مأساة الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الليبية تستمر: هلاك 90 مهاجرا أغلبهم من حاملي الجنسية الباكستانية

طلبت منظمة العفو الدولية من الحكومة الايطالية التخلي فورا عن الاتفاق المبرم مع الرئاسي الليبي حول محاربة الهجرة الشرعية، واتهمت العفو

الدولية ايطاليا والحكومات الأوروبية بالتواطؤ مع حكومة الوفاق الليبية وحملت المنظمة الدولية تلك الأطراف مسؤولية ما يتعرض له الآلاف من المهاجرين من انتهاكات صارخة في حقهم .

وكانت سواحل ليبيا الغربية الشمالية شهدت أمس الجمعة فاجعة أخرى للمهاجرين تمثلت في هلاك 90 مهاجرا اغلبهم يحملون الجنسية الباكستانية اثر غرق مركبهم عرض البحر .

وناشدت الهجرة الدولية الاطراف المعنية السواحل الليبي وعملية صوفيا البحرية ببذل المزيد من الجهود للحيلولة دون تواصل مثل هذه الحوادث التي تطال المهاجرين غير النظاميين .

معلوم أن تدفق المهاجرين نحو ليبيا بهدف العبور الى القارة الاوروبية تزايد في الأيام الأخيرة لكن الجديد في هذا الإطار هو وجود مهاجرين من غير الجنسيات الإفريقية، مما يدل على ان المافيا الدولية للهجرة انتعش نشاطها في ليبيا مستغلة ضعف الدولة وفشل إستراتيجية الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمحاربة الهجرة خارج إطار القانون.

وبات واضحا بان إستراتيجية محاربة الهجرة في ليبيا تتطلب آليات أكثر نجاعة وإيجاد رؤية موحدة وتوحد المواقف ،وهذا ما لم يتوفر حتى اللحظة لتبقى حكومة الوفاق تتخبط في دائرة مغلقة ومحرجة ،اما المجتمع الدولي المسؤول بصفة مباشرة عن وقوف حكومة السراج عاجزة أمام معاناة المهاجرين غير الشرعيين،وتراهن حكومة الوفاق على خطوات أكثر واقعية وجدية من مجلس الأمن والأمم المتحدة لمحاربة عصابات تهريب البشر وفرض عقوبات عليهم وتفعيل اتفاقات بدعم خفر السواحل الليبية ورفع عقوبة حظر السلاح عن ليبيا ولو جزئيا .

انتكاسة تنفيذ الاتفاق
من جهة اخرى أطلق عميد بلدية هراوة جنوب شرقي سرت نداء استغاثة على خلفية تجمع عشرات العائلات التي كانت في طريق العودة إلى مدينة تورغاء تبعا للاتفاق المبرم في الغرض من طرف رئيس المجلس الرئاسي السراج في 19 جوان 2017 ، وناشد عميد بلدية هراوة الجهات المعنية بسرعة تقديم العون والمساعدة من أغطية ومولدات كهرباء لعشرات العائلات التي قضت ليلتها في ظروف صعبة للغاية.

وكانت الأسر العائدة إلى تورغاء فجر الخميس وعلى مستوى بوابات بوقرين غرباء وسدادة شرقا تعرضت للرماية العشوائية بالرصاص الحي وقذائف الاربي-جي من طرف مليشيات من مصراتة ترفض عودتهم إلى ديارهم، كما طالب المجلس العسكري مصراتة من المجلس الرئاسي منع عودة أهالي تورغاء حتى لا تحدث كارثة على حد تعبير البيان الصادر عن بلدي مصراتة .

وتفاديا للأسوء استجابت حكومة الوفاق لطلب بلدي مصراتة حيث أعلن وزير المهجرين وقف تنفيذ الاتفاق المشار إليه . إلى ذلك نقل شهود عيان من محيط تورغاء مشاهدتهم لأعمدة الدخان تتصاعد من المدينة المهجورة بعد إقدام مليشيات من مصراتة محسوبة على التيار المتشدد بحرق ما تبقى من البيوت،بينما أكد بعض من تمكن من دخول المدينة بان إحدى المليشيات تقوم بدوريات في تورغاء على متن 10 آليات وتطلق الرصاص الحي في الهواء وتمنع تنفيذ اتفاق عودة أهالي تورغاء .

ووفق مضمون اتفاق العودة الذي جرى توقيعه تحت اشرف بعثة الأمم المتحدة للدعم فان مسؤولية تامين العودة كلفت به المنطقة الوسطى العسكرية غير أن بعض عناصر تلك القوة هي التي منعت العودة وأطلقت الرصاص . ويرى متابعون بان لانتكاسة تنفيذ الاتفاق المذكور عدة أسباب منها عدم وضوح الآليات وعدم تكليف جهة أمنية أو عسكرية محايدة للسهر على تنفيذ ما جرى الاتفاق حوله. السبب الثاني هو تغول المليشيات المتشددة داخل مصراتة. السبب الثالث هو إن جميع الأطراف سواء السياسية أو العسكرية ترغب وتسعى لاستغلال ورقة تورغاء قصد تحقيق مكاسب سياسية.

فعلى سبيل الذكر نجد المبعوث الاممي غسان سلامة يراهن على إنجاح اتفاق عودة مهاجري تورغاء و بالتالي فتح الباب لمسار المصالحة المحلية وتشجيع باقي المدن المتصارعة على النسج على منوال مصراتة و تورغاء، وبذلك بإمكان سلامة بلوغ المصالحة الوطنية الشاملة و يغطي على فشل جلسات و مفاوضات تونس. رئيس المجلس الرئاسي من جانبه اندفع إلى توقيع الاتفاق بصفة فردية و بدون إجماع من طرف زملائه في المجلس وهو بدوره شأن المبعوث الاممي يريد التغطية على فشله السياسي. وينوه المتابعون إلى أن السراج مرة أخرى اتخذ له المجموعات المسلحة الموالية له وقياداتها والأمثلة متعددة على ذلك ،ويؤكد هؤلاء المتابعون على ان انتكاسة اتفاق عودة مهجري تورغاء وعجز السراج عن تنفيذ ما وقع عليه سوف تكون له تداعيات وخيمة على جهود تنفيذ الاتفاق السياسي حيث لا يخفى على ملاحظ بان الاستهانة بسطوة المليشات سوف تشكل تهديدا مباشرا لما يجري الاتفاق حوله.

سيناريو إلغاء الانتخابات الرئاسية
بعيدا عن تعثر تطبيق اتفاق عودة مهجري تورغاء والحرج الكبير الذي وجد فيه السراج وغسان سلامة نفسيهما، كشفت تسريبات من إقليم برقة بان تيارا يعارض مشروع الدستور ،ويتحفظ على خارطة الطريق الأممية يعمل في الوقت الراهن على إعداد تصور وسيناريو يتمثل في إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية وفي حال وجد هذا التيار نفسه صاحب الأغلبية في مجلس النواب القادم فسوف يذهب وقتها إلي إلغاء الانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب وإنما ينتخب مجلس النواب رئيس الدولة .

لأسباب أمنية ولإقناع المجتمع الدولي بهذا السيناريو سوف يذكر هذا التيار بتجاوزات الميليشيات المسلحة بمختلف مناطق البلاد بما في ذلك تلك المليشيات المسيطرة على طرابلس العاصمة. عموما تبقى كل السيناريوهات واردة سيما بعد فشل التحالفات ما بين أنصار القذافي والمشير حفتر الذين أعلنوا الحرب على قائد الكرامة و داخل صفوف أنصار النظام السابق أنفسهم فشق منهم يتفاوض مع الجماعة الليبية المقاتلة وجزء أخر منهم يتفاوض مع الإخوان المسلمين على أن يتم الاتفاق على الشراكة في الحكم، ويتعهد الإخوان بالإفراج عن رموز القذافي قبل الانتخابات القادمة و قد راجت مؤخرا أخبار عن قرب إطلاق سراح البغدادي المحمودي وعبد الله السنوسي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115