الكاتب والمحلل السياسي العراقي منتظر ناصر لـ«المغرب»: «إيران تحاول إبقاء العراق كورقة شدّ وجذب بينها وبين أمريكا»

قال الكاتب والمحلّل السّياسي العراقي منتظر ناصر بـ «المغرب» أنّ المظاهرات التي تشهدها

مدينة البصرة سيكون لها تأثير مباشر على مشاورات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة . وتابع ناصر أنّ تطوّرات المظاهرات الأخيرة في البصرة ستزيد من حدّة الصراع بين الأطراف العراقية ذات التوجهات السياسية المختلفة علاوة على تداخل ادوار الاطراف الاقليمية والدولية الاخرى على غرار ايران التي تعتبر العراق «رئة›› تتنفس بها أمام الحرب المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها.

• لو تقدمون لنا قراءتكم لآخر تطورات المشهد في البصرة ؟
مدينة البصرة تشهد سوء خدمات فظيع هذا واقع مؤكد ومفروغ منه ، وخروج اهل البصرة في تظاهرات كان خطوة مشروعة جدا لأنهم يعانون من انقطاع الكهرباء وارتفاع كبير في نسبة الملوحة في مياه الشرب وسوء الخدمات الصحية وغيرها من المعضلات . كل هذا ادى الى انفجار الوضع في البصرة لكن السؤال المطروح هو لماذا حدثت التظاهرات في هذا التوقيت وبهذا التسلسل المنظم ؟

من خلال النظر الى اسباب اندلاع التظاهرات يظهر ان هناك محرك و ارادة لإخراج اهل البصرة او لوضع البصرة على لائحة الصراع السياسي العراقي ،بدءا من قطع الطاقة الكهربائية طويلة في ذروة الحر مع العلم أن مدينة البصرة هي من اكثر مدن العالم حرارة ،فحين نبحث عن الاسباب نجد ان هذا القطع جاء بسبب قطع ايران لخط الكهرباء الرئيسي الذي يربط المدينة. لكن وبعد أن تم حل موضوع الكهرباء بعشرين يوما فوجئ اهالي البصرة بانعدام المياه وخروج مياه غير صالحة للشرب او للغسل حتى .الاكثر من هذا ان المياه التي كانوا يشترونها من باعة المياه النقية او العذبة لم تكن معقمة الامر الذي ادى الى وقوع آلاف حالات الاسهال والتسمم في يومين اكثر من 7000 شخص لكن الاحصائيات الاخرى تشير الى عشرات الالاف من حالات التسمم .

• هناك حديث عن محاولات تسييس مظاهرات البصرة التي بدأت سلميّة لكن سرعان ماتغير مسارها ماتعليقكم ؟
نتيجة كل ماتحدثنا عنه الواضح أنّ هناك من يريد اشعال البصرة لتكون على ورقة الصراع السياسي ، نعم المظاهرات بدأت سلمية نحن نعرف انه رغم الغضب العارم فان التنسيقيات التي دعت الى التظاهر في اوقات سابقة لم تحرق او تدمر اذ اتسم تحركها بطابع سلمي عدا التعامل العنيف من الشرطة وهو ما تمّت ادانته لكنهم لم يذهبوا لا الى دائرة ولا الى قنصلية ليحرقوها .

ماجرى من حرق مقار الحشد الشعبي والقنصلية الايرانية والأحزاب الدينية لست متأكدا من الجهات المتورطة بالحادث لكن هناك بعض المعطيات ، اولا المتظاهرون الذين خرجوا في مظاهرات لم يكن في اجندتهم حرق القنصلية او غيرها ، ماحدث هو تطور مفاجئ ..لم يكن الحرق هو المفاجئ لكن فكرة الحرق مفاجئة وحدثت على ايدي اشخاص لم يكونوا معروفين .هؤلاء الاشخاص وبسرعة رهيبة وبتنظيم منقطع النظير قاموا بحرق هذه المقار وامتدت الحرائق بشكل سريع ومنظم جدا.الا أن عدم حصول اشتباك اعطى تصورا للمتابعين ان هناك أمرا دُبّر بليل وان هناك من يحاول ان يستفيد من هذه الورقة ورقة احداث البصرة وورقة احراق مقار الحشد الشعبي ومقار الاحزاب والقنصلية الايرانية .

• ماهي تأثيرات مايحصل على مساعي تشكيل الحكومة والمشهد السياسي عامة؟
النتائج السريعة الاخرى قد تساعد المتابعين في طرح رؤية قد تكون غريبة ومستبعدة في بادئ الامر هي ان من يقف وراء هذه العملية هم انفسهم المتضررون من عملية الحرق لأنهم في النهاية هم المستفيدون من كل ماحصل لأنه في اليوم التالي لحرق القنصلية هدد رئيس هيئة الحشد الشعبي بالنزول للشارع.وهذا معناه اسقاط المدينة بأيدي قوات الحشد الشعبي المدعومة من ايران، للإشارة ليس كل الفصائل تابعة لإيران بل اتحدث عن الشق الموالي لإيران ،في اليوم التالي اعلن الصدر زعيم تحالف سائرون الفائز في الانتخابات الذي كان متحالفا مع حيدر العبادي ومع تيار الحكمة لعمار الحكيم والقائمة الوطنية بزعامة اياد علاوي وإعلانه عن تقاربه مع تحالف الفتح بقيادة العامري رئيس منظمة بدر وهو معروف بدعمه لإيران والتي كانت تصر على الأجندا الخفية لطهران ان تكون هي محور تشكيل الحكومة .

هذا التحول المفاجئ قد يساعد الذين يتصورون ان من يقف وراء احداث البصرة هم نفسهم ضحاياها قد قلب المعادلة ويجعل لديهم مسوغ ومبرّر لهم للنزول الى الشارع والسيطرة على البصرة وهذا ماهدّد وخوف الاخرين من عدم الانسياق والتوافق مع اجنداتهم .
طبعا هناك مسالة مهمة جدا حول تشكيل الحكومة القادمة ، اذ يعرف الجميع ان تشكيل الحكومة العراقية منذ 2013 لم يكن شانا داخليا لسبب بسيط وهو ان العراق الى حد الان هو قضية دولية اكثر منه قضية داخلية .وعلى هذا علينا معرفة ان الانتخابات الامريكية للكونغرس يوم 6 نوفمبر القادم وإذا نظرنا ايضا الى توقيت العقوبات النفطية على ايران والتي ستحصل يوم 2 نوفمبر سيكون هذا التاريخ حاسما في تشكيل الحكومة العراقية القادمة.
من وجهة نظري ان الصراع سيشتد بين الاطراف العراقية والتي تتأثر بالصراعات الخارجية اضف الى ذلك أن بريت ماكغورك المبعوث الامريكي الى العراق ستنتهي مهمته التي طالت لسنوات في شهر ديسمبر القادم بالتالي كل هذه الاحداث ستكون حاسمة في مشاورات تشكيل الحكومة العراقية القادمة .

• كيف ترون مواقف دول الجوار ازاء ماتشهده البصرة ؟ وماذا بخصوص الدور الايراني في العراق ؟
بالنسبة لإيران بصراحة هي لا ترغب بالسيطرة كليا على العراق لان العراق ليس بلدا صغيرا لا يمكن لطهران ان تثقل كاهلها بحمل العراق لوحدها.هي تريد اعادة المعادلة السابقة وهي الاتفاق الامريكي الايراني بشان العراق ،لكن امريكا بإدارة ترامب ترفض قطعيا وجود اي اتفاق مع طهران بخصوص العراق .ثانيا هي طهران تحاول ان تبقي العراق كورقة للتفاوض والصراع بينها وبين الولايات المتحدة كما حدث مع ادارة اوباما سابقا اذ كانت ادارة الرئيس السابق متواطئة مع ايران في جعل العراق ورقة للضغط والتفاوض.

يبدو هذه المرة ان أمريكا ترامب لا تقبل بالاتفاق مع ايران حول العراق هي على استعدادا لخسارة العراق لـ4 او 5 سنوات على ان تضع اليد باليد مع طهران وهذا مع تخشاه ادارة روحاني .لأنها لا تملك القدرة على مسك العراق بشكل كامل لكبره وتنوعه وعدم قدرتها الاقتصادية على ادارة بلدين هي تريد عراقا فيه نوع من الازدهار والعلاقات الدولية مع اوروبا ليكون رئة لها تتنفس من خلالها .وضع العراق ضمن هذا الحصار الذي تتعرض له ايران لن يخدمها بشيء لذلك هي تضغط بقوة لإخضاع امريكا للمعادلة السابقة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115