الكاتب والمحلّل السياسي السوري د. سومر صالح لـ«المغرب» : «مقتل الخاشقجي.. أزمة سياسية وأخلاقية تعصف بالنظام السعودي»

• «السعودية قد تضطرّ لإيقاف حرب اليمن كخطوة لإنقاذ صورتها المتآكلة أو تغيير هيكلة الديوان الملكي»

قال الكاتب والمُحلّل السّياسي السّوري د. سومر صالح أنّ الغطاء السياسي والأمني والدّفاعي الذي تقدمه امريكا على الصّعيد الدّولي للمملكة السعودية فيما يتعلّق بمقتل الصّحفي جمال خاشقجي لا يعني انها قد تستطيع انقاذ الرياض من السقوط الاخلاقي العالمي الذي خلفته هذه القضية. وتابع محدّثنا ان النظام السعودي قد يركن الى تسوية سياسية عوض الحرب التي يشنها في اليمن للتغطية على اخطائه فيما يتعلق بقضية جمال خاشقجي .واشار الى ان حصول تسوية سياسية بين تركيا والسعودية تنهي الازمة والحصار المفروض على قطر قد يكون من بين المآلات الاخرى لمقتل خاشقجي.

• اولا لو تقدمون لنا قراءة واضحة لقضية جمال خاشقجي بعد اعلان السعودية رسميا عن مقتله داخل قنصليتها ؟
تحليليا تنقسم أزمة النظام السعودي المسماة «قضية خاشقجي» إلى مستويين :المستوى الأول هو الأزمة السياسية والمستوى الثاني هو الأزمة الأخلاقية ، فعند تحليل مآلات ومستقبل هذه الازمة يجب مراعاة هذين المستويين، المستوى الأوّل سياسي والذي ينقسم بدوره الى أزمات فرعية: الازمة الفرعية الأولى هي ازمة خاشقجي نفسه كشخص والتي انتهت بإعلان مقتله امس في القنصلية السعودية باسطنبول، والازمة الفرعية الثانية هي ازمة النظام السعودي والتي بدأت تسويتها على مايبدو بعد اعلانها مقتل خاشقجي وصدور بيان من الديوان الملكي في هذا الغرض والتي على مايبدو يقف وراءها صفقة او ترتيب معين تم بين جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع النظام الفيدرالي الامريكي الذي اصدر توضيحات خاصة بقضية خاشقجي باعتبارها تؤثر على الاقتصاد الامريكي والاقتصاد العالمي، لذلك بدأت تسوية أزمة النظام السعودي عبر اعادة هيكلة جهاز الاستخبارات السعودي وتسلسله الاداري والهرمي بالإضافة الى الاجراءات والأساليب والصلاحيات التي سيمارسها كخطوة لتهدئة الرأي العام الدولي..، وأما الازمة الفرعية الثالثة فهي ازمة محمد بن سلمان نفسه ولي العهد، ولعلها بدأت للتو على المستوى الشخصي وعلى مستوى المستقبل السياسي له..فقد يتم ازاحته عن ولاية العرش وقد لايتم لأن الأمر مرتبط بحجم التنازلات التي سيقدمها ابن سلمان لكل من الولايات المتحدة وتركيا.. وقد تكون شركة أرامكو السعودية للنفط أولى الأثمان التي سيدفعها ابن سلمان لترامب لتغطية وتمرير ازمة النظام السعودي السياسية والأخلاقية، هذا بالنسبة للمستوى الاول وهو المستوى السياسي.

• ماذا بخصوص المستوى الاخلاقي ؟
أما بالنسبة للمستوى الثاني وهو الأخلاقي وهو الأخطر بطبيعة الحال لان اليوم هذه الحادثة كشفت تدني أخلاقية النظام السعودي الذي نفذ عملية قتل بشعة في حق احد معارضيه في قنصلية تابعة له في دولة ذات سيادة وهي تركيا، قضية ستؤثر على شكل النّظام السعودي في المنظور الغربي والرأي العام الغربي فأمريكا التي وفرت غطاءا سياسيا وامنيا للنظام السعودي ولكنها لن تستطيع تغطية الحدث اي عملية القتل على المستوى الاخلاقي ولن تستطيع،وهذا الامر سيكون له تداعيات كبيرة..، لكن الاهم الان هو لماذا تدخل نظام الفيدرالي الأمريكي وجاريد كوشنير الذي اتصل مرارا بمحمد بن سلمان على خط تسوية الأزمة السعودية؟

أعتقد أنّ الأمر حسّاس مرتبط أولا بطبيعة النظام الدولي الراهن وهو نظام البترو- دولار والذي تم تأسيسه مابعد عام 1971 بعد مايعرف بصدمة ‹›نيكسون›› وإلغاء وفك ارتباط الدولار بالذهب وقام انذاك هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي بعقد اتفاق وصفقة مع النظام السعودي لتسعير النفط بالدولار على الصعيد الدولي،وهو أحد أهم اعمدة البنية التحتية للنظام المالي الدولي بالتالي أي عقوبات على السعودية أو ردّ فعل من الرياض أو قطع النفط أو عدم شراء النفط السعودي من الغرب سيؤثر على طبيعة النظام المالي العالمي والنظام الفيدرالي الأمريكي الذي يحتكر طباعة الدولار وهذا سيصيب النظام العالمي الراهن بمقتل سريع، أما تدخل كوشنير صهر ترامب فهو مرتبط بمستقبل وفعالية العقوبات على ايران هناك عقوبات ستطلق في 5 نوفمبر المقبل ، هذه العقوبات ستتأثر بالأزمة السعودية اذا لم يتم تسويتها لان هنالك محاولة امريكية سعودية لتغطية النقص في سوق امدادات الطاقة العالمي 2 مليون برميل في اليوم بدلا عن النفط الإيراني ولا تستطيع اي دولة توفيرها ..

وكانت الرياض قد تعهدت بذلك بديلا عن النفط الإيراني، بالتالي أي عقوبات ستفرض على السعودية لن تستطيع امريكا معها فرض عقوبات فعالة على ايران نظرا لعدم توفر بدائل عن النفط الإيراني في الأسواق الدولية،واما النقطة الثانية فهي الاعلام الامريكي والدولي اللذان يحاولان تصوير ايران على انها ‹›البلطجي›› في الشرق الأوسط وانها تصدر الارهاب في المنطقة إلا ان قضية خاشقجي أثبتت أن السعودية هي «البلطجية››، وأنها الطرف الذي يصدر الأزمات في المنطقة وهو مايؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين في حال استمرار الحماية الأمريكية لهذا النظام السعودي.

• كيف ترون مآلات الازمة ومستقبل الحضور السعودي الدولي والإقليمي مابعد قضية جمال خاشقجي ؟
قد يركن النظام السعودي الى تسوية سياسية لأزمة نظامه بوقف الحرب الظالمة التي يشنها في اليمن بعد قضية خاشقجي لعله يلمع من صورته الأخلاقية المتهالكة بفعل حرب اليمن وقتل خاشقجي.
من المآلات الاخرى المتوقعة تسوية سياسية بين تركيا والسعودية تنهي الازمة والحصار المفروض على قطر ..إضافة إلى التنازل السعودي للجانب التركي فيما يتعلق بملفات المنطقة اعتقد ان هذه النتائج المباشرة لقضية جمال خاشقجي على صعيد العلاقات التركية السعودية ، ولكن مآلات الازمة على مستوى ازمة النظام السعودي الاخلاقية ستكون مختلفة اذ نعتقد ان امريكا التي توفر غطاء امنيا وسياسيا ودفاعا للنظام السعودي لا تستطيع توفير غطاء اخلاقي للمملكة لذلك اعتقد أن أمريكا قد تسعى لإحداث تغيير ما في نظام الحكم في السعودية وإلاّ ستقع أمريكا في أزمة أخلاقية أمام حلفائها الاوروبيين وهو موضوع حساس لديهم باعتبار انه لطالما هاجموا سياسات السعودية فيما يتعلق بالحريات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115