شبح الاغتيالات السياسية يطل في سوريا من جديد

السؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر داخل سوريا وخارجها، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأوضاع في سوريا ،

وما هي أخر التطورات هناك ؟! فهذا السؤال حول مستقبل سوريا أصبح مطروحا بل وحاضرا في الأجندات الراهنة ومحددا ضمن مسارات الأحداث من حيث التخطيط وان بدت معالمه واضحة ومؤكدة للبعض.

تشهد سوريا حالياً، زيادة في حوادث القتل الغامضة التي تستهدف الأدمغة والكفاءات العلمية البارزة من قبل العصابات المسلحة فضلاً عن التفجيرات الإرهابية الواسعة وذلك قبل شهور من الانتخابات الرئاسية، مما من شأنه أن يعيق إجراءات إقامتها ونشر الفوضى التي تقوم على دعم الاضطرابات وزعزعة استقرار سوريا وضرب وحدة نسيجها الوطني ، ليعود مجدداً مسلسل التصفيات السياسية التي بدأت أنباؤها تتواتر وتُثير مخاوف الشارع من عودة موجة عنف جديدة تهدد الأمن والسلام في البلاد، على الرغم من وعود الحكومات المتعاقبة بوضع حد لها، والاستنفار الأمني في البلاد. ومسلسل اغتيالات تقف وراءه جهات محددة يرى مراقبون أنها تخدم أجندات إقليمية ودولية، مستدلّين على ذلك بمجموعة قرائن، أهمها طريقة الاغتيال وفئة الأشخاص المستهدفين.

ومن ناحية أخرى، لم تقتصر الاغتيالات المنظمة على مناطق محددة كما أنها لم تتخذ شكلاً محدداً أو آلية معينة، بل كانت على امتداد البلاد. ولم تستهدف هذه الاغتيالات ذوي الرتب العسكرية فقط، بل شملت الشخصيات القيادية ذات النفوذ خارج إطار المؤسسة العسكرية، وذلك ما حصل من استهداف أعضاء أساسيين وبارزين في لجنة «المصالحة الوطنية» على امتداد سورية، كما إنها ترافقت مع أوضاع اقتصادية سيئة وعقوبات اقتصادية قاسية على هذا البلد.

وفي جنوب البلاد وتحديداً في محافظة درعا، ازدادت عمليات الاغتيال بين الأطراف كافة، لتكون هذه المحافظة الخاضعة لاتفاق مصالحة هي الأبرز في عمليات الاغتيال والتصفية، بالإضافة إلى محافظة دير الزور التي استهدفت الاغتيالات فيها الوجهاء والشخصيات المعروفة في المنطقة من قبل تنظيمات إرهابية تريد العبث في المكونات العشائرية وإنهاء وجودها في المنطقة.

إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا ليس بحاجة الى قدرات عظيمة لإستشراف المصالح الأمريكية -الغربية في المنطقة بشكل عام، وفي سورية بشكل خاص، ولا نُجافي الحقيقة إذا قلنا بأن واشنطن وحلفاءها باتوا على قناعة تامّة بأنّهم أوهن وأعجز عن تحقيق طموحهم في سورية، والقاضي بتقسيمها إلى كيانات إثنية وعرقيّة، من هنا، باتت واشنطن تُخفّض من سقف رهاناتها لاستخدام التنظيمات المسلحة وأخواتها كوسيلة لتحقيق مآربها في المنطقة، في حين يستعد «العلم السوري» ليرتفع في سماء كامل سوريا.

إجملاً الاغتيالات فصل من فصول الحرب الدائرة في سوريا، وتتجاوز ذلك في أنها تمهد لفصول أخرى أشد اتساعاً من حرب لم يعد لها هدف سوى استمرار قتل السوريين، وتدمير ما تبقى من قدراتهم البشرية والمادية. وبالتالي فإن هذه الحالة من الفوضى غير الخلاقة لن تنتج سوى مزيد من العنف والموت والدمار والخراب الذي بات يهدد الأمن الإقليمي والدولي. وأمام هذا الواقع لا بد من صحوة الضمير وأن نعي خطورة ما تقوم به هذه الجماعات الملثمة والمسلحة من أهداف سعياً لتدمير سوريا وتقسيمها والسيطرة على مقدرات البلاد.

وأختم بالقول: كل هذه الحوادث لا تهز سوريا لأنها دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، ولأن تلك الحرب التي تخوضها دمشق ضد الإرهاب هي مسألة حياة أو موت، فقد كان السوريون بالمرصاد لكل من يعبث بأمن البلاد وسيادتها في كل زمان ومكان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115