعد تحوله إلى نزاع مسلح داخلي في جويلية 2012 لم تحظَ بالقدر الكافي من الاهتمام الدولي والأممي، وذلك مقارنة مع الحجم المرعب لكثافة وتنوع أنماط تلك الانتهاكات بما فيها الانتهاكات الجسيمة والتي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضدَّ الإنسانية.
ووفقاً للتقرير لوحظَ تغيير جذري في أدوار المرأة، التي أصبحت تحمل مهام الرجل والمرأة معاً في أسرتها، كما أن المرأة نفسها قد تعرضت للانتهاكات الفظيعة. وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 92 سيدة قتلن بسبب التَّعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في المدة ذاتها. كما سجل التقرير ان تنظيم داعش الإرهابي ارتكب قرابة 3487 حادثة عنف واعتداء جنسي بحق النساء .
وما تنقله الأرقام والمؤشرات عن واقع المرأة السورية ينطبق أيضا على المشهد العراقي وعلى مشهد المرأة في اليمن وفي غيرها من أماكن الحروب.. دون أن ننسى المرأة الفلسطينية التي تحملت بلا منازع وعلى مدى عقود ضريبة قيام دولة الاحتلال في قلب فلسطين المحتلة .
اليوم وفيما يحتفي العالم بعيد المرأة العالمي بأشكال مختلفة وبتبادل التهاني والورود تظل الهدية الوحيدة التي تنتظرها آلاف النساء السوريات القابعات في مخيمات النزوح هي العودة الى ديارهن سالمات مع أسرهنّ وطي صفحة الحرب المؤلمة . فتحية الى المرأة السورية المناضلة في مخيمات النزوح في لبنان والأردن وتركيا وعلى الحدود السورية مع العراق ...تحية للمرأة الفلسطينية الصامدة في وجه غطرسة الاحتلال وقمعه وجرائمه وتحية لكل امرأة عربية ناضلت ولا تزال بشتى الأشكال لكي يصبح للمرأة صوت يخترق المسافات ويُسمع في كل المنابر العالمية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115