العراق: الانتخابات التشريعية وإعادة ترتيب المشهد السياسي

شكلت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأسبوع الماضي في العراق مفاجأة

لعديد المراقبين وحملت عديد الرسائل للداخل والخارج بسبب ما افرزته من قوى سياسية جديدة من شأنها ان تغير المشهد السياسي في بلاد الرافدين .

وقد تصدرت قائمة « سائرون» بقيادة التيار الصدري المرتبة الاولى، وتقدم هذه القائمة نفسها بأنها تتبنى خطابا وطنيا قائما على نبذ الطائفية ورغم ذلك فانها لمْ تحصل على أيّ مقعد من مقاعد البرلمان في جميع المحافظات السُنيّة، وكذلك المحافظات الكردية. في حين حصلت على ثقلها الانتخابي في المناطق الشيعية. واحتلت المرتبة الثانية قائمة «الفتح»، عن الحشد الشعبي، والذي يعد من ابرز حلفاء ايران وخاض حربا ضروسا من اجل دحر «داعش» الارهابي من العراق ..

وتلتلها قائمة «النصر»، التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي المقرب من الولايات المتحدة . أما قائمة دولة القانون، التي يرأسها نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، الحليف هو الآخر لإيران، فحلّت في المرتبة الرابعة.
ولم تختلف الانتخابات التشريعية الحالية عن سابقاتها لجهة تأثير نفوذ القوى الاقليمية والخارجية وخاصة ايران والولايات المتحدة الامريكية ..وتراهن ايران على تشكيل كتل نيابية مقربة منها لمزيد تقوية مواقعها في الصراع الدائر مع السعودية خصمها اللدود في المنطقة. في حين تسعى واشنطن الى الابقاء على مصالحها في العراق والمنطقة بأي شكل كان..

نقمة شعبية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف ان هناك اسباب عديدة دفعت الى ان تكون نتائج الانتخابات بالشكل الذي أسفرت عنه ، في مقدمتها النقمة الشعبية المتنامية ضد كل الاحزاب والشخصيات التي اشتركت في الحكومات السابقة والتي فشلت في ادارة الدولة وانتشر في زمنها الفساد والخطاب الطائفي الذي أنتج بدوره أقصى درجات التطرّف متمثلا بداعش التي استطاعت نتيجة الفساد والخطاب الطائفي ايجاد بيئة موائمة لانتشارها وسيطرتها على مدن كاملة . ويضيف محدثنا بالقول :«كما ان الاداء الفاشل للحكومات السابقة للموارد الضخمة للبلاد بالإضافة الى انعدام فرص الشباب في الحصول على وظائف لاقتصار فرص التوظيف على اتباع الاحزاب وانعدام المنافسة على اسس الكفاءة والمهنية والنزاهة أدت الى ظهور جيل ساخط عبر عن سخطه اولا بالاحتجاجات التي انطلقت في بغداد وباقي المحافظات منذ جويلية 2015 والتي استمرت الى ما قبل الانتخابات الأخيرة ثم بالتصويت لقائمات وشخصيات جديدة وكذلك بمقاطعة الانتخابات ما ادى الى عدم فوز بعض الاسماء التي تسيّدت المشهد السياسي والاعلامي مثل اعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب الحالي (سليم الجبوري وهمام حمودي مثلا).

ويفسر محدثنا فوز قائمة « سائرون» بأنه يرجع الى انها قائمة عابرة للطائفية وضمت بالإضافة الى حزب استقامة الذي يمثل التيار الصدري الحزب الشيوعي العراقي بالاضافة الى احزاب ليبرالية اخرى. ويضيف بالقول :«كما ان السيد مقتدى الصدر نجح في خلق انطباع بأنه زعيم يدعو للإصلاح حيث منع جميع اتباعه السابقين من الوزراء والنواب من الترشح في الانتخابات لما تحوم حول بعضهم من تهم المشاركة بالحكومات الفاشلة السابقة التي اتسم عملها بالفوضى والفساد».

مباحثات تشكيل الحكومة
اما عن الرهانات امام امكانية تشكيل الحكومة الجديدة فاجاب بالقول :«أعتقد ان ذلك أصبح اكثر صعوبة من السابق بسبب التأثيرات الخارجية في هذا الموضوع وخاصة الأمريكية والإيرانية، فإيران من جهتها تدفع باتجاه تشكيل الكتلة الأكبر من قائمتي الفتح ودولة القانون وقد تضم بعض القوى الكردية ايضا

مقابل مسعى امريكي يدفع باتجاه تشكيل تكتل يضم سائرون وكتلة نصر التابعة لرئيس الوزراء د. حيدر العبادي وضم قوى كردية وأخرى من المناطق المحررة اليه وتجديد الولاية لدورة ثانية لحيدر العبادي».
وقال ان المشكلة في هذا التحالف هو معارضة مقتدى الصدر لتواجد القوات الامريكية في العراق ورفض تدخلها في شؤونه الداخلية بينما يمثل هو لا غيره خيارها الوحيد للحد من النفوذ الإيراني في العراق فهو الوحيد من بين القوى والأحزاب والشخصيات «الشيعية» التي عارضت التدخل الإيراني في العراق

وزار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية لكن الولايات المتحدة لا تنسى ان جيش المهدي التابع له في سنوات 2005 و 2006 قد قيد تحركاتهم في عموم العراق».
وعن امكانية وجود تفاهم بشان شكل الحكومة اضاف المحلل السياسي العراقي :«اعتقد ان طريق الخروج من هذا الوضع الوحيد المتاح والذي قد يوافق عليه مقتدى الصدر بصعوبة بالغة هو تجديد الولاية لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي يحظى بمقبولية امريكية وإيرانية وإقليمية جيدة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115