اغتيال ناشط يضع لبنان على صفيح ساخن: فرضيات متعددة ودعوات لإنقاذ البلاد من الطائفية والتدخلات الخارجية

اهتزّ المشهد اللبناني يوم أمس على وقع نبأ اغتيال ناشط ومعارض لبناني معروف هو لقمان سليم ، في وقت تشهد فيه بلاد الأرز توترا شعبيا وسياسيا وأمنيا غير مسبوقين .

ورافقت خبر الإغتيال اتهامات وفرضيات عديدة حول الجهة الضالعة في الحادث وسط دعوات داخلية ودولية بضرورة التسريع في الكشف عن قتلة لقمان .

ولقمان سليم ناشط وناشر يدير مركزا للأبحاث أصيب بعيار ناري في الرأس. وتم العثور على هاتف سليم في وقت سابق على جانب طريق في جنوب لبنان. وتعدّ هذه العملية أول عملية قتل لناشط بارز عرف بمناهضته لحزب الله منذ سنوات. ولئن ترتبط أسباب مقتل لقمان وفق مراقبين بالمشهد اللبناني المعقد بطبيعته والذي تسود فيه مصطلحات الطائفية والمذهبية التي تعيش على وقعها البلاد منذ عقود طويلة ، رافقت الحادثة فرضيات متعددة بدأت باتهامات صريحة تم توجيهها من قبل البعض لأنصار حزب الله اللبناني بالضلوع في عملية الإغتيال باعتبار لقمان سليم معروف بعدائه ومعارضته للحزب. فيما اعتبر آخرون أن توجيه إصبع الإتهام نحو حزب الله محاولة من الجهة الحقيقية لتشتيت جهود السلطات للبحث عن القاتل الحقيقي وسط حديث عن مؤامرة من أمريكا وحلفائها في المنطقة لفائدة «اسرائيل» ودول الخليج لتوريط الحزب . إذ تعتبر واشنطن حزب الله ‘’منظمة إرهابية’’ وقد شددت العقوبات على مسؤولي الحزب وحلفائه بلبنان في السنوات الأخيرة نظرا للدور الذي يلعبه في المنطقة على غرار سوريا باعتبار أنه حليف وثيق لإيران وهو ما يربك سياسات الجانب الأمريكي في الشرق الأوسط.

وينتمي لقمان إلى الطائفة الشيعية، لكنه يرفض بشدة الطائفية ويعتبرها إحدى أكبر مشاكل لبنان.وأثار اغتياله موجة انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وحلّ اسمه أولاً على لائحة الأوسمة المستخدمة في لبنان.

ردود فعل داخلية وخارجية
وإلى جانب الاستنكار الداخلي الواسع أثار مقتل لقمان إدانة دولية كبيرة حيث عبرت منظمة الأمم المتحدة عبر منسقها في لبنان يان كوبيش عن حزنها «لخسارة لقمان سليم المأسوية»، واصفة إياه بـ»الناشط المحترم» و«الصوت المستقل والصادق».ودعا السلطات للتحقيق بـ«سرعة وشفافية» في الاغتيال، مشدداً على ضرورة ألا يشبه ما يحصل في التحقيق المستمر في انفجار مرفإ بيروت في الرابع من أوت والذي لم ينتج عنه شيء حتى الآن. وأضاف كوبيش «يجب أن يعرف الناس الحقيقة».
من جهته قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، إن مقتل لقمان سليم «جريمة» يجب ألا تمر دون محاسبة، جاء ذلك نقلا عن مصادر إعلامية.وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية، تكليف وزير الداخلية بكشف ملابسات اغتيال لقمان سليم.وأعلنت السلطات القضائية اللبنانية، عن بدء التحقيقات لكشف ملابسات مقتل الناشط المعارض لقمان سليم، وتفريغ كاميرا المراقبة المحيطة بالمنطقة التي عثر فيها على جثته.

ووفق تقارير رسمية فقد تعرض لقمان إلى حملة تجييش وكراهية ضده في الآونة الأخيرة وصلت الى حد تهديده بالقتل علانية بعد أن تجمّع عدد من الأشخاص أمام منزله في شهر ديسمبر المنقضي، مرددين عبارات تخوين، وألصقوا شعارات على جدران المنزل كتب عليها «لقمان سليم الخائن والعميل»، و»حزب الله شرف الأمة»، و»المجد لكاتم الصوت».ويتهم أنصار حزب الله سليم بأنه مقرب من الولايات المتحدة ويعمل لصالحها في لبنان.

وبالتزامن مع حالة الإستنكار والتنديد التي رافقت اغتيال الناشط اللبناني يعيش لبنان في هذه الآونة على وقع تجدد الإحتجاجات الشعبية والتي اجتاحت هذه المرة مدينة طرابلس، وسط تحذيرات من توسع رقعة الإحتقان ووصوله إلى مدن لبنانية أخرى تعيش في أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة زادت من حدتها خطورة الوضع الصحي الذي أنتجته جائحة كورونا، بالإضافة إلى التأثيرات المأساوية التي خلفها تفجير مرفإ بيروت وتداعياته على الإقتصاد اللبناني . هذه التراكمات تأتي في وقت يعجز فيه رئيس الحكومة سعد الحريري المكلف بتشكيل حكومة كفاءات عن الإعلان عن تركيبته الحكومية وسط عراقيل كبرى تواجهه أهمها فرضية الإفلاس والإنهيار المالي في حال عدم التوصل إلى اتفاقيات تضمن دعما خارجيا ينتشل بلد الأرز من محنته.

وفي هذا السياق اعتبرت سفيرة فرنسا في بيروت في ذكرى مرور ستة أشهر على انفجار مرفإ بيروت أنه من «غير المقبول» عدم التزام القوى السياسية بتعهداتها في تشكيل حكومة تقر إصلاحات ضرورية فضلا عن غياب تقدم في التحقيق في المأساة المروعة.
وقالت سفيرة فرنسا آن غريو في بيان «بعد مرور ستة أشهر على الانفجار، من غير المقبول أن يظل اللبنانيون ينتظرون أجوبة من قادتهم» في قضية الانفجار.وتحقق السلطات اللبنانية في الانفجار الذي عزته إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات دون إجراءات وقاية. وتبيّن أنّ مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.إلا أن التحقيق في الانفجار لم يثمر الوصول إلى نتيجة حتى الآن رغم توقيف أكثر من 20 شخصا».
ويرى البعض أن المشهد الداخلي المضطرب بطبعه زادت حدته نتيجة التدخلات الخارجية المتزايدة ، علاوة على الصراعات المذهبية التي يعانيها لبنان منذ عقود طويلة ، وهو ما أثرّ على استقراره الداخلي بشكل كبير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115