إيطاليا تنوي إنشاء مراكز إيواء للمهاجرين غير الشرعيين: رفض شعبي وصمت غريب من الفرقاء الليبيين

أصدر المجلس الاعلى للقبائل و المدن الليبية بيانا استنكر فيه عزم الحكومة الايطالية إنشاء مراكز ايواء للمهاجرين غير النظاميين

في اقليم فزان ، وذلك في اطار استراتيجية ضبطتها ايطاليا لوضع حد لتدفق المهاجرين نحو أراضيها . وندد البيان الصادر عن المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية بما وصفه بالنزعة الاستعمارية لايطاليا . كما استغرب ذات البيان صمت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والحكومة المؤقتة إزاء تصريحات وزير داخلية ايطاليا ذات العلاقة، من جهة اخرى قامت منظمات المجتمع المدني في مدينة «غات» جنوب غرب ليبيا بغلق مهبط لمنع اي طائرة عسكرية من النزول.

وكانت الحكومة الإيطالية أرسلت مساعدات الى أغلب بلديات الجنوب حتى تضمن موافقتها انشاء مراكز ايواء للمهاجرين على اراضيها ، بعد ما كانت وقّعت مع المجلس الرئاسي في 2017 مذكرة تفاهم لمحاربة الهجرة غير الشرعية . وهي المذكرة التي أثارت جدلا قانونيا واسعا باعتبار ان فائز السراج الذي امضى على المذكرة فاقد للصفة.

ولضمان تنفيذ الاستراتيجية الايطالية المتعلقة بمحاربة الهجرة السرية ، عملت الحكومة الايطالية الجديدة على استمالة القبائل في الجنوب الليبي عبر بوابة المساعدات للبلديات . وتدرك ايطاليا انها في حال اقناع قيادات القبائل والبلديات فان المجلس الرئاسي لن يعرقل انشاء تلك المراكز لإيواء المهاجرين ، الجدير بالتنويه ان دول الجوار هي الاخرى لن تعارض المخطط الايطالي باعتبار تلقيها اشعار ايطاليا بامكانية انشاء مراكز ايواء للمهاجرين على اراضيها .

بمعنى اوضح فان ايطاليا لو فشلت في بناء مراكز ايواء للمهاجرين جنوب ليبيا وفي مدينة زوارة شمال غرب ليبيا، فإنها سوف تقيم مراكز ايواء في تونس على سبيل المثال و لو ان وزير الخارجية التونسي كان قد نفى في تصريحات عديدة امكانية اقامة تلك المراكز داخل اراضيها .

عنصر آخر يتعلق بتصاعد الصراع الايطالي- الفرنسي حول الملف الليبي ومن يدير الأزمة، اذ ان هناك تصعيدا غير مسبوق بين الدولتين لا محالة سينعكس على جهود محاولات حل الازمة السياسية الراهنة في ليبيا .

الدور الايطالي
واقترن قدوم الحكومة الجديدة في ايطاليا بظهور رغبة جنوبية من اجل توسيع نفوذ ايطاليا في ليبيا، فايطاليا لم تعد تقبل بمجرد نفوذ على غرب ليبيا واعلنت صراحة انها سوف تضم الجنوب لمناطق نفوذها على حساب فرنسا .

السؤال المطروح في هكذا تطورات وتصعيد في التصريحات ما بين باريس وروما ماهي خفايا هذا التصعيد ولماذا جاء في هذا التوقيت بالذات ؟

بالعودة لمواقف الدولتين وكيفية تعاملهما مع الملف الليبي نجد ان احد أسباب التصعيد هو اقتصادي بحت، اذ اكدت التقارير اكتشاف حقول غاز قرب سبها تكفي لتأمين حاجيات اوروبا بأكملها لمدة 30 عاما . وطالما ان الصراعات الدولية حاليا تدور حول الطاقة،فان الصراع بين ايطاليا وفرنسا الجاري في ليبيا انما هو حول الطاقة من نفط و غاز.

هذا السبب والدافع الاول اما السبب الثاني فان ايطاليا تريد فرض امر واقع جديد اي التموقع على الارض قبل بلوغ التسوية السياسية للازمة،ويلاحظ المراقبون بان ايطاليا تعمل على حسن استغلال تراجع النفوذ الفرنسي في اقليم برقة فمنذ سقوط المروحية العسكرية، تقلص نفوذ فرنسا بدرجة كبيرة في حين تضاعف النفوذ والوجود الايطالي في مصراتة مثلا .

منع تصدير النفط من ميناء الزويتينة والحريقة
على صعيد اخر سبق للقائد العام للجيش أن اعلن تسليم الموانئ النفطية في مناطق الهلال النفطي للمؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي ، من اجل حرمان مليشيات طرابلس من الانتفاع بعائدات تصدير النفط ، كما جاء في بيان القائد العام للجيش . قرار رفضته الدول الغربية بريطانيا- فرنسا- ايطاليا والولايات المتحدة وطالبت حفتر بالتراجع عن قراره . هذه الدول الغربية لم تقف عند اصدار بيان بل اتخذت خطوات عملية اذ اكدت الانباء القادمة من الموانئ النفطية اعتراض 4 بوارج حربية لسفينة نقل نفط خام ابحرت من ميناء الزويتينة امس وأجبرتها على العودة من حيث انطلقت ،وفي ذات الوقت اكدت نفس الانباء وجود بوارج حربية غربية اخرى قبالة ميناء الحريقة لمنع تصدير النفط .

مؤشرات وتطورات دولية تدخل ضمن التجاذبات الدولية و تكشف حجم التدخل الغربي في ليبيا وتضارب المصالح . واقع يقابله الفرقاء المحليون بالانغماس في خلافاتهم والتمسك بالمصالح الشخصية الضيقة على حساب مصالح الوطن العليا وسيادته.

حيال هذا الصراع على قطاع الطاقة في ليبيا الغنية بالنفط و الغاز يبدو ان الحل الوحيد لتحديد هذا القطاع الحيوي هو ارسال قوة حفظ سلام للموانئ النفطية وضمان توزيع عادل للعائدات المالية بين مختلف اقاليم البلاد وذلك الى حين بعث حكومة مركزية قوية تحظى بأقصى ما يمكن من القبول الشعبي ،ودون هذا السيناريو فان الاوضاع على الارض سوف تتطور اكثر ومن غير المستبعد حصول تدخل عسكري مباشر خارجي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115