أهم اهدافه إقرار مسودة سياسية للحل النهائي: الحوار الليبي والطريق الصعب نحو التسوية

• محللون في الشأن الليبي لـ«المغرب» : المؤتمر فرصة مهمة لإيجاد حل نهائي للأزمة الليبية

ستتواصل أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وسيناقش خلالها المشاركون مسودة خارطة طريق انتقالية ، وسط آمال بأن ينجح هذا الحوار في لملمة الصفوف وتجميع الليبيين بعد سنوات من المعارك والصراعات الضارية التي لم يربح منها الليبيون شيئا سوى المزيد من الدمار وسفك دماء الأبرياء والمدنيين .
وهذا الملتقى ثمرة شهور متواصلة من التحضيرات والمشاورات مع مختلف الأطياف السياسية ومكونات المجتمع المدني التي لعبت دورا بارزا في المدة الأخيرة من أجل تحقيق المصالحات الداخلية والقبلية والمجتمعية .

ولئن اختارت البعثة الأممية 75 شخصية للمشاركة في المؤتمر تمثل مختلف الوان الطيف السياسي والاجتماعي الليبي وقد تعهد المشاركون بالامتناع عن إشغال أي مناصب سياسية في إطار الحل حسب ما تؤكد ممثلة البعثة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز، الا ان عديد الانتقادات وُجهت من الداخل الليبي للملتقى بسبب تغييب شرائح ليبية وازنة في المشهد الليبي مثل ممثلي القبائل وغيرها . وهي الانتقادات نفسها التي وجهت لمختلف جولات التفاوض التي سبق ان تمت من مؤتمر جنيف الى الصخيرات وباليرمو وبرلين وباريس وبوزنيقة والقاهرة وشرم الشيخ وغيرها ...

الفرصة الأخيرة
وقد وضع المنظمون «وثيقة البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل» وهي عبارة عن مسودة طريق سياسية ينتظر من المشاركين الالتزام بها والتوافق حولها. وتطرقت الاجتماعات إلى عدة قضايا تتعلق بالمرحلة الانتقالية واجراء انتخابات عامة، بالإضافة الى كيفية اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتوحيدها.
ويرى عديد المراقبين بان هذا الملتقى قد يكون الفرصة الأخيرة وان أهمية انعقاده تكمن في اختيار تونس كبلد جار تجمعه أواصر وعلاقات التاريخ والجغرافيا مع ليبيا، وهذا ما يساعد في مزيد تعزيز فرص نجاح الملتقى بكل صعوباته وتحدياته لعل أبرزها مواقف الدول الكبرى المؤثرة في الملف الليبي . وقد أعرب الأمين العام لمنظّمة الأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، عبر تقنية الفيديو، في الجلسة الافتتاحية لملتقى الحوار السياسي الليبي عن امتنانه لمبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيّد باحتضان تونس لهذا الملتقى ولدعمها المستمر لبعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا. . وأشار إلى أنّ الاجتماع يهدف إلى التوصّل إلى صياغة حقبة جديدة في ليبيا يسودها الاستقرار والسلام، مشيدا بتوقيع الأطراف الليبية على اتفاق وقف إطلاق النار الشهر الماضي بجنيف. كما أضاف أنّ الالتزام بهذه العملية السياسية سيساهم في استعادة السيادة الليبية والشرعية الديمقراطية للمؤسسات، مشدّدا على أنّ التوافق هو السبيل الوحيد للوحدة الوطنية الليبية.

«الطريق إلى هذا الملتقى لم يكن مَفْرُوشاً بالورود، ولم يكن الوصول إلى هذا اليوم سهلاً.» هذا ما أكدته وليامز في كلمتها في الملتقى معربة عن أملها بان تتوج كل المسارات المتعددة التي رعتها بعثة الأمم المتحدة بحل يضمن حق الشعب الليبي في حماية وطنه وسيادته وثروات بلاده.»
وتزامن الملتقى مع انطلاق الجولة السادسة من مباحثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، في مدينة سرت شمال وسط ليبيا، امس الثلاثاء.

وحسب بيان البعثة الأممية، فإن هذه الجولة من المباحثات ستتواصل إلى حد 13 نوفمبر الجاري؛ بحضور ومشاركة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وأوضحت أن هذه الجولة تنعقد بهدف الإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف بتاريخ 23 أكتوبر الماضي. وتضم اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، 5 أعضاء من الحكومة الليبية و5 من أنصار خليفة حفتر. وسبق ان انعقدت 5 جولات سابقة منها 4 في جنيف، فيما انعقدت الأخيرة لأول مرة داخل ليبيا في مدينة غدامس . فكل هذه المباحثات سواء السياسية التي تتعلق بشكل المرحلة الانتقالية او العسكرية التي تدرس شروط الهدنة وضمان استمرار وقف اطلاق النار من الأهمية بمكان وتؤشر الى ان الحل في ليبيا بات قريبا ، اذا لم تنسف الميليشيات المتصارعة كل هذه الجهود بتواطؤ خارجي.

ويعتبر المحلل السياسي المختص في الشؤون الليبية غازي معلى في حديثه لـ«المغرب» بان هذا المؤتمر فرصة مهمة لإيجاد حل نهائي للأزمة الليبية التي دامت لأكثر من 8 سنوات . فالليبيون اليوم وصلوا الى مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن و الاستقرار السياسي لذلك فمطالبهم الأساسية هي تشكيل حكومة وحدة وطنية. فالبلد منقسم على نفسه منذ عام 2014 بين حكومة في الشرق وأخرى في الغرب وبين جيشين وبنكين مركزيين، فآن الاوان بعد الحرب الأخيرة المدمرة لايجاد حل يعيد الاستقرار لليبيا حتى نصل الى موعد الانتخابات.»

ويتابع محدثنا :«من أهم الأهداف المرتقبة من المؤتمر ايجاد سلطة موحدة للدولة الليبية وتفاهم حول موعد نهائي وبات لانتخابات تخرج الدولة الليبية نهائيا من حالة عدم الاستقرار. فهذا هو المرجو اليوم من هذا المؤتمر وهو استكمال لمسارات عديدة كانت من بينها مباحثات القاهرة وشرم الشيخ والمغرب وستتوج في مؤتمر تونس. ومن المؤكد تواصل جولات الحوار في دول أخرى ولكن المهم ان تكون البداية صحيحة ونتمنى للشعب الليبي أن يرى الاستقرار والأمن».

أما لماذا يتميز هذا الحوار المنعقد في تونس عن باقي الحوارات التي تعثرت يجيب محدثنا :«ان هذه الجولة تأتي بعد حرب صارمة وبعد ان اقتنع الجميع بأنه ليس هناك حل عسكري بل أن الحل سياسي وهناك رغبة واضحة دولية لإيجاد حل للأزمة الليبية لان دول الجوار والاقليم وحتى دول المتوسط باتت تستشعر الخطر القادم من الأزمة الليبية ومن التدخلات الخارجية. خشية ان يكون ما يحصل في ليبيا ثورة بركان تطلق حممه عديد الجماعات المسلحة والارهابية وتنطلق من ليبيا نحو دول الجوار ودول الشمال . لذلك العالم ودول الاقليم خاصة أن لديهم رغب ملحة لإنهاء الأزمة في ليبيا التي تربطها حدود شاسعة مع عديد الدول وكذلك حدود مع دول أوربية عبر البحر المتوسط وبالتالي الاستقرار هو أمر ضروري جدا وحاجة ملحة لكل هذه الأطراف»..

من جانبه عبّر الناشط الحقوقي الليبي خالد الغويل لـ«المغرب» عن أمله بأن ينجح هذا المؤمر في تجميع شتات الليبيين مضيفا بالقول :«سبق ان بدأ حوار مجتمعي في ليبيا وتم الاتفاق على وقف اطلاق النار كبادرة طيبة . فالليبيون ضاقوا ذرعا بالحرب ونريد ان نتحرك بشكل كبير ونأمل بان لا يكون هذ الحوار فاشلا كما سبقه من حوارات. لأن أي تعثر في المفاوضات هذه المرة ستكون له نتائج وخيمة . ويضيف :«فأمراء الحرب غير ممثلين في هذا الحوار وكذلك القبائل الليبية ومنظمات المجتمع المدني . فالتمثيلة الوطنية في الحوار ناقصة ولا تعبر عن كل التركيبة الليبية ولكن رغم ذلك ما يهمنا اليوم ان يخرج الملتقى بمخرجات هامة وان يتوج الحل بإراده الليبيين».
أما عن دور القبائل الليبية في المصالحة أجاب :«القبائل جزء مهم من المجتمع المدني الليبي وقد نجحت في تحقيق المصالحات بين المدن فالحوار المجتمعي هو الأساسي بين الليبيين وقبل أي حوار سياسي. اختارت القبائل اليوم رأب الصدع واختارت ان تنخرط وترعى مصالحة حقيقية». وأضاف: «نتمنى ان تتواصل ملتقيات الحوار الليبي الداخلي الحقيقي لنزع السلاح وتفكيك الميليشيات وتكوين حكومة وطنية واحدة واجراء انتخابات نزيهة وحرة ووضع دستور يعبّر عن تطلعات الليبيين في التنمية والسلام والاستقرار وابعاد شبح الارهاب عن ليبيا والمنطقة».

أهم البنود المقترحة
يشار الى ان المجتمعين في الملتقى الحواري في تونس يدرسون ويناقشون وثيقة التسوية السياسية التي تنص على عدة مجالات سياسية واقتصادية وعسكرية وهي بحسب مراقبين عبارة عن اتفاق معدل لـ«ما ورد في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات بتاريخ 17 ديسمبر 2015، ويُعَدّ مُلغىً كل ما يخالفه»، كما تنصّ الوثيقة على أن المرحلة المقبلة مرحلة تمهيدية لإنهاء حالة الصراع المسلح وتحقيق الأمن، وتوحيد مؤسسات الدولة لوقف حالة الانهيار في الخدمات والاقتصاد.وتشير إلى أن هذه المرحلة يناط بها أيضاً «التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية لضمان إجرائها في موعدها»، يسبقها حوار مجتمعي حول الانتخابات وقاعدتها الدستورية وقانون الانتخابات.
كما تنصّ على «إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي بمراعاة جملة من الجوانب، من بينها «تطوير نموذج لإدارة عوائد الموارد النفطية وباقي الموارد الطبيعية الأخرى وطرحه للتوافق المجتمعي».

وذكرت الوثيقة بان السلطة التنفيذية الجديدة، ستتكون من مجلس رئاسي جديد برئيس ونائبين، وحكومة موحدة، يتوليان إدارة المرحلة الانتقالية بالتوافق.

ويتكون المجلس الرئاسي الجديد من رئيس ومن نائبين يعكسون التوازن الجغرافي، بينما تتكون الحكومة من رئيس وزراء يختار نوابه وتشكيلته الحكومية، وتكون مدة ولاية مكوني السلطة التنفيذية الجديدة 18 شهراً، قابلة للتمديد إلى ستة أشهر أخرى إذا ما تأخرا في العمل على أهم مهامهما المتمثلة بإنجاز القواعد الدستورية اللازمة لتدشين المرحلة الدائمة.
ويضطلع المجلس الرئاسي الجديد، بتمثيل البلاد دولياً واعتماد البعثات الدبلوماسية الخارجية، وأبرز مهامه: القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، وتسمية رئيس وأعضاء مجلس الدفاع والأمن القومي بالتشاور مع رئيس الحكومة وفي مدة لا تتجاوز شهراً من مباشرة المجلس الرئاسي لمهامه، دون أن تحدد الوثيقة ما دور المجموعات المسلحة في البلاد في هذا المجلس.

ووضعت الوثيقة شروطا لكيفية لاختيار رئيس المجلس الرئاسي الجديد ونائبيه من خلال اقتراح الدوائر الانتخابية لأقاليم ليبيا الثلاثة، قبل أن تعرض الأسماء المرشحة على البعثة الأممية للتأكد من انطباق الشروط والمعايير التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي على الأسماء المقترحة من قبل التجمعات المحددة، ويختار أعضاء الملتقى رئيس وأعضاء المجلس بطريقة التصويت، على أن يكون الرئيس من الإقليم التي لا ينتمي إليه رئيس الحكومة، فيما يختارون النائب الأول والثاني بحسب ترتيب العدد السكاني للدوائر الانتخابية للإقليمين الآخرين.
وتنص المسودة أيضا على ضرورة تضمين التعديل الجديد لـ»الاتفاق السياسي» في مدة أقصاها 30 يوماً من قبل مجلس النواب، وإحالة تضمينها على المجلس الرئاسي إذا تعذر على مجلس النواب تضمينها، وكذلك على ملتقى الحوار السياسي في حال عجز المجلس الرئاسي عن تضمينها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115