الحريري يخير التريث والاستمرار على رأس الحكومة اللبنانية محاولة لنزع فتيل الأزمة أم رضوخ سعودي للضغوطات الدولية ؟

جاء اعلان رئيس الحكومة اللبنانيّة سعد الحريري امس تريّثه في المضي بتقديم استقالته رسميا بعد نحو 3 أسابيع على إعلانها ، ليضع حدّا للتساؤلات التي أجّجت غضب الشّارع اللّبناني اثر خطوة الحريري المفاجئة بالاستقالة التي تزامنت مع فترة حساسة تسعى من خلالها مختلف القوى السياسية في لبنان الى إعادة بلورة المشهد في البلاد بعد عامين من

الفراغ السياسي .

وتأتي خطوة الحريري بالتراجع عن استقالته – اعلن ذلك في اول ظهور علني له في احتفالات عيد الاستقلال اللبناني- بعد ان وصل مساء الثلاثاء الى بيروت قادما من مصر ، عقب موجة جدل وانتقادات حول حقيقة استقالته بصفة طوعية خصوصا ان الحريري كان قد اعلن استقالته من المملكة العربية السعودية مما فتح باب التأويلات على مصراعيه . وأثارت الاستقالة انذاك صدمة كبيرة لدى حلفائه وبيته الداخلي كما لدى خصومه وعلى صعيد اقليمي ودولي، خصوصاً أنها تزامنت مع حملة اعتقالات غير مسبوقة في الرياض طالت أكثر من مائتي شخصية سعودية بارزة.

وحضر الحريري صباح امس الأربعاء الى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري احتفالات أقيمت في وسط بيروت بمناسبة الذكرى الـ74 لاستقلال لبنان، قبل أن ينتقل الى القصر الرئاسي للمشاركة في الاستقبال الرسمي الذي انتظم للمناسبة عينها.وعقد الحريري خلوة مع بري وعون في القصر الرئاسي. ووفقا للحريري فإن قراره جاء «تجاوباً مع طلب الرئيس ميشال عون بإجراء المزيد من المشاورات».وأضاف: «نأمل أن يكون التريث في تقديم الاستقالة مدخلا لعلاج المسائل الخلافية» وتابع الحريري: «أتطلع إلى شراكة حقيقية من كل القوى السياسية في لبنان لتقديم مصلحة البلاد العليا على أي مصالح أخرى».

وشدد رئيس الوزراء اللبناني على ضرورة الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الحروب والنزاعات الإقليمية.وكان الحريري أعلن استقالته منذ 3 أسابيع بسبب ما اسماه تدخلات حزب الله المدعوم من إيران وهيمنته على القرار اللبناني وتدخله غير الشرعي في شؤون دول الجوار.

و تعددت القراءات لخطوة الحريري بالتراجع اذ يرى شق اول أن ماحصل من تراجع للحريري عن الاستقالة هو تأكيد ضمني لجملة الاتهامات التي وجهت للسعودية بالضغط على الحريري لتقديم استقالته ، في حين اعتبر شق ثان ان التراجع جاء تلبية للضغط الشعبي الكبير الذي شهده الشارع اللبناني بعد ان نادى عدد كبير من اللبنانيين بضرورة تراجعه عن الاستقالة خاصة ان بلاد الارز تمر بمرحلة حرجة داخليا وإقليميا . ويرى شق ثالث ان ماحصل من تريث في الاستقالة ينبع من رضوخ سعودي باعتبار مايعانيه المشهد السياسي اللبناني من صعوبات وتعقيدات تجعل من ايجاد بديل للحريري -وهو حليف منذ سنوات للرياض- في هذا التوقيت امرا صعبا خصوصا مع اقتراب الانتخابات المقررة ماي المقبل.

تساؤلات وانتقادات
يشار الى ان المشهد السياسي في لبنان عانى ضبابية وتعقيدات كبيرة عقب اعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري استقالته . اذ احاط الغموض بأصل الموضوع خاصة وان الحريري اعلن استقالته من المملكة العربية السعودية وهو ماجعل الشك يلف الشارع السياسي اللبناني والتساؤلات تتوالى حول ظروف الاستقالة وفيما اذا كانت بضغط سعودي او بملء ارادة رئيس الحكومة السابق .

اذ تعالت الاصوات المطالبة بضرورة عودة الحريري الى ارض وطنه لبنان وتقديم استقالته لرئيس الجمهورية ، كمطلب من شأنه اضفاء المصداقية على الاستقالة التي هزت الرأي العام اللبناني الاقليمي والدولي خصوصا انها جاءت مفاجئة وفي وقت يمر فيه لبنان بمرحلة اعادة ترتيب المشهد العام بعد سنتين من الفراغ السياسي وما تلاه من فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية في بلد الارز.

وفي خطوة قال مراقبون انها جاءت لمحاولة امتصاص الغضب اللبناني ودرء الشك الذي احاط بالاستقالة اجرى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مقابلة تلفزيونة من الرياض اكد فيها انه «حر ويستطيع العودة الى لبنان في أي وقت يريده» ، إلا ان اللغط والشكوك رافقت ايضا المقابلة التي اعتبرها البعض مفبركة. وخلال المقابلة قال الحريري إنه سيعود إلى لبنان في غضون أيام وأشار إلى احتمال عدوله عن الاستقالة إذا ما وافقت جماعة حزب الله اللبنانية على البقاء بعيدا عن الصراعات الإقليمية مثل الصراع في اليمن.

ورأى متابعون ان كلمة الحريري حملت معها نوعا من محاولات التهدئة بعد الزلزال السياسي الذي احدثته استقالته . اذ يؤكد مراقبون ان كلمة الحريري الاخيرة اكدت وجود توجّه سعودي للتهدئة واختيار تسوية مشروطة بدل التصعيد والدخول في مرحلة صعبة الحل . في حين اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون إن تصريحات الحريري في مقابلة تلفزيونية تظهر أن التسوية السياسية التي تدعم الحكومة الائتلافية في لبنان ما زالت قائمة.

هذا ويرى متابعون ان تريث الحريري وقبوله العدول عن استقالته ستلعب دورا كبيرا في تحديد سياسات الشرق الاوسط ورسم خطوط التحالفات الجديدة أو التباينات السياسية في المستقبل القريب في لبنان والمنطقة بأكملها .

الحريري أمام أنصاره
أنا باق معكم لنكون خط الدفاع عن لبنان
قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، امس الأربعاء، أمام أنصاره إنه سيبقى معهم ليكونوا «خط الدفاع الأول» عن البلاد.جاء ذلك في كلمة أمام الآلاف من أنصاره الذين تجمعوا أمام منزله وسط بيروت في أعقاب إعلانه التريث في بشان استقالته بطلب من الرئيس ميشال عون.
وشدد الحريري على أنه «باق مع جمهوره وسيكمل معهم المسيرة السياسية».وأضاف «سنكون خط الدفاع الأول عن لبنان، سترونني في كل مناطقه، كي ندافع سويا عن بلدنا وحريته وعروبته واستقراره».
ووصف لقاءه بأنصاره بالقول إنها «لحظة اللقاء مع الأحباب والرفاق الحقيقيين، لحظة الصدق، ولحظة للتاريخ والجغرافيا وشكرا لكل من فهم أهمية الحفاظ على أمن وأمان بلدنا».وليل الثلاثاء-الأربعاء وصل الحريري بيروت بعد أكثر من أسبوعين على تقديم استقالته من الرياض.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115