بعد خسارته المستمرة على الميدان: «العالـم الافتراضي» هل يكون الملاذ الجديد لـ «داعش» الارهابي ؟

يحذّر مختصّون في شؤون الجماعات الإرهابيّة من مخاطر الردّ المُتوقّع لتنظيم «داعش» الارهابي على سلسلة هزائمه المتكرّرة في مناطق النّزاع ، والّتي لن تقتصر على الهجمات بل ستصل أيضا الى حدّ تطوير هذا التنظيم لطرق ووسائل

تجنيد واستقطاب المقاتلين وأيضا السعي الى نشر خطابه الارهابي عبر منصات مختلفة منها وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت خصوصا بعد ان بدا التنظيم يفقد طرقه التقليدية لبث خطاب الكراهية والعنف والإرهاب الذي يبثّه. 

فبعد سلسلة الهزائم التي الحقت به في مناطق الصراع سوريا العراق وليبيا وانحسار نفوذه هناك ، يعاني تنظيم «داعش» من تبعات خسارته للطرق والممرات التي كانت في السابق الطريقة الوحيد لضم المقاتلين الى صفوفه وأيضا خسارته لطرق الامداد الرئيسية للأسلحة والعتاد والاموال نتيجة التضييق الكبير المفروض على الحدود السورية العراقية التركية ، وهو ما اثر سلبا على قوة وقدرة التنظيم على مواجهة الحرب الدولية ضدّه . هذا على المستوى اللوجستي الميداني اما على المستوى التقني وسعي التنظيم لإرساء منصة اعلامية خاصة به تعمل على بث خطاب الفتنة والإرهاب عبر الشبكة العنكبوتية ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي .

ولئن تعددت وسائل التّنظيم الإرهابي لاستقطاب المقاتلين ومنها وسائل التواصل الاجتماعي ، إلاّ أنّ مُتابعين لشؤون الجماعات الارهابية يرون انّ المنصة العنكبوتية باتت اليوم الوسيلة الأكثر أمانا ان لم تكن الوحيدة لهذا التنظيم الارهابي لبث خطابه التحريضي والاستقطاب والتواصل مع مقاتليه ايضا في ظلّ تزايد الرقابة المفروضة عليه وزيادة القيود المفروضة على الوافدين من بؤر التوتر والمتجهين نحوها أيضا.

حشد اوروبي
هذه السياسة الجديدة التي يحذر منها مراقبون ستكون اكثر صعوبة من محاربة التنظيم على الارض نتيجة طبيعة الشبكة العنكبوتية وصعوبة رصد التحركات بدقة ، مما يؤكد ان اجتثاث او محاربة ‘’داعش’’ في العالم الافتراضي ستكون اكثر تعقيدا من محاربته على الأرض .

يشار الى ان تصريحات قادة اوروبيين لطالما حذرت من استغلال هذا التنظيم لوسائل التواصل الاعلامي وشبكة الانترنت في عمليات التجنيد والتمويل والتنفيذ ايضا ، اذ أكد وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي» أن 80 % من أنصار «داعش» تم استقطابهم عبر الإنترنت، وأن التنظيم سيجد على الأرجح ملجأ له في العالم الافتراضي».

كما حذر الجنرال جوزف فوتل، قائد القيادة الأمريكية الوسطى، مطلع العام الجاري من أن القضاء على «داعش» على أرض المعركة لن يكون كافياً.ويرى خبراء أنه رغم تأثر قدرات التنظيم على التواصل عبر الإنترنت بسبب الضربات العسكرية التي تعرض لها فإن منصاته الإلكترونية لم تتوقف.

وتسعى الحكومات الغربية منذ فترة الى التعاون مع شركات الخدمات المختصة في الانترنت والبرمجيات لاتخاذ اجراءات رقابية لردع وعرقلة استخدام التنظيمات الارهابية للشبكة العنكبوتية لتنفيذ مخططاته في دول اوروبا والعالم.

ووفق دراسة صادرة عن مؤسسة ‘’كويليام’’ لمكافحة التطرّف، بإشراف الباحث تشارلي وينتر، تم إصدار تقرير ، بعنوان ‘الخلافة الافتراضية: فهم استراتيجية الدعاية لدى (داعش)’’. ويسعى هذا التقرير إلى تقديم تحليلات أكثر شمولية لإستراتيجية دعاية التنظيم بدءا بالكشف عن استغلال ‘’داعش’’ الفضاء الإلكتروني ونقل ‘’مساجد التطرّف’’ – وفق التقرير - من الأرض إلى شبكة الإنترنت لتكون متاحة ومفتوحة للجميع».

وتبعا لذلك يحاول الاتحاد الأوروبي إصدار تشريعات لمواجهة خطاب الكراهية على الانترنت ، اذ ذكرت مسودة وثيقة نشرتها وسائل اعلام غربية أنّ الاتّحاد الأوروبي يفكر في اتخاذ إجراءات تشريعية لتنسيق كيفية قيام مواقع الكترونية مثل ‘’فايسبوك’’ و’’تويتر’’ و»غوغل» بحذف خطابات الكراهية والتحريض على العنف .وفي مسودة وثيقة تقول المفوضية الأوروبية إن هناك «قدرا كبيرا من التفاوت في الأساليب المطبقة لحذف المحتوى غير القانوني سواء كان تحريضا على الإرهاب أو خطاب الكراهية أو المواد الخاصة بالانتهاكات الجنسية للأطفال أو انتهاكات حقوق الملكية الفكرية».

وتقول المفوضية إنها قد تطرح تدابير تشريعية أو غير تشريعية بحلول نهاية العام لمعالجة’’ التشتت والغموض القانوني المرتبط بحذف المواقع الالكترونية المحتوى غير القانوني››.

هذه الاستعدادات الغربية لمواجهة توجه «داعش» نحو الفضاء الافتراضي دليل على مدى خطورة وصعوبة المرحلة المقبلة من الحرب ضد هذا التنظيم الارهابي الذي يحاول بكل قوته لملمة خسائره الفادحة على الميدان ، مما يستوجب استراتيجية دولية مشتركة لمحاربته . 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115