لبنان: في ذكرى اغتيال الحريري ... اللبنانيون ينتظرون العدالة

ارتبط يوم 14 فيفري في لبنان بذكرى أليمة هي ذكرى حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري مع 21 شخصا

عندما انفجر ما يعادل 1000 كيلوغرام من مادة «التي إن تي» أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج في بيروت. وكان من بين الشهداء وزير الاقتصاد اللبناني الاسبق باسل فليحان.
لا زال هذا اليوم المشؤوم يحوم بكل حزنه فوق لبنان ، وكأن دخان الانفجار قد تحول الى غمامة رمادية كبيرة أبت ان ترحل عن سماء هذا البلد. فمنذ ذلك التاريخ إلى حد اليوم لم يعرف لبنان وأهله الراحة والاستقرار، فهم لا يخرجون من أزمة الا ليدخلوا في أزمة أخرى أشد وأصعب . وكان أمل شرائح لبنانية واسعة بان تصل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى معرفة الحقيقة كاملة والى تحقيق العدالة ، ولكنها بعد مضي كل هذه السنوات على تأسيسها، اغلقت الملف بمتهم يتيم ووجهت أصابع الاتهام وشبهة الجريمة الى طرف سياسي معين ، الأمر الذي اعتبره البعض محاولة لمحاصرة حزب الله وتوظيف المحكمة لأهداف سياسية. وحتى الآن ما يزال قاتل الحريري ومن نفذّ جريمة القرن حرا طليقا ولازالت الأجهزة الاستخباراتية المتورطة في تلك الجريمة غامضة بالنسبة للكثيرين، وبالنسبة للبعض الآخر المتهم معروف اذ لا يمكن ابعاد العدو الإسرائيلي عن أي مخطط اجرامي لتدمير لبنان والمنطقة .

فإغراق لبنان في مستنقع من الاغتيالات السياسية خاصة مع اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم مؤخرا لا يمكن ان يفيد الا خصوم لبنان واعداءه وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يكاد يمر يوم دون ان يقوم بطلعات جوية او غارات وهمية في استباحة لسيادة لبنان واجوائه . بعد يوم 14 فيفري المشؤوم عايش لبنان جملة من الاغتيالات المروعة التي راح ضحيتها أسماء كبيرة في عالم السياسية والاعلام والفكر مثل سمير قصير وجورج حاوي وجبران غسان تويني وبيار أمين الجميل، وليد عيدو. كما حصلت محاولة اغتيال كل من إلياس المرو مي شدياق، وغيرهم. والمفارقة ان الحريري الذي عمل طيلة مسيرته الذهبية من أجل وحدة لبنان وسيادته وعلو شأنه خلفّت جريمة اغتياله أكبر شرخ سياسي ومجتمعي في تاريخ البلد بين فريقي 14 و8 آذار .

لقد ورث الحريري الابن تركة كبيرة عن والده ، وفي مناخ متشنج دخل في متاهات السياسة اللبنانية متحصنا ببعض الدعم الخارجي والغطاء الخليجي . ومع تفجر الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل أكثر من عام ضد الطبقة السياسية ، وجد نفسه يواجه موجة غضب شعبية غير مسبوقة فقدم استقالته ، ليعود من جديد بعد عام ويترأس المشهد مجددا وذلك في ذكرى انطلاق الثورة نفسها، كرئيس مكلف للحكومة بعد فشل حسن دياب في تسيير حكومته بسبب التجاذبات السياسية العميقة . وأعلن الحريري اول امس عن تمسكه بحكومة من 18 وزيراً جميعهم من الاخصائيين ودون ثلث معطل. وتحدث صراحة عن فشله في احراز أي تقدم يذكر داعيا كل طرف سياسي لتحمل مسؤوليته . ويعتمد الحريري على خارطة الطريق التي قدمها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثناء زيارته للبنان بعيد انفجار مرفإ بيروت .
وأمام كل هذه الصعوبات يجد اللبنانيون أنفسهم أمام مفترق صعب فإما التوافق لتشكيل حكومة لبنانية تعيد بعض الثقة في هذا البلد، أو البقاء على حافة الهاوية ومستنقع الانهيار الاقتصادي ، ومراقبة البلد وهو يغرق يوما بعد يوم في مؤشرات البورصة وتراجع أسعار الصرف وكابوس انهيار العملة الوطنية . وليس أمامهم سوى انتظار خروج طائر الفينيق من تحت رماد كل هذه المؤامرات الداخلية والخارجية ومن مستنقع الفتن مهما عظمت وكبرت .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115