قمة باريس حول ليبيا: انتخابات برلمانية و رئاسية في 10 ديسمبر 2018: هل خارطة الطريق الجديدة هي آخر فرصة لحل سياسي؟

استضافت باريس امس مؤتمرا دوليا حول ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة نظم في قصر الإيليزي بمشاركة 20 طرفا من دول و منظمات دولية و من

الجانب الليبي، بحضور رئيس الحكومة فايز السراج و المارشال خليفة حفتر وكذلك عقيلة صالح عيسى رئيس البرلمان المنتخب عام 2014 و رئيس مجلس الدولة خالد المشري. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى انعقاد هذا المؤتمر بعد فشل الإتفاق المبرم بين فايز السراج وخليفة حفتر خلال لقائهما التاريخي في باريس في 25 جويلية 2017 و تعدد الانتقادات من إيطاليا و دول الجوار لتفرد باريس بالملف وخوفهم من فرض أجندتها دون مشاركة المجتمع الدولي.

اللقاء جمع بين ممثلي الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ودول إفريقية (تونس والجزائر ومصر والمغرب والتشاد و النيجر) ودول أوروبية ( إيطاليا وألمانيا وهولندا ومالطا) وكذلك تركيا ودول عربية (المملكة العربية السعودية و قطر و الكويت و دولة الإمارات العربية، لها مصالح و تواجد في ليبيا عبر مجموعات مسلحة ، وأربع منظمات دولية (الأمم المتحدة و رابطة الجامعة العربية و الإتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي). ويشارك الرئيس الباجي قائد السبسي في القمة الذي يحرص على نجاح المبادرة و ضمان حل شامل لا يستثني باقي الفاعلين السياسيين في ليبيا خاصة أن تونس احتضنت منذ البداية مشاورات ومفاوضات بين جل الأطراف المتنازعة في ليبيا لضمان حل سياسي سلمي يقي المنطقة خطر الانزلاق نحو المجهول.

الخروج من الأزمة
أعلن قصر الإيليزي في بيان رسمي أن الهدف من هذه القمة هو «الخروج من الأزمة التي تهدد البلاد و المنطقة منذ سنوات» مضيفا أن «هذه القمة تندرج في سياق الجهود التي يقوم بها المجتمع الدولي منذ 2011 لفتح عهد جديد من الاستقرار و التعاون يرتقبه كل الشعب الليبي». هذه العبارات الدبلوماسية تخفي عجز فرنسا بمفردها على توحيد الأطراف المتنازعة في ليبيا و تجسيم ما تم الاتفاق في شأنه في صيف 2017. و كانت إيطاليا قد أعربت عن قلقها وامتعاضها من استفراد فرنسا بإدارة أزمة مستعمرتها القديمة و التي تربطها بها مصالح متعددة في عهد العقيد الراحل معمر القذافي.

ومع استفحال أزمة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط تجاه السواحل الإيطالية تعقدت الأزمة مع رفض البلدان الأوروبية مشاطرة إيطاليا عبء الهجرة مما جعلها تتخذ قرارا حاسما في إرسال قواتها البحرية قبالة الشواطئ الليبية لمنع تدفق زوارق الموت و إبرام اتفاق مع فايز السراج لإدارة مجموعات المهاجرين على الأراضي الليبية مقابل تمتيع القوات الليبية بالتدريبات و العتاد العسكري اللازم. وهو ما أدخل فرنسا و إيطاليا في حالة تنافس قصوى أثرت على العلاقات الاقتصادية والتعاون بين البلدين في ملفات السكك الحديدية و الصناعة البحرية. قرار ماكرون استضافة القمة هو امتداد لمختلف الأزمات اللاحقة و محاولة للم شمل كل الجهات الفاعلة في ليبيا للتوصل لحل شامل.

خارطة طريق جديدة
على اثر اجتماع القمة الدولية قرأ الممثلون الليبيون الأربعة، خلال مؤتمر صحفي عقد تحت رئاسة الرئيس ماكرون و بمشاركة غسان سلامة المبعوث الأممي الخاص، نص «الإعلان السياسي» حول خارطة طريق تؤسس توجها نحو الخروج من الأزمة. وقال السراج، في المؤتمر الصحفي المشترك : «دعوت في اجتماع اليوم لوقف الاقتتال واللجوء للحوار ووقف القتال في مدينة درنة». وأضاف السراج: «أكدت رفضنا للإرهاب والتطرف، ويجب أن يتوحد الموقف الدولي تجاه ليبيا».

و أكد نص الإتفاق على عمل الأطراف الليبية مع الأمم المتحدة بطريقة بناءة على تنظيم انتخابات نزيهة وسلمية وعلى احترام نتائج الانتخابات. وقال البيان المشترك إن الوفود الأربعة أكدوا التزامهم بعقد الانتخابات في 10 ديسمبر. وأوضح: «إلتزم الأطراف بوضع الأسس الدستورية للانتخابات واعتماد القوانين الانتخابية الضرورية بحلول 16 سبتمبر 2018، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 10 ديسمبر 2018».

و تم الاتفاق على نقل البرلمان المقيم في طبرق إلى طرابلس و حل الحكومة المنصبة في شرق البلاد على أن تقوم كل الأطراف البرلمانية بتوحيد البنك المركزي و باقي مؤسسات الدولة. في شأن الجيش، تم الاتفاق على تشكيل قوات مسلحة وأمنية موحدة تحت إشراف أممي تضم بالخصوص الجيش الوطني الليبي التابع للمشير حفتر و الميليشيات المتفرقة المناصرة لخارطة الطريق وأخذ كل التدابير للقضاء على الجماعات الإرهابية وتنظيم داعش التي تهدد استقرار البلاد.

و اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و المبعوث الأممي غسان سلامة هذه القمة «تاريخية» بكل المقاييس. و أوضح سلامة «نحن لا نعوض الليبيين، بل هم الذين اتفقوا فيما بينهم. وهذا أساسي» معبرا عن «تفاؤل» المجتمع الأممي بهذه الخطوة. لكن بعض الأصوات النشاز سمعت في ليبيا ضمن بعض النواب الذين بادروا بالتصريح بأن كل هذه القرارات لا بد للبرلمان الليبي أن يصادق عليها وأنها لا تعنيهم إلى حد الآن. وهو ما يشير إلى صعوبة تنفيذ هذه القرارات الحاسمة في غياب مشاركة الأطراف التي تتحكم في مفاصل المدن و الدولة على الأرض و تفرض سيادتها على الشعب الليبي بمنطق السلاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115