بعد تعثّر المفاوضات بين موسكو وواشنطن في عهد ترامب: حصول تفاؤل بعد تمديد العمل بمعاهدة «نيو ستارت» للحدّ من الأسلحة النوويّة

توصّلت روسيا وأمريكا يوم أمس إلى اتفاق مهمّ يقضي بتمديد معاهدة «نيو ستارت» للحدّ من الأسلحة النووية بعد إنسحاب الطرفين

قبل عامين من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى لعام 1987 عام 2019 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ويأتي التمديد قبيل شهر من انتهاء صلوحيّة معاهدة «نيو ستارت» وهي الاتفاقية الوحيدة المتبقية للحدّ من الأسلحة النووية بين البلدين.
وسبق لمحادثات سابقة بين روسيا وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بشأن تمديد محتمل لـمعاهدة «ستارت» الجديدة، أن فشلت في حلّ الخلافات القائمة بين البلدين بسبب إصرار إدارة ترامب على دخول منافستها الصين في المعاهدة. يشار إلى أنّ الخطوة الأخيرة المتعلقة بالتمديد اعتبرها متابعون بداية تقارب بين موسكو وإدارة البيت الأبيض الجديدة برئاسة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن،
وصوت مجلس الدوما، الغرفة الأدنى في البرلمان الروسي، أمس الأربعاء لإقرار تمديد معاهدة نيو ستارت للحد من الأسلحة النووية، في خطوة نحو الإبقاء على الاتفاقية الرئيسية الأخيرة من نوعها بين روسيا والولايات المتحدة.وقال الكرملين إن الدولتين اتفقتا على تمديد المعاهدة التي أُبرمت عام 2010 وكان من المقرر انقضاء أجلها في الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي قوله،أمس الأربعاء، إنّ روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على تمديد معاهدة «نيو ستارت»، وفقا لشروط موسكو. وقال الكرملين، إنّ البلدين اتفقا على تمديد المعاهدة التي أبرمت عام 2010 وكان من المقرر انقضاء أجلها الشهر المقبل، حسب ما نقلت «رويترز».وتقيّد المعاهدة عدد الرؤوس النووية الإستراتيجية والصواريخ والقاذفات التي يمكن لروسيا والولايات المتحدة نشرها.وفي عام 2010، وقّع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والرئيس الروسي آنذاك دميتري ميدفيديف، على معاهدة «ستارت» الجديدة.
وتقضي المعاهدة بأن تمتلك كل دولة كحد أقصى 1500 رأسا حربية نووية، و700 صاروخ وقاذفة قنابل، وتتضمن عمليات تفتيش شاملة للتحقق من الالتزام، كما تنص على إمكانية تمديدها لخمس سنوات أخرى.
هذا التمديد فتح الباب أمّا عدة سيناريوهات مطروحة أهمها الحديث عن عودة العلاقات بين الجانبين الروسي والأمريكي ، رغم أن موسكو نفت أمس وجود أية تقدم في العلاقات المتوترة بين الجانبين. إذ أكد المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميترى بيسكوف، أنه لا يوجد حديث في الوقت الراهن عن «إعادة إطلاق» العلاقات الروسية الأمريكية، مشيرا إلى أن الرئيسين الروسي والأمريكي أشارا خلال حديثهما أمس هاتفيا إلى وجود خلافات خطيرة بين البلدين.وقال بيسكوف في تصريح صحفي: «لا يتعين استخدام مصطلح «إعادة إطلاق» للعلاقات بين البلدين، فلا توجد حتى الآن مؤشرات لحدوث ذلك».
وأضاف بيسكوف :»يوجد حاليا تفاهم هام وتوافق حول ضرورة تمديد معاهدة «ستارت-3»، وهو تفاهم مشترك هام جدا سيتم تنفيذه وليس من الوارد الحديث عن إعادة إطلاق العلاقات في الوقت الراهن».
جدل حول ملف التسلح النووي
وعرفت عهدة ترامب الرئاسية المنتهية خلافات جادة بين إدراته وعدد من الدول من بينهم وأهمهم روسيا، حيث وصف مراقبون فترة حكمه بالانسحابات المتتالية من عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية هامة أثارت جدلا واسعا على غرار اتفاقية الحد من التسلح النووي الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا .
وأعلنت الولايات المتحدة أنه بداية من شهر فيفري 2019 سيتم تعليق التزامها بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى رسميا ، وذلك بعد أشهر من الجدل والاتهامات التي وجهتها أمريكا لروسيا بانتهاك بنود الاتفاقية الشهيرة التي تمّ توقيعها للحدّ من التسلح النووي منذ الحرب الباردة. وقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انذاك أن بلاده « علقت كافة التزاماتها بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، والبدء في عملية انسحاب من المعاهدة ستكتمل خلال ستة أشهر، إلا إذا عادت روسيا للالتزام بالمعاهدة وتدمير جميع الصواريخ والمنصات والمعدات التي تنتهكها’’. إلا أنّ الرد الروسي في ذلك الوقت كان قاسيا إذ أعلن الكرملين على لسان رئيس البلاد فلاديمير بوتين عن انسحاب موسكو رسميا من الاتفاقية ردّا على الخطوة الأمريكية متعهدا بالبدء في إنتاج صواريخ جديدة بينها واحد أسرع من الصوت.
وقال بوتين، وفق ما نقل الكرملين، إن موسكو علقت التزامها بالمعاهدة المبرمة عام 1987 إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق.وأبلغ الرئيس الروسي وزيري دفاعه وخارجيته، سيرغي شويغو، وسيرغي لافروف، بالامتناع عن إجراء محادثات بشأن نزع الصواريخ النووية، التي كانت محور المعاهدة، مع نظرائهم الأمريكيين.
وخلف ذلك التصعيد ردود فعل دولية قلقة وسط مطالب دولية بضرورة وضع آلية أو مبادرة جديدة لضبط التسلح في العالم، وإثر الإنسحاب الأمريكي الروسي طفت على السطح موجة من الانتقادات والشكوك الدولية حول مستقبل التسلح في العالم وما يمكن أن ينجر عنه من انتهاكات كبرى.
واعتبر مراقبون أن تعليق العمل بالمعاهدة الهامة فتح جبهة صدام جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في وقت تتّسم فيه العلاقات بين البلدين باحتقان وتوتر مستمرين. إذ تقضي المعاهدة الدولية التي وقعت بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية عام 1987 بحظر تصنيع الصواريخ متوسطة المدى التي تطلق من قواعد أرضية بمدى يترواح من 500 إلى 5,500 كيلومتر.
ومن بين أسباب التصعيد بين روسيا وأمريكا اتهامات وجهتها الإدارة البيضاوية للكرملين بانتهاك المعاهدة وتطوير صواريخ متوسطة المدى . واعتبر متابعون أن الانسحاب المثير للجدل يعد الثالث في سجل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد انسحابه أولا من الاتفاق النووي المبرم بين الغرب وإيران عام 2015 ثم انسحاب أمريكا من معاهدة باريس للمناخ التي وقعتها 195 دولة في العام ذاته. ورغم أنّ الانسحاب الأمريكي من معاهدة الأسلحة المثيرة للجدل لا يعني بالضرورة حربا قائمة بين البلدين إلاّ أنّه سيفتح دون شك الباب أمام سباق تسلح خطير بين الدول العظمى سيحمل تداعيات خطيرة على الجانبين وحلفائهما من جهة أخرى .
واعتبر مراقبون أن الخطوة الأمريكية ‘’متسرّعة’’ خاصة بعد فشل أي محاولات للتفاوض بين الجانبين ، إذ اعتمد الجانب الأمريكي في قراره على عدة عوامل أخرى لمهاجمة الطرف الروسي بدءا بالدور الذي تلعبه موسكو في سوريا والتقارب الصيني الإيراني الروسي وأزمة ضم شبه جزيرة القرم وما خلفته الخطوة من عزلة اقتصادية حادة فرضها الغرب ضد موسكو . ولعل الأهم في هذه الخطوة الأمريكية هو وجود مخاوف كبيرة لدى ادارة ترامب السابقة من اكتساب روسيا قدرة صاروخية تتيح لها شن هجوم على دول في حلف الناتو خلال فترة قصيرة وهو ما اعتبرته واشنطن انتهاكا صريحا للاتفاق المبرم منذ 31 عاما . وقد نفت روسيا أنها انتهكت الاتفاقية، لكنها لم تتطرق لهذه الصواريخ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115