دمشق تتحرر من «داعش» الارهابي: مرحلة جديدة في المشهد السوري

مثل خروج عناصر من تنظيم داعش الارهابي من أحياء في جنوب دمشق تحولا كبيرا في الازمة السورية ، فلأول

مرة منذ سبع سنوات يرفع العلم السوري فوق مباني الحجر الاسود وداخل احياء مخيم اليرموك وذلك بعد انسحاب مجموعات مسلحة ودخول الجيش السوري وعناصر الشرطة .

وبحسب تقارير اعلامية فان حوالي 1000 شخص من مسلحي داعش وعائلاتهم خرجوا ليل اول امس الى منطقة السخنة في ريف حمص بعتادهم العسكري الكامل بعدد من الحافلات وسياراتهم الخاصة». وبحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان فان هذا الانسحاب يأتي في اطار اتفاق جلاء تم التوصل اليه برعاية روسية .

وتأتي هذه الخطوة في اطار التغيرات الميدانية التي تشهدها العاصمة السورية في الاونة الاخيرة في اعقاب العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري في افريل من اجل دحر المسلحين ومقاتلي داعش الارهابي وغيرها من الجماعات المتطرفة من الامكان التي استولت عليها .

وكان الجيش السوري قد استعاد ايضا السيطرة على الغوطة الشرقية بعد ان ظلت لسنوات معقلا للفصائل المسلحة المعارضة.. وفق استراتيجية تقوم على شن ضربات عسكرية ثم اللجوء الى مفاوضات سرية تهدف الى دحر ما تبقى من المسلحين وعائلاتهم عبر هدنة انسانية وبالتالي تطهير سوريا من الجماعات المسلحة بغض النظر عن توجهاتها سواء كانت اسلامية متطرفة او غيرها.

وقد حققت هذه الاستراتيجية نتائج جيدة بالنسبة للنظام السوري ومكنته من استعادة مساحات واسعة من الاراضي والمدن التي كانت قد سيطرت عليها عديد الجماعات المسلحة المعارضة.

مخيم اليرموك في قلب الازمة
ومن ابرز المناطق التي تم الاعلان عن خروج مسلحي الدواعش منها هو مخيم اليرموك .للاجئين الفلسطينيين ..هذا المخيم الذي دفع اهله وابناؤه غاليا ثمن الحرب السوري بعد ان تحملوا لعقود طويلة ايضا ثمن التهجير والنزوح من فلسطين. اذ باتت احياؤهم تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي في افريل من عام 2015 . وتأسس المخيم -وهو اكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا - سنة 1957 وكان يسمى عاصمة الشتات الفلسطيني .ويقع داخل حدود مدينة دمشق، ويبعد 8 كيلومترات عن وسط العاصمة. وأسفرت الحرب السورية عن مقتل اكثر من الف و300 شخص من ابنائه فيما نزح الآلاف بفعل الحرب الدائرة..وعانى اهله مأساة انسانية بعد ان تعرض لحصار كامل في جويلية سنة 2013 .

عن تداعيات الأحداث على المشهد السوري العام يقول الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. رائد المصري في حديثه لـ«المغرب» قائلا :«أعلن الجيش السوري وهي المرة الأولى له منذ عام 2012 أن دمشق وما حولها وريفها وبلداتها مناطق آمنة بالكامل، وذلك بعد أن إستعاد السيطرة على الغوطة الشرقية من قبل منذ عدة أشهر وما شكَّلته الغوطة من إحراجات وتهديدات أمنية على قلب العاصمة، لينهي اليوم الجيش السوري عملياته العسكرية جنوب دمشق في اليرموك والحجر الأسود بعد هجوم عسكري واسع إستمر لأسابيع، أستعاد من خلالها أحياء القدم والتضامن والحجر الأسود بالإضافة إلى مخيّم اليرموك...

فما كان يسمى بولاية دمشق التابعة لتنظيم داعش الإرهابي قد طويت الى الأبد اليوم، وتتَّجه الأنظار إلى محافظة درعا كمؤشر أساسي لما يمكن أن يؤول إليه المشهد السوري في خلال الأشهر المقبلة من تثبيت حضور الدولة العربية السورية، وتوسيع لمساحة سيطرتها الجغرافية خصوصاً مع بدء الحديث عن الحلِّ السياسي وتشكيل لجنة حكومية بإشراف أممي لوضع ومناقشة دستور سوريا الجديد، وهذا أيضاً يسير وفق مندرجات إتفاقات آستانة لخفض التصعيد في مناطق الشمال وإستمرار الوضع مضبوطاً، مما يُعد من التطورات الإيجابية مع الفصائل المسلحة التي قبلت بالحلِّ السياسي مع الدولة السورية.»

مرحلة جديدة
ويعتبر الباحث اللبناني ان ما شهدته العاصمة السوريّة جاء بمثابة إطلاق ببدء مرحلة جديدة في المشهد السوري، حيث أنَّ خلوّ محافظتي دمشق وريفها من أيِّ وجود عسكري مسلَّح للقوى التكفيرية المناوئة للدولة، يُكمل ما بدأته إتفاقات حمص وحماة الأخيرة، ويمنح الجيش العربي السوري وحلفاءه أكبر مساحة جغرافية خالية من المجموعات المسلّحة ..

وهذا بدوره يؤكِّد إنخفاض أعداد اللاعبين الإقليميين في المسرح السوري وخاصة اللَّعب في أمن العاصمة دمشق للضغط على الحكومة لتقديم تنازلات تكبَّد الجيش الكثير مع حلفائه لإنجازها... ويضيف بالقول :»هذه التطورات العسكرية تشمل انخفاض أعداد المسلحين الإرهابيين وبؤر تواجدهم، ومغادرة كلّ رافضي سلطة الدولة المركزيّة إلى شمال البلاد، أما مسلحو اليرموك ففضَّلوا تسليم أنفسهم للدولة بشكل كامل وتام وناجز..وفي الجانب الآخر تسعى دمشق إلى الخروج بمكتسبات من أيِّ توافق حول المنطقة الجنوبية(درعا) وما يمكن أن تصل إليه موسكو مع اللاعبين المؤثِّرين في جبهات الجنوب.

واكد محدثنا ان خروج عناصر داعش الارهابي بشكل نهائي من دمشق ومحيطها أدَّى إلى خسارة التنظيم المتطرّف بشكل كامل، حيث يقتصر وجوده الميداني في ثلاثة جيوب أصغرها لا تتعدَّى مساحتها 250 كلم2 في محافظة درعا وأكبرها جيب كبير في البادية لا يتجاوز الألف كلم وهو ما تبقى ممّا يسمُّونه ولاية البادية. إضافة إلى جيب ثالث شرق الفرات بمساحة تقارب 5 آلاف كلم2 فيما تسيطر القوات الكردية على ما يقارب 40 ألف كلم 2 ..كونها ثاني قوّة مسيطرة في الجغرافيا السورية بالدعم الأمريكي».

ولعل اهمية هذا الحدث تكمن في ان العاصمة السورية ستصبح لاول مرة منذ العام 2012 بالكامل تحت سيطرة الجيش السوري . وهذا من شأنه ان ينعكس على المشهد السياسي العام في هذا البلد الذي دخل في اتون حرب اقليمية وعالمية كبرى لا احد يدرك متى ستنتهي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115