الدور الروسي في ليبيا بين الخفي والمعلن: مناكفة روسية - غربية أداتها الأزمة الليبية

رغم نفي روسيا و ايضا الجيش الليبي وجود قواعد عسكرية في ليبيا ردا على تقرير مثير للجدل نشرته صحيفة «صن»

البريطانية قبل أسبوع ، كان هذا التقرير سببا في عودة الجدل والشكوك الى الواجهة مجددا حول حقيقة الدور الذي تلعبه روسيا في الميدان الليبي سواء على صعيد عسكري او صعيد سياسي بالتحديد في علاقة بالدعم الذي تقدمه موسكو منذ سنوات لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر .
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي احمد المسماري خلال مؤتمر صحفي في مدينة بنغازي: إنه «لا وجود لأي قواعد عسكرية روسية أو غير روسية في ليبيا»، مضيفاً «نرحب بأي وفد إعلامي غير مؤدلج لزيارة قاعدة بنينا الجوية وقاعدة طبرق».وأضاف الناطق الرسمي، أن «ما ذكرته الصحيفة البريطانية غير صحيح ولا توجد أي قواعد روسية أو غير روسية في ليبيا».

كما نفت السفارة الروسية في لندن تقريرا عن رغبة موسكو بتحويل ليبيا إلى سوريا أخرى.وأوضح بأن «بالنسبة للأسلحة الروسية هذه أسلحة موجودة في ليبيا، لأن الجيش الليبي بالكامل سلاحه روسي ولدينا 20 مليون قطعة سلاح وصواريخ دفاع جوي وبحرية وبرية كلها روسية».وكانت الصحيفة قد نقلت عن مصدر حكومي رفيع، أن الاستخبارات البريطانية أبلغت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بأنّ بوتين يريد «تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة» واستخدام قواته هناك للتأثير على الغرب، مشيرة إلى، أن الهدف الرئيسي لموسكو هو السيطرة على أكبر طريق للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

يشار الى ان ليبيا منذ سنة 2011 تشهد تداخل الادوار الدولية على ميدانها بدءا بايطاليا مرورا بامريكا وبريطانيا وبعض دول الخليج ودول الجوار وصولا الى روسيا التي يعتبر دخولها الى المعادلة الليبية - على الصعيد السياسي- حديثا رغم نفيها أي دور عسكري لها هناك.

استغلال الفرص
فبعد ان نفت بشدة فرضية التدخل العسكري الاجنبي في ليبيا ، ظهرت بوادر تقارب بين المشير خليفة حفتر والجانب الروسي تجلت في شكل زيارات ولقاءات متتالية مع مسؤولين عسكريين من موسكو ، بالإضافة الى تصريحات روسية أكدت استعداد الدولة السوفياتية سابقا لتقديم المساعدة العسكرية في حال طلبت السلطات الليبية ذلك . ويرى مراقبون ان زيارات حفتر التي تسارعت وتيرتها في الاشهر الاخيرة تؤشر – ضمنيا- إلى طموح الاخير لتقوية نفوذ قواته العسكرية عبر خلق تحالف مع الجانب الروسي وضمان دور سياسي جديد لموسكو في ليبيا .

يشار الى أنّ القائد العسكري الليبي خليفة حفتر قام العام الماضي، بزيارة لحاملة الطائرات الروسيّة «الأميرال كوزنتسوف» للقاء وفد عسكري روسي قبالة السواحل الليبية. هذه الزّيارة المُثيرة للجدل سبقتها زيارات أخرى قام بها حفتر اخرها كانت نهاية نوفمبر المنقضي إلى موسكو بهدف بحث ملفّ الحظر المفروض على تسليح الجيش ،والذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ سنوات. ثم تلت هذه الزيارات زيارات اخرى متتالية قيل انها لمزيد توطيد العلاقة بين حفتر والمسؤولين الروس.

ومع تصاعد حدّة الحرب الدولية ضد تنظيم «داعش» الارهابي في سوريا وتزايد نفوذ المعسكر الروسي الايراني على حساب المعسكر الامريكي الغربي ،يرى مراقبون ان انظار روسيا تتجه في الفترة الراهنة الى الشمال الافريقي وتحديدا ليبيا التي تعاني منذ مايقارب الـ8 سنوات من فوضى سياسية وأمنية فاقمتها الخلافات الداخلية المستمرة ، كما ساعد الاحتراب والاقتتال الداخلي ايضا على خلق ارض خصبة للنزاع استغلتها اطراف خارجية لتأسيس تحالفات جديدة من شأنها تغيير موازين القوى في المنطقة .

ولعل الخلاف البريطاني الفرنسي حول الملف الليبي والخلاف الامريكي الفرنسي حول إفريقيا بصفة عامة هو مادفع الروس الى استغلال المشهد والسير نحو خلق موطئ قدم للدب الروسي في المنطقة المغاربية. إذ يؤكد المشهد الليبي وجود تقارب في المواقف بين الولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا حول ليبيا الاّ ان العلاقات بين ايطاليا والمؤسسة العسكرية الليبية بقيادة حفتر ليست في وضع مبشر، مع العلم ان حفتر شدد في الاونة الاخيرة على ضرورة مراجعة الدور الذي تلعبه روما في بلاده وهي الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج . هذا الجفاء بين ايطاليا وحفتر اعتبره متابعون كسبب مهم في توجه المشير الليبي الى البحث عن شريك قوي ،يبدو أنه وجده في روسيا ،خاصة ان تصريحات وزير خارجية روسيا منذ اشهر تشير الى ان بلده على استعداد للتدخل في ليبيا اذا طلب منها مجلس اﻻمن والأطراف الليبية وهذا دليل على توجه بوصلة الروس نحو شمال افريقيا.

ويرى مراقبون ان الصراع القديم المتجدد بين أمريكا وفرنسا حول إفريقيا وخلاف بريطانيا مع فرنسا حول الملف الليبي لم يوفرا أرضية مشتركة للتدخل العسكري في ليبيا، كان دافعا لظهور الدور الروسي المعلن تارة والخفي تارةمما دفع بعض الاطراف الى قبول دور روسي مرتقب في ليبيا خاصة بعد نجاح موسكو في سوريا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115