فرنسا تؤكد مواصلة تدخلها العسكري في بلدان الساحل الإفريقي: الهدف الأساسي لماكرون:«قطع رؤوس الجماعات الإرهابية»

انتهت قمة دول الساحل الإفريقي الخمس المجتمعة حضوريا في العاصمة التشادية نجامينا يومي 15 و16 فيفري 2021

بعد تدخل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اليوم الثاني للقمة عبر الإنترنات بارتياح الزعماء المشاركين من مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا. وقد أكد ماكرون على مواصلة فرنسا المشاركة في عملية «برخان» القتالية بعد أن تعددت الأصوات في البلدان الإفريقية، خاصة في مالي، وفي فرنسا مطالبة بإعادة النظر في مشاركة فرنسا في الحرب على الجماعات الإرهابية.
وصدرت نداءات في مالي قبل الانقلاب العسكري وبعده والذي أطاح بنظام الرئيس أبوبكر إبراهيم كايتا في 18 أوت 2020 مطالبة برحيل الجنود الفرنسية. وشهدت مالي مظاهرات عارمة قادها رجال دين تابعون لحركة الإخوان المسلمين ومعارضون سياسيون مطالبين بإرساء نظام ديمقراطي. في نفس الوقت اندلع جدل في فرنسا إثر تفاقم عدد القتلى في صفوف الجنود الفرنسيين هدفه دفع الحكومة إلى التراجع عن التدخل العسكري الذي قرره الرئيس السابق فرنسوا هولاند.
حدثين هامين
قمة نجامينا كرست هدفين أساسيين. الأول تمثل في قرار إيمانويل ماكرون مواصلة برنامج «برخان» مع تجديد استراتيجية التدخل ضد الحركات الجهادية.وأعلن خلال القمة أن الهدف الأساسي يتمثل في القضاء على قيادات المجموعات المقاتلة في مالي وفي منطقة الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي. وقد حصلت المخابرات الفرنسية على تسجيل فيديو يظهر اجتماعا شمال مالي لقيادات الجهاد الإسلامي التابعة لتنظيمي داعش والقاعدة وذلك إثر تصفية عبد القادر دروكدال زعيم القاعدة المحلي من قبل القوات الفرنسية. ويريد قصر الإيليزي التركيز على «قطع رأس» الأفعى من أجل التحكم في باقي الشبكة الإرهابية وشل حركتها قبل القضاء عليها.
ويتطلب هذا التوجه حشد الجهود من قبل البلدان الإفريقية لدعم قوة «برخان». ويأتي قرار نشاد بتجنيد 1200 عسكريا إضافيا في هذا الإطار العام. ولو أن الرئيس التشادي إدريس ديبي كان قد وعد برفع عدد الجنود التشاديين في قمة «بو» الفرنسية بدون تطبيق وعوده، فإن الوضع قد تغير بوجود مجموعات جهادية جديدة تسللت إلى ساحل العاج وإلى مناطق أخرى من وسط إفريقيا جعلت باريس تؤكد على ضرورة التسريع في تكثيف الجهود و العتاد للتصدي لتلك الحركات.
توسيع رقعة التدخل العسكري
وعملت فرنسا منذ أشهر على توسيع رقعة الدول المتدخلة من أوروبا حيث نجحت في إقناع بعد الدول الأوروبية مثل السويد وجمهورية التشيك وأستونيا من أجل المشاركة في قوة «تابوكا». وهي قوة قتالية مفتوحة للجيوش الأوروبية التي ترغب باريس في تشريكها في برنامج الحرب على الإرهاب. إضافة إلى ذلك تتولى قوات فرنسية وألمانية عمليات تدريب الجنود الأفارقة من مجموعة البلدان الخمس قبل إرسالهم إلى ساحة القتال.
وأطلقت القمة الإفريقية الساحلية نداء إلى بلدان خليج غينيا لتوسيع رقعة البلدان الإفريقية المشاركة في مقاومة الحركات الإرهابية التي أصبحت تبحث على توسيع رقعة تدخلاتها إلى أماكن أخرى جنوب وغرب القارة السوداء. وذلك يندرج في إطار تسليم مشعل مهام محاربة المجموعات الجهادية للبلدان الإفريقية خاصة أن تكلفة التدخل الفرنسي فاقت مليار يورو سنويا في ظروف أنهكت جائحة كورونا جهود الميزانية الفرنسية التي لا ترى مانعا في تقاسم مصاريف التدخل وتوسيعها على أكبر عدد ممكن من البلدان لتخفيف العبء.
إعادة النظر في الوجود العسكري الفرنسي
تدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القمة مما فتح الباب أمام إعادة النظر في مواصلة برنامج «برخان». وتسعى فرنسا منذ مدة الى تطوير قدراتها العسكرية في اتجاه استخدام طائرات «الدرون» ونظم المراقبة عبر الأقمار الصناعية لرصد تحركات المجموعات المقاتلة وتصفيتها عبر تدخل الطائرات دون طيار الحربية التي يمكنها قصف المقاتلين دون تدخل انساني على أرض القتال. وهو ما يمكن من تخفيف عدد المقاتلين الفرنسيين الذي بلغ 5600 جنديا موزعين على 10 قواعد عسكرية.
ويجمع كل الملاحظين العسكريين في فرنسا وفي إفريقيا على أن نجاح المخطط الفرنسي لن يتحقق في غياب حلين أساسيين. الأول يتمثل في وجود قوة عسكرية إفريقية قادرة على التدخل الناجع للقضاء على المجموعات المقاتلة المنتشرة في مساحة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي تفوق ضعف التراب الأوروبي. أما الحل الثاني فيتمثل في تنمية البلدان الإفريقية المعنية من أجل إعطاء فرص عمل للشباب الإفريقي الذي تستقطبه الجماعات الجهادية في غياب مواطن شغل قارة وسياسات تنموية حقيقية. ولا يعتقد الخبراء أن مبلغ 3،8 مليار يورو الذي تمكنت الأمم المتحدة من تجميعه لبعث مشاريع تنموية في الساحل الإفريقي قادر لوحده على حل المشكلة في غياب إرساء نظم ديمقراطية قادرة على القضاء على آفة الفساد المالي المستفحلة في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115