من المسؤول عن توفير الحماية الدولية للفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال ؟

إن المجتمع الدولي يقع على عاتقه التدخل لمساعدة الدول بحماية مواطنيها ضد الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم

ضد الإنسانية وجريمة العدوان والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والأوبئة والجوع وغيرها من الكوارث إذا واجهت الدولة صعوبات في توفير الحماية لمواطنيها بسبب العجز أو ضعف الإمكانيات، مشيرا ان ذلك يتطلب من الدول بناء وسائل الإنذار المبكر للأزمات، والتوسط في حالات الصراع بين أطرافه وتعزيز ما يتعلق بالأمن الإنساني، بالإضافة إلى تعبئة القوى المؤثرة باتجاه حماية الأشخاص والجماعات.

كما ينبغي كذلك على الدول المعنية ومنظمات المجتمع المدني أن تطور آليات إنذار مبكر، وأن تنبه المجتمع الدولي وتطلب مساعدته لوقف أي تدهور متوقع في الوضع الإنساني. وإذا رفضت الدولة المساعدة والتعاون، أو لم تنجح الجهود، فإن المسؤولية في الحماية تتحول إلى المجتمع الدولي الذي تقع على عاتقه مسؤولية توفير الحماية للمدنيين بكل وسيلة ممكنة، بما في ذلك التدخل العسكري المباشر .البعض يعترض على هذه النظرية مستندين الى مبدإ هام من مبادئ القانون الدولي وهو مبدأ السيادة الكاملة والمتساوية لكل دولة من دول العالم على أراضيها ومواطنيها وعلى مبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما يتخوفون من أن يساء استخدام المبدإ بحيث يصبح ذريعة للتدخل في بعض الحالات دون أخرى وربما العمل على تغيير نظام أو آخر تحت حجة مسؤولية الحماية خاصة وأن الحدود هلامية جدا في العديد من القراءات لأوضاع التدخل الفعلية، ولهذا أكد ميثاق الأمم المتحدة بقوة على سيادة الدول وحماية هذه السيادة ضد أي تغول، إذ أنّ هذا المبدأ يتعارض مع حق التدخل الخارجي تحت أي ذريعة سوى تهديد السلم والأمن الدوليين.

كما ينبغي على المجتمع الدولي تقديم كل العون الممكن وفي كل المجالات: سياسياً عبر الوساطة والتدخل للضغط على الاطراف المعنية، واقتصادياً بتقديم الدعم الاقتصادي أو الوعد به، وقانونياً عبر تقديم المعونة الفنية أو التدخل القضائي عبر المحاكم الدولية، وعسكرياً عبر النصح ونشر القوات احترازياً إذا دعت الضرورة. من أجل إزالة المخاوف خاصة فيما يتعلق بالتدخل العسكري فإن قرارات ووثائق الأمم المتحدة تضمنت تطمينات بألا يتم تفعيل المبدأ إلا في الحالات التي تقع فيها (أو يخشى أن تقع) انتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين، وأن تكون الأولوية للوقاية، ثم للوسائل السلمية والدبلوماسية لاحتواء الأزمة، وألا يقع أي تدخل عسكري إلا بعد استنفاد كل الوسائل الأخرى المتاحة، وأن يكون حجم التدخل متناسباً مع متطلبات الأزمة، وأن يكون إنهاء معاناة المدنيين هو الهدف الأوحد أو الأساسي من التدخل وليس أي أهدافا أو مطامع أخرى.

إضافة إلى ذلك فلا بد من أن تشرك المنظمات الاقليمية في قرار التدخل وأن يكون مجلس الأمن هو السلطة الوحيدة المخولة لاتخاذ القرارات في هذا الشأن، إلا أن ازدواجية المعايير للدول المسيطرة على قرارات مجلس الأمن ناهيك عن انقسامها ضمن أقطاب تعزز مصالحها الاقتصادية أولا على حساب الدول الصغرى، جعل من فعالية وسرعة اتخاذ القرارات في مجلس الأمن أمرا شبه مستحيل في كثير من الأحيان.

وبالنسبة لنا في فلسطين فمجلس الأمن مطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني نتيجة الغطرسة والقوة العسكرية التي تمارسها سلطات الاحتلال وتجاهلها المساعي الدولية وتحديها لقرارات الشرعية الدولية واتخاذها إجراءات أحادية الجانب كالاستمرار في بناء المستوطنات وتوسيعها وتهويد مدينة القدس وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني أفرادا وجماعات وفرض الحصار وإغلاق المعابر، إذ انها كقوة احتلال تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة.

وبالتالي يجب على المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية تحمل مسؤولياتها في الحفاظ على المقدسات المسيحية والإسلامية في فلسطين بشكل عام وفي مدينة القدس بشكل خاص لما تتعرض له من هجمة شرسة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي ومن قطعان مستوطنيه المتطرفين، الذين يشرعون بإحراق الكنائس والمساجد تحت إسم «تدفيع الثمن».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115