فمن الأرجح هل تُسفر اتصالات «غسان سلامة» عن التوصل لصفقة سياسية شاملة في ليبيا؟

سبق وأن طرحنا في عددٍ من المقالات التي تناولت الشأن الليبي الانعكاسات السلبية التي قد تنتج عن تعدد المبادرات التي تستهدف – نظرياً- تسوية المسألة الليبية ، وهي الشواغل ذاتها التي عبر عنها المبعوث الاممي الجديد الى ليبيا «غسان سلامه» الذي صرح مؤخراً بأن تعدد المبادرات الخاصة بالمسألة الليبية قد لا يصب في صالح الشعب الليبي على الرغم انها قد

تعكس مدى الاهتمام الدولي والاقليمي، أخذا في الاعتبار أن «اللبناني سلامة» يتبع اسلوباً هادئاً في اتصالاته مع مختلف الأطراف الليبية الأمر الذي جنبه الانتقادات التي وجهت لسلفه « الألماني كوبلر».

وقدم المبعوث الاممي «إحاطه مفتوحة» لمجلس الامن في نهاية اوت 2017 أعرب خلالها عن قلقه من استمرار الفراغ السياسي في ليبيا على الرغم من مرور ما يقرب من 24 شهرا على خروج اتفاق الصخيرات الى النور، وفي أعقاب ذلك استضافت برازافيل في 9 الجاري الاجتماع الرابع للجنة الاتحاد الافريقي رفيعة المستوى المعنية بالازمة في ليبيا وذلك في إطار تفعيل الدور الاقليمي لتحريك العملية السياسية في ليبيا وإبراز إهتمام دول جوار ليبيا واعضاء الاتحاد الافريقي بتناول مستجدات الشأن الليبي والتأكيد على أهمية تماسك ووحده الاراضي الليبية، ودعا «سلامة» خلال الاجتماع إلى أهمية الابتعاد عن المبادرات الفردية الهادفة إلى تسوية الأزمة الليبية.

ولم يتوقف اهتمام المنظمات الاقليمية بالملف الليبي عند حدود الاتحاد الافريقي في ضوء أن مسارات الهجرة غير الشرعية وتمركزات العناصر الإرهابية قد أعطت الأراضي الليبية اهتماماً خاصة لدى الدول الاوروبية (أخذاً في الاعتبار احتدام التنافس الايطالي الفرنسي على توجيه مسار المشهد السياسي العام في ليبيا) وبات الملف الليبي أولوية متقدمة على أجندة اجتماعات أجهزة الاتحاد الاوربي حيث ناقشت اللجنة السياسية والامنية في اجتماعها في الأسبوع الأول من سبتمبر 2017 تطورات الاوضاع السياسية الامنية في الاراضي الليبية وارتباط ذلك بقضايا الهجرة، وذلك بالتوازي مع إصدار جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد تقريراً موجزاً عن العلاقات بين ليبيا والاتحاد الاوربي يبرز حرص دول الاتحاد على دعم الاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني والتنسيق الجاري بين أجهزة الاتحاد والبعثة الأممية لدعم جهود الوساطة لتفعيل الاتفاق الاتفاق السياسي. كما ذكر التقرير الى أن مساعدات الاتحاد الاوربي إلى ليبيا قد بلغت 12 مليون يورو لتمويل 37 مشروعا في مجالات دعم المجتمع المدني والصحة والهجرة ودعم العملية السياسية .

وتطرق التقرير كذلك الى التعاون في مجال الهجرة مع التركيز على أن دعم المجتمعات المحلية ( بصفة خاصة في الجنوب الليبي) لاستيعاب التحدي الناتج عن تدفقات الهجرة غير الشرعية باتجاه الحدود الاوروبية، يعد من أولويات الاتحاد الاوروبي بما في ذلك رفع كفاءة خفر السواحل والحدود الليبية بهدف ضبط الحدود البرية والبحرية.

وعلى الرغم أن رئيس حكومة الوفاق الوطني قد طلب من الاتحاد الأوروبي دعم تنظيم الانتخابات واحتياجاتها اللوجيستية – في حال التوافق على عقدها يوماً ما- إلا أن الاجتماعات التى تعقد في إطار الاتحاد الأوروبى أو الاجتماعات الأخرى سواء بمبادرة فردية من دولة ما ( اعلان باريس على سبيل المثال وليس الحصر) أو في إطار صيغة إقليمية، لم يتسن لها التوصل إلى إجابات واضحة ومُعلنة للتساؤلات التي شغلت أذهان المتابعين للملف الليبي خلال العام الجاري حول مدى إمكانية اجراء الانتخابات في ظل استمرار حالة السيولة السياسية والأمنية، وكذلك إمكانية إقرار المسودة الأخيرة لمشروع الدستور الجديد.

وبالتوازى مع الاستعدادات الجارية لعقد اجتماع رفيع المستوى حول ليبيا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في الاسبوع الأخير من سبتمبر 2017 ، يواصل المبعوث الأممي الجديد زياراته للدول الأوروبية المؤثرة في مسار المشهد الليبي العام حيث شارك في 13 الجارى في الاجتماع السداسي الذى استضافته لندن بمشاركة ( بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، مصر، الامارات) والذي دعت إليه بريطانيا لبحث نتائج الزيارة الأخيرة للمبعوث الأممي «غسان سلامة» إلى الأراضي الليبية وما تم في لقاءاته مع الأطراف الليبية المختلفة. وتوجه «سلامه» في أعقاب اجتماع لندن إلى موسكو والتي إستضافت خلال الأسابيع القليلة الماضية كل من حفتر والسراج.

هذا، ومن الأرجح أن تركز اتصالات «سلامة» خلال الفترة السابقة لانعقاد الاجتماع رفيع المستوى في نيويورك على أهمية تحقيق توافق بين الأطراف الليبية المتناحرة حول ثلاث عناصر ضرورية لانجاح العملية السياسية وهي تعديل الاتفاق السياسى، إقرار الدستور، وإجراء الانتخابات ، وإذا نجح سلامة -من خلال اتباعه إسلوب دبلوماسىء هادىء في الاتصالات التي يجريها مع مختلف الأطراف -في حشد دعم وتوافق دولي حول تلك العناصر – بصرف النظر عن ترتيبها- فقد يحالفه الحظ في التوصل إلى صفقة سياسية شاملة جامعة تنهي حالة الانقسام السائدة في ليبيا منذ حراك 2011.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115