Print this page

الباحث والكاتب المختصّ في الشؤون الدوليّة د. جاسم البديوي لـ المغرب: تصنيف حزب الله تنظيما إرهابيا ، متسرّع ولـم يأخذ بعين الاعتبار الصّراعات التي تعصف بالمنطقة

شدّد الباحث والكاتب العراقي المختصّ في الشؤون الدوليّة د. جاسم البديوي في حوار لـ«المغرب» على انّ تصنيف الدول العربية لـ»حزب الله’ اللبناني كتنظيم ارهابي سيحمل تداعيات خطيرة على واقع المنطقة العربية ، سيما وانّها تعاني انقسامات وصراعات محتدمة

تستوجب التهدئة والبحث عن حلول ناجعة بدل التصعيد و فتح جبهة مواجهة جديدة .

• ماهي قراءتكم لقرار وزراء الداخلية العرب ودول مجلس التعاون الخليجي بتصنيف ‘حزب الله’ تنظيما «إرهابيا»، وماهي أبعاد هذا القرار ؟
يحمل الإجراء أبعادا ومؤشرات كثيرة ،تدل في أغلبها على تغير الوضع في المنطقة العربيّة ، سواء على مستوى موازين القوى أو على مستوى الولاءات ، وعلى أطراف الصراع أيضا ، هناك زعامات وتوجهات جديدة نتجت عن هذه المتغيرات، علاوة على بروز أدوات ضغط من قوى معيّنة على حساب قوى أخرى تستخدمها في اغلب الأحيان لتحقيق مصالح الدول الأقوى.

تاريخ الصراع في المنطقة ليس حديثا أو جديدا، الاّ أنّ الجديد في الموضوع هو الزجّ بالدّول العربيّة (المعنيّة وغير المعنيّة) داخل هذا الصراع ، خاصة بعد توجه المملكة العربية السعودية إلى تبني توجه جديد ، خاصّة وانّ تشكيلها تحالفا عسكريّا إسلاميّا لمحاربة الإرهاب يحمل في طيّاته موقفا عدائيّا لم تكن المملكة تتبعه في وقت سابق .

المؤكد اليوم هو أن الرياض غيرت سياستها السابقة ويبرز ذلك من خلال سلسلة الإجراءات الجديدة التي تتخذها أولها التحالفات ، والتي تظهر أنها بدأت تقود جهودا نحو المواجهة ،وهو لا يصب في جهود التسوية والتهدئة في المنطقة ، خصوصا في ظل الجهود الدولية للتهدئة في سوريا وإنهاء الحرب في المنطقة . ولعلّ توجّه الدول لتبني القرار بتصنيف «حزب الله» كتنظيم ارهابي مرتبط بسياسة الدول العربية وسعيها الى الاصطفاف حول خيارات الرياض فيما يشبه سياسة المحاور.

• كيف ستكون تداعيات هذا التصنيف على لبنان أولا، وعلى المنطقة العربيّة ثانيا ؟
لا اعتقد ان هناك تداعيات حقيقية على الداخل اللبناني الذي يعاني بطبعه انقساما سياسيا حادا ، في ظلّ التركيبة المعقّدة التي يتسم بها المشهد اللبناني ، بالإضافة إلى تميّزه بتعايش عديد الطوائف ، لكن ذلك لا يمنع أن «حزب الله» يحظى بشعبية واسعة في البلاد لارتباطه تاريخيا بالمقاومة ضدّ الكيان الصهيوني وبالتالي فان كفة حزب الله قوية في لبنان . في الحقيقة إنّ سحب الدّعم السّعودي عن الجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية ، لن يؤثر على «حزب الله» باعتبار أن مصدر التمويل الأول والرئيسي له معروف وهو إيران ، على الصعيد اللوجستي العسكري والمالي. تداعياته الاهمّ ستكـــون على الدول العربية ، خاصة وانّ المملكة العربية السعودية باتت تبني سياسة جديدة منذ تولي العاهل سلمان بن عبد العزيز ، خاصة وان سياستها الجديدة تجاه لبنان مختلفة كليا عن سابقتها باعتبار الدعم الكبير الذي كان يوليه البلاط الملكي في عهد عبد الله بن عبد العزيز لهذا الموضوع ، خاصة عبر دعم الحوار اللبناني الداخلي ، والملاحظ الآن هو عدم افساح الرياض المجال امام الحوار اللبناني -اللبناني ، بعد ان كانت الحقبة السابقة تدفع باتجاه الحوار والمزيد من التفاهمات الاّ ان توجهها الآن يغلب عليه طابع المواجهة.

• برأيكم هل يخدم هذا القرار المنطقة العربية ؟
هذا القـــــرار سيساهم في حصد مزيد من المشاكل في المنطقة ، لانّ القرار جاء متسرّعا دون الأخذ بعين الاعتبار الصّراعات والحروب التي تعصف بالمنطقة العربيّة ، وبالتّالــــي فانّ هذا التوجّه جاء ليدفع نحو مزيد تعقيد المشهد ، وبثّ المزيد من التوتّرات والانقســامات . في وقت تبحث فيه المنطقة عن الاستقرار في ظل ما تعانيه من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية .

• كيف تفسرون الموقف العراقي المتحفّظ إزاء هذا التصنيف ؟
سياسة العراق من القرار ، اعتقد أنها منسجمة مع السياسة الخارجية للبلاد ، والتي يخيّر فيها الابتعاد عن سياسة المحاور والنأي بالنفس عن التصعيد وعدم الزج بالبلاد في متاهات سياسية . فالعراق كما لبنان يتميز بالتنوع العرقي والسياسي والديني وبالتالي فان مصلحته تحتم عليه الابتعاد عن اي قرار متسرع وعن اي موقف عدائي وعن ايّ مواجهة مباشرة ، فبغداد تبحث على ان تكون جزءا من الحل وليس جزءا من التصعيد .
حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال