نووي إيراني .. «القدس».. سوريا.. وكوريا الشمالية: سياسة «ترامب» الخارجية تهدّد تحالفات أمريكا التقليدية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأول رسميا إلغاء القمة الكورية الأمريكية بعد أن كان من المقرر إجراؤها في الـ12 من جوان

المقبل . هذه الخطوة سبقها اخذ ورد وشكوك حول عقد هذا اللقاء التاريخي بين ترامب وكيم نتيجة نشاط كوريا الشمالية النووي وعدم «ايفائها بتعهّداتها’’ وفق ما اكده البيت الابيض أمس. هذه الخطوة التي اقدم عليها دونالد ترامب كانت متوقعة خاصة في الايام الاخيرة حيث تصاعدت حدّة التصريحات بين الجانبين لتنتهي يوم امس الاول الشكوك والتأويلات بإعلان الرئيس الأمريكي الغاء القمة التي كانت محط انظار العالم أجمع باعتبار انها كانت الاولى التي ستعقد بين الجانبين بعد عقود طويلة من الخلافات.

وينضم ملف كوريا الشمالية الى قائمة الملفات التي حسم فيها الرئيس الامريكي دونالد ترامب رغم المعارضة الدولية التي يلقاها ، اذ يأتي هذا القرار الاخير الى جانب اعلان البيت الابيض في الـ 8 من ماي الجاري انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني المثير للجدل مما خلف انتقادات دولية حادة ومعارضة اوروبية واسعة النطاق لقرار ساكن البيت الابيض الجديد الذي عزا قراره للدور ‘’المشبوه’’ وتنامي نفوذ طهران في منطقة الشرق الاوسط سوريا والعراق بالتحديد وهو ماتعارضه واشنطن وحلفاؤها الخليجيون في المنطقة. وقبيل ذلك كان لتنفيذ ترامب قراره القاضي بنقل سفارة الولايات المتحدة الامريكية من «تل ابيب» الى القدس المحتلة ردود فعل دولية وعربية غاضبة جدا خاصة وان القرار جاء في شكل تحد واضح وصريح لإرادة المجموعة الدولية مما يهدد-وفق مراقبين- بفرط عقد تحالفات الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها.

إلغاء القمة بين ترامب وكيم
في هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي السوري د. سومر صالح لـ«المغرب» أن خلافا كبيرا يدور حاليا بين وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو ومستشار الامن القومي جون بولتون حول نزع السلاح النووي الكوري، وكان واضحا نية كورية بإلغاء هذه القمة مؤقتا بسبب المناورات الكورية الجنوبية الامريكية وتصريحات مايك بنس نائب الرئيس الامريكي حول مصير ليبيا الذي قد تلقاه كوريا الشمالية، مشيرا الى ‘’ان المناورات الكورية الامريكية من جهة واستبعاد الصين من المناورات المشتركة في المحيط الهادئ عززت اتجاهات الغاء القمة من قبل الطرف الكوري، بسبب اتضاح النوايا العدوانية الأمريكية دون ان ننسى ان كوريا دائما ما تم تصنيفها على انها نظام مارق امركيا ولم يتغير شيء حتى الان في هذا التصنيف، ومن جهة ثالثة فانسحاب واشنطن من اتفاق فيينا النووي الايراني يعزز اتجاهات القلق لدى كوريا الشمالية واتجاهات الالغاء فاستبق ترامب هذه الخطوة والغى القمة وحاول استثمارها إعلاميا، دون ان نغفل ان العداء الامريكي تجاه الصين وإيران اقلق كوريا، ولكن في النهاية انسحاب أمريكا من هذه القمة اتى لصالح النظام الكوري لأنه اظهر رغبة كورية في انهاء التوتر مجسدا في تفكيك احد مواقع التجارب النووية، بعكس النظام الامريكي الذي بدأ يفقد السيطرة دوليا ويظهر بمظهر الفاعل غير العقلاني، بما يعزز الموقف الكوري التفاوضي مستقبلا حال استئناف المفاوضات وهو أمر متوقع طبعا» وفق تعبيره.

وبخصوص الملف النووي الايراني والآن الملف الكوري الشمالي قال الكاتب السوري أن الولايات المتحدة عاجزة عن ادارة ملفين دوليين نووين هما الكوري والإيراني بعقلية واقعية، ومرد ذلك افكار جون بولتن الدافعة الى عسكرة العلاقات الدولية وتوجيه ضربات عسكرية للبلدين، وتابع «اذا كان الظن الامريكي ان الغاء القمة الاميركية الكورية سيرسل اشارات تهديد لإيران فاعتقد سلفا ان مثل هذه التصرفات غير العقلانية تنم عن حجم الفراغ الامريكي في ادارة الصراعات الدولية، ودليل عدم وجود استراتيجيات واضحة فالانسحاب الامريكي من كل الاتفاقيات والتعهدات الدولية من اتفاق المناخ الى اتفاق التجارة العابر للهادئ الى الاتفاق النووي الايراني الى القمة الامريكية الكورية يدل بشكل واضح على فقدان السيطرة والرؤية للقيادة الامريكية الراهنة، ولعل الامور تسير بين الطرفين الى عشية التهديد النووي في جزيرة غوام، فالكوريون لن يسلموا السلاح النووي والبالستي إلا بضمانات دولية تبدو بعيدة وغير متاحة سيما بعد الغاء القمة الكورية الامريكية والانسحاب الامريكي من اتفاق فيينا النووي مع ايران» على حد قوله .

سياسة متخبطة في الشرق الاوسط
وبخصوص سياسة امريكا تجاه ملفات ساخنة في الشرق الاوسط اشار محدّثنا الى وجوب لفت الانتباه الى نقطة مهمة وهي انزياح مركز الصراع الدولي باتجاه اسيا الوسطى بعيدا عن الشرق الاوسط، لذلك تحاول الولايات المتحدة الدفع نحو انهاء كل الملفات وفق الرؤية الامريكية انطلاقا من تصفية القضية الفلسطينية عبر نقل السفارة الامريكية للقدس والتجهيز لما يسمى صفقة القرن لانهاء ملف حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وربما الضفة الغربية ايضا التي تلوح بالأفق مؤامرة لضم نصفها الى الكيان المعادي، مضيفا «وما نسمعه من كلام عربي للأسف يتماهى مع الخطة الامريكية للسلام في الشرق الاوسط» على حد قوله .

واكد محدثنا ان الواقع في سوريا يبدو معقدا مع اصرار روسيا على التسوية بسقف مؤتمر سوتشي للحوار السوري وليس بيان جينف 2012 او حتى مسار جينيف للحل، لذلك تدخلت الولايات المتحدة عسكريا لصالح ادواتها بشكل مباشر وفي اخر اعتداء منذ يومين تقريبا قامت بقصف مواقع للجيش السوري في البادية السورية في المحطة الثانية والثالثة، اضافة الى عدوان 14 نيسان الثلاثي.معتبرا ان ‘’خيارات الولايات المتحدة يبدو انها تضيق جدا في سوريا وتنحصر في السير في الخطة الروسية للحل وحتى دعمها للمشروع الكردي بدأت بنقله الى حليفها الفرنسي الذي بدأ بتوسيع تواجده الاحتلالي في المنطقة الشرقية في سوريا، وواضح تماما افتقاد الولايات المتحدة لاي استراتيجية جديدة للشرق الاوسط مع زيادة تركيزها على قلب اسيا الوسطى حيث الاصطدام الحقيقي والفعلي والخطر سيكون مع روسيا، لذلك نرى تصلبا روسيا في سوريا ضد الولايات المتحدة وعدم القبول معها بحلول وسط لان القيادة الروسية تدرك ان الصراع مع أمريكا بات قريبا في القلب الأوراسي وشرق اوكرانيا، أما فيما يخص تركيا فالمنافسة على اشدها بين الكتلتين الاطلسية والاوراسية الجديدة لجذب تركيا اليها وتبدو فرص الاتحاد الاوراسي أكبر بعد التشبيك الاخير مع ايران والهند، وهو اكثر ما تخشاه واشنطن لانه يعني تصدع الناتو عسكريا، ولكن في السياسة لايوجد مستحيل او نهائي دائم فقد تلجأ واشنطن الى لعبة قذرة مع تركيا في الوقت البديل عن الضائع في زمن التسويات لقلب الطاولة على روسيا وذلك انطلاقا من الازمة السورية والملف الكردي تحديدا في الشرق الاوسط كاملا.»

وتابع محدثنا انه وأمام هذه المعطيات المتغيرة يجب عدم اغفال ان العدو الصهيوني يستعد لشن حرب واسعة على اكثر من جبهة بما يخلط جميع الاوراق ويضع المنطقة على حدود الانفجار الكلي، بانتظار ما ستؤول اليه الملفات الساخنة في المنطقة، دون ان نغفل متغيرا وهو عدم قدرة تركيا على الايفاء بتعهداتها لروسيا بالحرب على النصرة بما قد يعيد العلاقة الامريكية التركية الى حالتها الطبيعية ويعقد مشهد الحل في سورية وحتى ازمة الاتفاق النووي على حد تعبيره.

 

رغم الغائها سابقا ضبابية في تصريحات ترامب
«القمة مع كيم قد تعقد في موعدها»
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه من الممكن عقد قمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في 12 جوان، كما كان مقررا لها، ر غم قراره السابق بإلغائها امس الاول.
وقال ترامب للصحفيين، امس الجمعة: "سنرى ما سيحدث. نتحدث معهم الآن. قد تعقد القمة في 12 (جوان). نريد القيام بذلك".وكان ترامب أعلن الخميس إلغاء القمة المرتقبة، فيما ردت بيونغيانغ بأنها "ترغب في منح الولايات المتحدة الوقت والفرص"، لإعادة النظر في المحادثات "في أي وقت، وبأي صيغة".

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115