«أسواق العبيد» في ليبيا صدمة دولية .. غضب إفريقي .. ودعوات لاستئصال ظاهرة «الرقّ» الحديث

تستمرّ الانتقادات الدوليّة في الصدور تنديدا بمقطع فيديو مسرب يظهر على ما يبدو مهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى يعرضون للبيع في «أسواق عبودية» في ليبيا، وسط استهجان محلي وغضب اقليمي ودولي .

وتعالت نداءات من كل صوب وحدب تطالب بضرورة فتح تحقيق في الفيديو الكارثي الذي تم تداوله بشكل واسع النطاق لما يتضمنه من مشاهد عنف واعتداءات جسدية ومعنوية على افارقة قرروا العبور من ليبيا الى القارة الاوربية لكنهم فشلوا.
يشار الى انّ المقطع نشرته قناة «سي إن إن» الأمريكية اظهر شبانا أفارقة يباعون بالمزاد العلني في ليبيا ليكونوا عمالا في المزارع . هذا الفيديو اثار حفيظة المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية احتجاجا على ما اسمته ‹›عودة الى زمن العبودية›› ، في حين طالب رئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس غينيا ألفا كوندي، بملاحقات قضائية على خلفية التجارة «الخسيسة» التي «تعود إلى حقبة أخرى››.

وجاءت في الفيديو صور لمهاجرين افارقة يحاولون الوصول إلى أوروبا تم استغلالهم من قبل مهربين قاموا باحتجازهم وإجبارهم على العمل مقابل مبالغ زهيدة او دون مقابل في بعض الاحيان.وفي إحدى لقطات التقرير التلفزيوني، التي تم تسجيلها بواسطة هاتف محمول، ظهر شابان يعرضان للبيع في المزاد للعمل في مزرعة، ليوضح بعدها الصحفي معد التقرير أن الشابين بيعا بمبلغ 1200 دينار ليبي، أي 400 دولار لكل منهما.

ردود فعل غاضبة
وخلفت الفيديو «الصدمة» استهجانا وغضبا دوليا واستنكارا افريقيا شديد الحدة، اذ سحبت النيجر في خطوة اولى سفيرها بليبيا احتجاجا على ما اسمته ‹›سوقا للرق في احدث صوره›› ، وجاء في بيان للرئاسة الغينية، أن الرئيس ألفا كوندي «أعرب عن سخطه على الاتجار الحقير بالمهاجرين السائد في هذه اللحظة في ليبيا، ويدين بقوة هذه الممارسة التي تنتمي إلى عصر آخر». كما اكدت المنظمة الدولية للهجرة من جهتها «أنه يتم الاتجار في أعداد متزايدة من المهاجرين الأفارقة الذين يمرون عبر ليبيا فيما يطلق عليها أسواق العبيد قبل أن يحتجزوا مقابل فدية ويكرهوا على العمل دون أجر أو يتم استغلالهم جنسيا».

وانتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين ، تدهور ظروف احتجاز المهاجرين في ليبيا، واصفا تعاون الاتحاد الأوروبي مع ليبيا بأنه «لا إنساني».وفي داكار، أفاد بيان رسمي أن الحكومة السنغالية «علمت بالصفقة التي أغضبتها كثيرا لبيع مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء على الأراضي الليبية»، كما جاء في بيان رسمي. وكشفت مصادر مقربة من مفوضية الاتحاد الإفريقي عزمها طرح ملف انتهاكات المهاجرين في ليبيا على أنظار القمة الإفريقية –الأوروبية المتوقع انعقادها في 29 من نوفمبر الجاري في أبيدجان.

من جهتها اصدرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا امس بيانا اكدت فيه «استياءها واشمئزازها إزاء التقرير المصور الذي تم تداوله مؤخرا والذي يظهر بيع المهاجرين الأفارقة كـ «سلع» في البلاد، مشددة على متابعتها لهذه المسألة باهتمام بالغ بالتعاون مع السلطات الليبية بهدف إيجاد آلية رصد شفافة تحمي المهاجرين من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان.
واكدت تقارير اعلامية دولية وجود مايقارب 9 أسواق لـ«العبيد» في مدن ليبية مختلفة ، تبدأ في صبراتة وزوارة الواقعتين غرب العاصمة الليبية طرابلس وتمتد الى الزنتان الواقعة جنوب ليبيا وايضا مدينة ‘’غدامس’’ الواقعة على الحدود مع تونس والجزائر. من جهتها وبعد نشر التقرير المصور أكدت السلطات الليبية أنها فتحت تحقيقا رسميا في قضية بيع مهاجرين بـ«مزادات العبيد» التي تجري داخل الأراضي الليبية .

ليبيا بوابة العبور الاولى
يشار الى انّ ليبيا تعد منذ سنوات دولة العبور الاولى باتجاه بوابة القارة الاوربية التي يقصدها المهاجرون من مختلف الجنسيات واغلبهم من الافارقة ، يقضى عدد منهم في عباب البحر غرقا ، وتصل قلة قليلة منهم الى وجهتها في حين يقع اخر بيد تجار البشر علاوة على مايعانيه هؤلاء من انتهاكات جسدية ومعنوية واستغلال وغيرها من الممارسات الخطيرة المفروضة عليهم.

ولئن يسعى الاتحاد الاوروبي منذ تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية الى ارساء حلول لمواجهة هذا العدد المتزايد من المهاجرين ومن بين وسائله التي اتبعها في ذلك عملية «صوفيا’’ في البحر الابيض المتوسط ومهمتها مراقبة الحدود البحرية بين ليبيا ودول الاتحاد ، الا ان هذه العملية واجهت انتقادات متزايدة واتهامات وصلت حد التشكيك في مدى نجاعتها واتهامها بتعمد قتل المهاجرين او عدم انقاذهم وهم في عباب البحر.

وفي وقت سابق من هذا العام طلب رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج من ايطاليا ارسال سفن حربية الى موانئها لتعزيز جهود محاربة ظاهرة الهجرة غير النظامية ، وبالفعل وصلت احدى السفن الايطالية «كوماندانتي بروزيني»، التابعة للقوات البحرية الإيطالية الى ميناء العاصمة طرابلس بهدف مساعدة البحرية الليبية وخفر السواحل في مكافحة الهجرة غير الشرعية داخل المياه الإقليمية الليبية وفق تصريحات رسمية ايطالية ، الا انّ هذا القرار اظهر للعلن الانقسام الليبي الحاد حول هذه الظاهرة التي انتعشت منذ دخول ليبيا في فوضى امنية وسياسية منذ 6 سنوات خلت.

ويواجه الدور الايطالي في ليبيا بانتقادات متزايدة خاصة المتعلق منها بمكافحة الهجرة غير النظامية ، باعتبار ان روما من اكبر المتضررين من تفاقم اعداد المهاجرين الوافدين على اراضيها عبر البوابة الليبية مستغلين الانفلات الامني والضبابية السياسية في ليبيا وما نجم عنه من بروز ظواهر اخرى اكثر خطورة كتجارة الاسلحة وتجارة البشر والتهريب وغيرها من المعضلات.

يشار الى ان اعداد المهاجرين الذين وصلوا إيطاليا خلال السنوات الأربع الماضية بلغ نحو 600 ألف مهاجر يتزايد اعدادهم يوما بعد يوم رغم الاجراءات المتخذة لإعاقة وصولهم الى القارة الاوروبية عامة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115