في ختام مفاوضات جنيف 8: تعقيدات الأزمة السورية و التسوية الصّعبة

انتهت امس الأول مفاوضات جنيف 8 حول الازمة السورية ، بصدور اعتراف أممي عن البعثة الأممية الراعية لهذه المباحثات اتهمت فيها الحكومة السورية

بالسعي لإفشال المفاوضات وهو ماتنفيه حكومة دمشق . ولئن يرى متابعون ان المفاوضات التي انعقدت للمرة الـ8 على امتداد سنوات من البحث عن حلول جادة للازمة السورية ، لم تحرز أي تقدم يذكر بل زادت من ترسيخ الخلافات القائمة .
وامتدت المفاوضات الاخيرة لـ3 اسابيع متتالية الا ان الخلافات كانت السمة البارزة التي سيطرت على اجواء الجولة الثامنة من مباحثات البحث عن حل . يشار الى ان الجولة الأولى من مفاوضات «جنيف 8» انطلقت يوم 28 نوفمبر المنقضي واختتمت يوم امس الاول ، واستمرت 4 أيام، ثم توقفت لعدة أيام بعد مغادرة وفد النظام إلى دمشق احتجاجا على بعض البنود التي تتم مناقشتها قبل أن تستأنف الأسبوع الماضي .
واكدت البعثة الاممية الراعية للمفاوضات ان هذه الجولة الثامنة كانت بمثابة فرصة ذهبية تمت اضاعتها نتيجة تعنت طرفي المفاوضات والشروط التي يفرضها المشاركون، اذ تم الاكتفاء بمناقشة الملف المتعلق بمكافحة الإرهاب من قبل وفد النظام السوري، بينما ناقش وفد المعارضة جدول الأعمال.

«ارضية زلقة»
من جهته قال الكاتب والمحلّل السياسي السّوري سومر صالح لـ«المغرب» أن التسوية السّورية وفق صيغة جينيف تسير على «أرضيةٍ زلقة» ، مضيفا ان «بيئة التسوية الراهنة في جولة جنيف 8 تشابه جولة جينيف الثالثة وبنفس السياق تقريباً ، الا ان الفارق ذا الدلالة بين جولتي جينيف الثالثة والثامنة هو سياق أستانة للحل والذي يمنع النكوص في عملية التسوية إذا أخلت الولايات المتحدة الأمريكية بتعهداتها والتزاماتها، هذا من ناحية الشكل».

وتابع محدّثنا ‹› لذلك يمكن القول مقارنةً بجولة جنيف الثالثة أنّ الجولة الراهنة من جينيف تقوم على أساسين الأول هو مخرجات أسنة للتسوية العسكرية والتي تعطي تفسيرات محددة للقرار2254 تستند إلى ميزان الميدان السوري، والذي يمنع جنوح المعارضات إلى تفسيرات انتقائية غير منطقية لهذا القرار المرتبك، والأساس الثاني هو إعلان جميع الأطراف الانتصار على الإرهاب بشكلٍ يثير الدهشة طبعاً، والسؤال الذي يمكن طرحه هنا، هل يصلح الأساسان السابقان كداعمات ثابتة لانطلاقة فعلية لمسار التسوية السياسية في جينيف؟».
واضاف سومر صالح ان الأساسين السابقين على أهميتهما لا يمكن البناء عليهما لانطلاقة فعلية لتسوية سياسية في جنيف، يضاف ذلك إلى إعلان الرياض 2 الذي أتى خارج المعطيات السابقة ،وحتى خارج الواقع ليشير هذا الإعلان إلى عدم توفر إرادة إقليمية لإنجاز التسوية السورية وفق تعبيره.

الدور الاقليمي ومتطلبات النجاح
واكد الكاتب السوري ان «حجم الاشتباك الإقليمي الكبير والمعقد وعلى أكثر من ميدان وجبهة، يؤكد انه لنجاح جينيف متطلبات عدّة في مقدمتها: أولها إبعاد تلك المفاوضات عن تجاذبات المنطقة، وهو أمرٌ لا يبدو متاحاً ونحن نرى تشكّل تحالفات جديدة ومحاور جديدة في الشرق الأوسط غير الأنماط التقليدية المعروفة، والأمر الثاني خروج القوات المحتلة غير الشرعية من سوريا، فلا يمكن البدء بتسوية سياسية وطنية للأزمة والدولة تتعرض لعملية احتلال لأجزاء من الوطن بحجة دعم طرف في هذه المفاوضات، والأمر الثالث الانتقال من تخفيف التصعيد إلى التسوية السياسية على افتراض أنها ستحول تلك المناطق إلى استقرار دائم، باعتقاديّ هيّ فرضية غير واقعية ومعكوسة فالأكثر واقعية هو الاستقرار الدائم كشرط لتسويةٍ سياسيةٍ وليس العكس›› على حد تعبيره.

واعتبر صالح ان هذه المعطيات لا تفيد بالكثير من التفاؤل في إنجاز أيّ اختراق سياسي في جنيف، وديمستورا الذي خرج عن مهمة «التيسير الحيادي» بدأ بدق مسمارٍ آخرٍ في نعش هذا المسار، ليبقى تعويل السوريين على أمرين أساسيين الأول هو استمرار هزيمة الإرهاب بشقيه القاعدي والإخواني بعد هزيمة السّلفية الداعشية، والأمر الثاني هو انتعاش الاقتصاد السوريّ ودوران عجلة الإنتاج الصناعيّ والنفطيّ لتحسن واقع المعيشة للمواطن السوريّ، بانتظار القادم من الأيام لعلّها تحمل في أجندة مؤتمر سوتشي قوةً دافعةً لإنجاز تسويةٍ سياسيةٍ للأزمة لا تبدو متوفرة حتى الآن في جينيف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115