نيكولاس باباكريسوستومو رئيس بعثة أطباء بلا حدود بالعراق لـ«المغرب»: «بعد طرد «داعش» الإرهابي الحياة بدأت تعود إلى نسقها الطبيعي في الموصل لكن ببطء»

قال نيكولاس باباكريسوستومو رئيس بعثة أطباء بلا حدود بالعراق في حوار لـ «المغرب» أنّ الحياة بدات تعود الى نسقها الطبيعي تدريجيا في المناطق المحررة من قبضة داعش الارهابي في العراق واهمها مدينة الموصل .

واعتبر محدّثنا انه في هذه ثمة سعي المرحلة لتوفير الرعاية للمواطنين بعد ان كانت الفوضى تعمّ مختلف المدن العراقية وهو ماينذر بتحسن في الوضع الانساني المتردي الذي خلفه تنظيم «داعش» الارهابي.

• هل لكم أن تصفوا لنا نظام الرعاية الصحية في الموصل بعد طرد تنظيم ‘’داعش’’ الارهابي؟
لقد مرت الموصل بعملية مروعة ومؤلمة للوصول إلى النقطة التي وصلت إليها اليوم، فهناك نقص في فرص الوصول إلى الرعاية الصحية بالإضافة إلى نقصٍ في الخدمات بما في ذلك نقص المعدات والكوادر الطبية والأدوية. وبينما يزداد عدد الأهالي الذين عادوا إلى المدينة، ومع وجود عدد قليل للغاية من المستشفيات التي ما تزال تعمل، يغدو الوضع صعباً والحاجة ماسة.

لقد تأثر القسم الواقع شرق المدينة بدرجة أقل وبدأت الحياة تعود إلى الوضع الطبيعي لكن ببطء، ومع ذلك، فإن القسم الواقع غرب المدينة قد تم تدميره. فمن الصعب للغاية بالنسبة للعائدين إلى الموصل الوصول إلى الرعاية الصحية إذ أن معظم المستشفيات مغلقة، ومعظم عيادات الرعاية الصحية الأولية لا ترقى إلى المستوى المطلوب من حيث الكوادر والمعدات، كما يتعيّن على المرضى دفع رسوم معينة لدخول المستشفيات.
كما يتعيّن على الكثير من الأهالي السفر لمسافات طويلة سيراً على الأقدام للوصول إلى المرافق الطبية لأنهم لا يستطيعون دفع رسوم النقل لسيارات الأجرة أو وسائل النقل العامة، وهذا يعني أنه من الصعب على الأهالي إكمال الرحلة في يوم واحد.

• ما نوع المشاكل التي واجهتموها في الموصل ؟
كثيراً ما يعاني الأشخاص الذين يأتون إلى مستشفى الخنساء من الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي بينما يعاني آخرون يأتون من المخيمات وغرب الموصل من سوء التغذية نظراً لفقدان فرص الوصول إلى الغذاء الطبيعي. كانت الأمهات، في ظل سيطرة تنظيم «داعش» الارهابي، يخففن الحليب بالماء لأطفالهن نظراً للارتفاع الشديد في أسعار حليب الأطفال، وبسبب قيامهن بتقديم الحليب المخفف للأطفال، فقد بدأوا بفقدان الوزن.

عندما يعاني المريض من سوء التغذية الشديد أو الحاد، فإنه يواجه العديد من المضاعفات التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ونظراً لضعف جهاز المناعة لا يعود الجسم قادراً على الاستجابة للعدوى على النحو الطبيعي، وعليه قد تؤدي أي عدوى بسيطة إلى الوفاة.
يواجه الأهالي الذين يعيشون في الجانب الغربي من الموصل التحديات الأكبر، حيث تدير منظمة أطباء بلا حدود أحد مستشفيين صالحين للعمل، إلا أن الوصول إلى الرعاية الصحية مازال يمثل تحديا بسبب عدم قدرة البنية التحتية الصحية، في هذا الجزء من المدينة، على استيعاب العدد المتزايد من المواطنين العائدين إلى مناطقهم والعديد منهم لا يستطيعون تحمل تكاليف سيارات الأجرة أو وسائل النقل العامة للوصول إلى مستشفى الخنساء بشرق المدينة إذا احتاجوا لذلك وهو ما جعلنا نواجه الكثير من الصعوبات في متابعة المرضى، الذين لم يستطيعوا تحمل تكاليف التنقل، على الرغم من احتياجهم للرعاية.

• كيف كان الوضع حين وصولكم الى الموصل والوضع الان؟
عندما بدأنا العمل هنا كانت الفوضى تعم المكان، وكان المشهد داخل المستشفى مروعاً حقاً، فقد كانت مدمرة تماماً، وكانت الأوساخ قد طالت كل شيء بالإضافة إلى رؤية الأشياء المحترقة في الممرات وفي غرف المرضى.
ركز المشروع على إعادة إنشاء قسم الخدمات الأساسية في مستشفى الخنساء التعليمي لطب الأطفال، وهو أحد أكبر المستشفيات في الموصل. وكان هدف المشروع إعادة بناء غرفة طوارئ جديدة بعد تعرض غرفة الطوارئ السابقة للدمار الكامل. كما قمنا بترميم وحدة العناية المركزة، المدمرة أيضاً، وأعدنا تأهيل بعض الغرف في جناح الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، قام الكادر الطبي لدينا بوضع برنامج للتغذية يحتوي على حيز مخصص لتغذية المرضى الداخليين والخارجيين، كما قدم البرنامج العلاج للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد. يُذكر بأن بعض أولئك الأطفال كانوا يعيشون في المخيمات أو في غرب الموصل ولم يتمكنوا من الحصول على ما يكفي من الغذاء.
كان هدفنا معالجة النقص الذي لحق بخدمات الرعاية الصحية الأساسية وضمان تحسين المستشفى من حيث فرص الوصول والخدمات، فقد كان يتعيّن على الأهالي سداد رسوم معينة لقاء الحصول على الخدمات في المستشفى، وكنا على علم بأن هذا الأمر يشكل عائقاً أمام الكثير منهم. لذلك قدمنا حوافز للعديد من الكوادر حتى يتمكنوا من تقديم خدمات مجانية. لقد كانت مهمة معقدة، فلم يتم تقديم جميع الخدمات مجاناً، لكن، على الأقل، أحرزنا تحسناً ما.
من الأهمية بمكان أن يستمر هذا العمل، فلإعادة بناء الخدمات الطبية الأساسية أهمية كبيرة لإنقاذ الأرواح خلال هذه المرحلة من الانتعاش الذي تشهده الموصل بعد الحرب.

• الى اين تصل خدماتكم في العراق ام انها تقتصر على الموصل؟
تعمل المنظمة في جميع أنحاء العراق بما في ذلك محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وديالى ونينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وبغداد وبابل. وتوفر منظمة أطباء بلا حدود خدمات الرعاية الصحية الأساسية وبرامج التغذية ورعاية الصدمات والعمليات الجراحية الطارئة وتقديم الخدمات للأمهات الحوامل والجدد وعلاج الأمراض المزمنة وتقديم الدعم للمرضى الذين يعانون من أمراض نفسية بالإضافة إلى القيام بأنشطة التثقيف الصحي.
بدأت منظمة أطباء بلا حدود العمل في العراق في عام 1991 حيث تقوم بتوفير خدمات الرعاية الطبية للمجتمعات العراقية الضعيفة والأسر النازحة واللاجئين السوريين الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115