الدبلوماسية الإيرانية تقترب من الأزمة اليمنية بحثاً عن حل

باتت الأزمة اليمنية أكثر أزمات الشرق الأوسط تأزماً، فمنذ عام 2015 شهدت الدولة اليمنية معارك طاحنة، خلفت مئات الآلاف من القتلى والمصابين،

وملايين النازحين في مشهد مأساوي صعب أدى إلى غرق اليمن أكثر في مستنقع الفقر والكوارث الاقتصادية.

ولا زال الساسة واللاعبون الإقليميون والدوليون، يتحدثون عن ضرورة إيجاد حل لوقف الحرب التي تقودها السعودية منذ أكثر من 6 سنوات على اليمن، هناك مشاورات ومبادراتٌ إيرانية-روسية، وحراك دبلوماسي تمثل في زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى موسكو، ولقاءه مع نظيره الروسي وتأكيده مساندته للشعب اليمني في مكافحة الإرهاب والتصدي له، للحفاظ على استقرار اليمن وأمنها، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين إيران وروسيا إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة وأن أمريكا وحلفاءها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة اليمنية بما يلبي طموحات الشعب اليمني بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين ايران واليمن قوية، وخارج المساومات والصفقات، وهي زيارات تعطي الانطباع بوجود دور إيراني جديد لإنهاء الحرب السعودية على اليمن.

في هذا السياق ظهرت مؤشّرات عدّة تكشف عن تبنّي إيران لسياسة جديدة في التعامل مع الملف اليمني، حيث أكد الوزير ظريف، في إطار زيارته إلى العاصمة الروسية التي تأتي بعد أيام قليلة على زيارة مماثلة لوزير الخارجية السعودي،»إن بلاده تعمل مع روسيا لإيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن، وأنها في إطار حوار دائم بشأن الوضع في الخليج».
وعلى خط مواز، أشار الوزير الإيراني إلى أن مشاوراته مع الروس ستتواصل حتى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين مختلف الأطراف، مشيراً إلى أن بلاده أكدت خلال لقاءات سابقة مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث دعمها لجلوس الأطراف اليمنية على طاولة الحوار في إشارة واضحة إلى رفض طهران للتدخلات الخارجية بين اليمنيين.
في السياق ذاته أعرب ظريف عن أمله في أن تستجيب دول الخليج إلى مبادرة طهران للحوار، وقال: «أجرينا محادثات جيدة في هذا الصدد، ونظراً لضرورة الحوار والتعاون بين دول الخليج، فإننا ونرحب بجهود روسيا في هذا المجال، ونأمل في أن تستجيب دول الخليج لمبادرة طهران للحوار».
لكن التساؤل الذي يتبادر إلى أذهاننا هنا هو: هل ستنجح الجولات والمباحثات الإيرانية -الروسية في إيجاد حل قريب ينهي الصراع في اليمن؟

في هذا الخصوص رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز للوساطة الإيرانية -الروسية من أجل التوصل إلى حل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب هناك مما يجنب المنطقة حربا إقليمية ممتدة، فإيران تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة في ضوء المعطيات التالية:
إن ايران هي الأقرب والأقدر على فهم ما يجري في اليمن ولذلك فإن علاقاتها القريبة مع مختلف الدول تسهم في حل المشكلات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة. إن ايران تتبع دائما سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية.
أن سياسة إيران تقف على مسافة واحدة من كافة أطراف الأزمة اليمنية، وهذا الموقف يمكنها من طرح المبادرات والرؤى والتعامل مع كافة الأطراف دون أي حساسيات.

وهنا أرى بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الإيرانية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن ايران المؤثرة في الإقليم، هي ايران التي يمكن أن تسهم في حل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع هناك كما آن هناك رؤية إيرانية ثابتة وهي دعم اليمن في كل الأوقات.
لقد حاول اليمنيون أن يجعلوا لغة السياسة والحوار، الطريق الوحيد لحل مشاكلهم، لكن القوى الظلامية، أصرت على جرهم لمربع القتل والدمار والتخريب، ولم تكتف بذلك بل أدخلت اليمن في مسرح الصراعات الإقليمية، ليصبح مسار الحل السياسي غاية في التعقيد، ويتجاوز تطلعات اليمنيين، ويحتاج لمستوى كبير من التوافق الإقليمي والدولي، في إطار ذلك فأنا على يقين بأن الحوار السياسي أصبح اليوم المطلب الوحيد في الأزمة اليمنية، فإيران وروسيا تسعيان إلى تقريب مواقف القوى والأطراف المعنية بتطورات الأزمة وتداعياتها، وهو دور يماثل ما تقوم به الدول الأخرى،مما سيوسع من دائرة الحوار وقد يغير المواقف الرافضة لهذا الحوار، كما أن هناك بعض الدول التي ستخسر رهانها بالحرب على اليمن.

وإنطلاقاً من ذلك فإن التطورات تشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة اليمنية، خاصة إن الطرح الإيراني لحل الملف اليمني يدعمه التوافق الروسي والدول الصديقة المختلفة، لذلك لا بد لليمنيين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ اليمن وإنهاء أزمتها الشائكة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115