افتتاح السفارة الأمريكية في القدس..ترامب يسجل «نكبة» جديدة: سقوط شهداء وآلاف الجرحى في يوم الغضب الفلسطيني .. والمقاومة مستمرة

اختار الرئيس الامريكي دونالد ترامب يوم 15 ماي المشؤوم ، والذي يصادف الذكرى السبعين للنكبة، لتدشين سفارة بلاده وافتتاحها لأوّل مرة

في القدس المحتلة بعد نقلها من تل ابيب ...ليعلن معها ايضا تسجيل نكبة جديدة في تاريخ فلسطين الحديث ..

بعد وعد بلفور ، يأتي وعد ترامب المشؤوم .. ففي عصر « صفقة القرن» المشبوهة ..كل شيء يمكن ان يصبح مباحا للعدو الاسرائيلي وشركائه الامريكيين والإقليميين.. وبعد 70 سنة هاهو الاحتلال الاسرائيلي يسجل يوما جديدا اسود في تاريخ المنطقة، ممهدا الطريق لجعل القدس المحتلة عاصمته الابدية ... لكن موقف الفلسطينيين كان واضحا ومثلما بدؤوا قبل سبعين سنة مشروعهم النضالي الوطني ، هاهم يواصلون المسار نفسه رغم كل الصعوبات والعثرات والانقسامات والأزمات . وقد اكدت القوى الوطنية الفلسطينية أن اليوم هو «يوم الالتحام بالقدس عاصمة فلسطين الأبدية ويوم الزحف نحوها لحمايتها». ومع الساعات الاولى من صباح امس تجمهر آلاف الفلسطينيين على الحدود الاسرائيلية المحتلة مطلقين صرخات الرفض لمشروع التهويد واستئصال القدس عن هويتها العربية والفلسطينية.. وذلك في سياق مسيرات الغضب التي انطلقت قبل شهر ردا على قرار ترامب وبلغت امس ذروتها مع استشهاد 52 فلسطنيا وجرح الآلاف ، والحصيلة مرشحة للازدياد في هذا اليوم المفصلي من تاريخ فلسطين والمنطقة. ونجح المتظاهرون الفلسطينيون في إزالة جزء كبير من السياج الشائك قبالة رفح في قطاع غزة، في وقت سجلت عشرات الإصابات في مختلف مخيمات العودة من رفح إلى بيت حانون.

و فيما كان موقف الجامعة العربية متوقعا واكتفى بالدعوة لبحث قرار ترامب في جلسة استثنائية يوم غد .. اعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية أن افتتاح السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في مدينة القدس بمثابة «نكبة فلسطينية جديدة»، واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه الخطوة بأنها صفعة على الوجه وقال إن واشنطن لم تعد تصلح للقيام بدور الوسيط النزيه في أي محادثات سلام مع «إسرائيل». في حين وصف ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باليوم العظيم لإسرائيل. وقد دشنت «تل ابيب» الاحتفالات بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين وإيفانكا ابنة ترامب وزوجها جاريد كوشنر . ولعل غياب معظم السفراء الأجانب الذين وجهت لهم الدعوات، يمثل رسالة واضحة بان القرار يخالف الاجماع العالمي والدولي وهو بمثابة انتهاك صارخ للوضع القانوني للقدس المنفصل عن «إسرائيل» وبقية الأراضي المحتلة.

تغير الدور الأمريكي؟
ولا يمكن فصل افتتاح السفارة الامريكية في القدس عن مجمل القرارات الاستفزازية التي اتخذتها ادارة ترامب طوال الفترة الماضية، من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الايراني وغيرها من الخطوات التي تشكل معالم السياسة الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط والتي تقوم على الاستفزاز والتصعيد واشعال الحروب المتنقلة . ويمكن القول ان قرار ترامب وتنفيذه نقل السفارة هو بمثابة اعلان حرب جديدة في الشرق الاوسط..والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما مآلات القضية الفلسطينية في ظل هذا التطور الخطير ..وهل يملك الفلسطينيون استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة هذا الخطر الجديد في ظل الانقسام الذي يعمق الأزمة ؟

في هذا السياق يرى الكاتب والباحث اللبناني محمود ريا أن خطوة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس هي خطوة استفزازية تنطبق مع النهج الذي يعتمده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو نهج يعتمد عدة خطوط أهمها:
ادعاء الالتزام بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، ادعاء العمل من أجل مصلحة الولايات المتحدة من خلال شعار «أمريكا أولاً» دون الالتفات إلى القيود التي تربطه بدول العالم. والعمل على تحطيم كل ما بناه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في الداخل والخارج، وذلك يحمل نَفَساً انتقامياً نابعاً من مشاكل نفسية لدى ترامب. وخلق مشاكل في أكثر من منطقة وملف في الولايات المتحدة والعالم من أجل صرف الأنظار عن التحقيقات الجارية معه حول الملفات المفتوحة بوجهه.
ويضيف محدثنا :«بالنسبة لمنطقتنا فإن نصيبها من هذه الإثارة الترامبية حتى الآن موزّع على الملفات التالية، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.الخروج من الاتفاق النووي الإيراني، ضرب سوريا والتهديد بالمزيد من الاعتداءات عليها.

هذا التوجه الذي يسير فيه ترامب يؤدي إلى توتير الأوضاع في المنطقة إلى أقصى الحدود، وربما إيصالها إلى حافة الهاوية، ظناً منه أن الأطراف الأخرى ستتراجع ولن تواجه قراراته خوفاً من اندلاع الحروب بشكل متفرق أو بالجملة».

ويستطرد محدثنا بالقول :«لكن ما لا يعرفه ترامب أن الأطراف المعادية له وللكيان الصهيوني في المنطقة اتخذت قرار المواجهة وصممت على منعه من تحقيق أهدافه، على حساب كرامة الأمة العربية والإسلامية وحقوقها، مهما بلغت التضحيات والأثمان. من هنا يمكن القول إن اندلاع الحرب من عدمه مرتبط بوصول ترامب ونتنياهو إلى النقطة الحرجة والتراجع قبل حصول الاصطدام الشامل، وإلا فإننا سنشهد تطورات غير متوقعة في الأشهر المقبلة».

خلط الاوراق
من جهته قال الباحث والكاتب الفلسطيني سامر عنبتاوي في تصريح لـ«المغرب» انه حسب القانون الدولي و شرعية الامم المتحدة فان القدس الشرقية هي ارض محتلة ولا يجوز اجراء اي تغييرات ديموغرافية عليها او في معالمها الحضارية وطبيعتها وهويتها ، مضيفا ان دولة الاحتلال دأبت على تجاوز كل هذه الامور عبر القيام بتهويد المدينة بالكامل وتفريغها من اصحابها الفلسطينيين مع تغيير ممنهج في معالمها .

وتابع انه «حتى حسب قرار التقسيم رقم 181 هناك وضع خاص للمدينة بشقيها الغربي والشرقي اذ تطرح تحت الاشراف الدولي ، ثالثا دولة الاحتلال قامت بضم القدس عنوة عام 1969 واليوم تفرض السيادة الكاملة عليها في هذا الاطار جاء قرار ترامب كرئيس لدولة عظمى بنقل سفارة بلاده اليها مما يعني تجاوز امريكا لقرارات الشرعية الدولية و الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال وإقرار احد قضايا الحل النهائي حسب اتفاقيات اوسلو الموقعة من امريكا نفسها وبذلك تتجاوز حتى هذه الاتفاقات وتضع العالم امام قرصنة دولية تدعم امريكا من خلالها قرصنة الاحتلال وتشكل غطاء سياسيا للاحتلال وجرائمه، مما يزيد من التوتر في المنطقة ويحرم الشعب الفلسطيني من ابسط حقوقه».

واعتبر محدّثنا أن الامريكان والإسرائيليين يشربون نخبا مسكوبا من دماء شهداء غزة بالعشرات احتفالا بتكريس سرقة القدس ،إلاّ أنّ نقل السفارة والاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة للاحتلال لن يغيّر الواقع القانوني للمدينة باعتبارها محتلة وإنما يفرض نوعا من الامر الواقع لاستدراج مزيد من الاعترافات الدولية.وأكد محدثنا الشعب الفلسطيني اثبت تمسكه بالقدس كعاصمة ابدية لفلسطين ويقاوم و يبذل الدماء لأجلها، وكل محاولات تهويدها وتفريغها ستفشل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115