سوريا: المشهد الآني!!

في الوقت الذي تزايدت فيه عمليات التنظيم الإرهابي داخل سوريا، كثّف الجيش السوري من عملياته العسكرية، لملاحقة بقايا التنظيم الإرهابي ومداهمة

أوكار خلاياه النائمة لوأد التنظيم عن بكرة أبيه، معتمدا على استراتيجية الهجوم بدلاً من الدفاع، في الوقت الذي دعا فيه التنظيم عناصره للتمركز في البادية السورية للعودة من جديد وشن عمليات إرهابية لإيهام مناصريه بقوته على الأرض.
في الجهة المقابلة، يواصل مسلحون موالون للجيش الأمريكي محاصرة مدينتي الحسكة والقامشلي منذ أيام متوالية حيث ما زالوا يجبرون المدنيين على السير لمسافة طويلة على الأقدام ويمنعون دخول المواد الغذائية والدوائية وصهاريج المياه إليها، مع اتساع رقعة الرفض الشعبي والعشائري لهذا العمل غير الإنساني واعتباره «جريمة حرب».
على خط مواز، تدرجت العقوبات الأمريكية ضد سوريا من إجراءات حظر وحصار منذ بدء الحرب عليها، لتشمل كل مناحي الحياة، كجزء من أوراق الضغط على دمشق وكسر الدولة السورية وخلق الأزمات لتمرير مشاريع البيت الأبيض إلى المنطقة، فصلابة دمشق أسقطت رهانها وأفشلت مخططاتها الخطيرة المتربصة بسوريا.
في الاتجاه الآخر، لا زال التنافس والصراع على سوريا يتحكم بمسار العلاقات الإقليمية والدولية وما تؤول إليه سواء من نزاعات أو توافقات بين الدول، فبعد عدة سنوات على إندلاع الحرب على سوريا لا تجد واشنطن وموسكو لغة مشتركة عن سورية ، كما أن الدول الخليجية وتركيا من جهة وإيران من جهة أخرى، إستعصى عليها حتى الآن إيجاد ما تتقاطع عليه بالنسبة الى الأزمة السورية، لذلك فان كل ما يتجه إليه العالم من مآس وعدم استقرار في المنطقة نتاج للحرب السورية.
ليس خفياً على أحد، أن الرئيس التركي يظن أن بإمكانه إعادة إقامة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى ليكون وصياً عليها لذلك فأن الشغل الشاغل لأردوغان هو احتضان ودعم الجماعات المتطرفة وأدواتها التي قد تدعم حلمه الإمبراطوري، والتدخل في شؤون الدول الأخرى وتقديم الدعم المادي والمعنوي والسياسي لمساعدة هؤلاء المتطرفين على نشر الفوضى في سوريا لتحقيق أهدافه ومآربه هناك.
وفي النتيجة اختارت سورية ان تؤسس محوراً جديداً مع روسيا وايران والصين والعراق وحزب الله مقابل المحور الغربي وحلفائه من الدول العربية، محور يدعو الى حلول سلمية سياسية لأزمات المنطقة خلافا المحور الآخر الذي طالما سعى ولا زال للتدخل عسكريا في دول المنطقة.
إن المتابع لأحوالنا اليوم وما نعيشه من صراعات وحروب وتشظ يعكس الصورة الحقيقية لمدى التدخلات الخارجية في سياساتنا مستغلة الفجوات الاقتصادية ، حيث دأبت أمريكا وبعض الدول العربية وإلى جانبهما تركيا على إذكاء فتيل الصراعات الداخلية وإشعال الدعوات الانفصالية والنعرات الطائفية في إطار البلد الواحد وذلك لتحقيق أغراض وأهداف خاصة بسياسة هذه الدول، والاستحواذ على سورية وتحويلها إلى ساحة حرب لتصفية حساباتها عبر تقويض الحياة العامة في سورية وتفكيك نسيجها المجتمعي كي تجعل من سورية دولة ضعيفة يتحكم الغرب في كل شؤونها ، وهذا ما لا يرضاه أبناء سورية الذين يعتبرون بأن السياسة الغربية عدوهم الأول كونها تموّل الجماعات الإرهابية والحركات التكفيرية لإلغاء الآخر.
إجمالاً.....لا زالت سوريا تخوض حربها الشرسة من أجل بقائها والحفاظ على وجودها، فهي تقاوم إرهاباً هو الأشد على مر العصور، اليوم هناك مراهنة على خراب وسقوط سوريا، لكن لن يحدث ذلك ، فسوريا باقية بفضل أرواح شهدائها الذين ضحوا بدمائهم الزكية كي تبقى سوريا صامدة ، ولن يتحكم في مصيـرها أو يكون وصيـاً على شعبهـا من باع وطنه وسلم إرادته الى رعـاة الإرهاب في العالم، ولن ينخدع الشعب بمن خدعـوه سابقاً وتاجروا بأحلامه وآماله وطموحاته.
من مصلحة الجميع أن تنهض سوريا وتتعافى كي تمارس دورها التاريخي في حفظ الأمن القومي وإحباط كل المخططات التي تستهدف تفكيك دول المنطقة. كما أن رهان «قسد» على المحتل الأمريكي رهان خاسر وأن المخرج الوحيد من الوضع القائم هو الحوار الوطني بعيداً عن إملاءات الأمريكي والتمترس بالمطالب التعجيزية التي تهدد وحدة الوطن أرضاً وشعباً.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115