الأزمة الاقتصادية في ليبيا المشكلات وافق الحل (1)

عبيد احمد الرقيق: كاتب وباحث اقتصادي ليبي
يقدم الباحث والكاتب الليبي عبيد احمد الرقيق في هذه الدراسة عرضا لواقع الاقتصاد الليبي منذ اندلاع احداث 2011 وحتى الآن ، مرفقا دراسته بأرقام واحصاءات تبين الوضع المتردي مع بيان سبل وافق الحل ، ننشرها على جزءين .

كثر الحديث هذه الأيام على ما يعانيه الاقتصاد الليبي من أوضاع متردية وصلت حد التأزم، وينعكس ذلك جليا على مظاهر الحياة الاقتصادية في ليبيا حيث بدأت تتكشف مظاهر الازمة مع منتصف العام 2014 وصارت الحال تشتد كل يوم جديد الى أن وصلت الى ما فيه الآن من شبه انسداد مالي واقتصادي، للأسف الشديد ان ظلال هذه الازمة القاتمة قد القت بثقلها على المواطن العادي حيث اصابته في محور معيشته الأساسي مما جعله يعاني بشدة من اثر ذلك وانعكس بوضوح على مستوى عيشه البسيط حين وجد نفسه شبه عاجز على مجاراة الانحدار الخطير في قيمة الدينار امام العملات الأجنبية والارتفاع السريع في أسعار السلع الضرورية التي ما عاد قادرا على ملاحقتها.

اعتماد على النفط
لقد تشكل الاقتصاد الليبي بصورة واضحة بعد الاستقلال وتأسيس الدولة الليبية، ولقد كان في بداية الخمسينات ضعيفا ويعتمد بالأساس على بعض المنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية بالإضافة الى العوائد الضريبية والجمركية، ومع اكتشاف النفط وبداية تصديره شهد الاقتصاد الليبي انتعاشا ملحوظا، غير انه يمكن القول انه ومنذ ذلك الحين بدأ الاقتصاد الليبي يتجه الى الاعتماد شبه الكامل على النفط باعتباره المصدر الأساسي للدخل، وهذا ما جعل الاقتصاد الليبي اقتصادا ريعيا وغير متنوع المصادر الذي يشكل في الواقع مجازفة خطيرة على مستوى الاقتصاد الوطني محفوفة بالمخاطر فارتهان اقتصاد البلد بمصدر النفط فقط يجعل تأثير الازمات التي يتعرض لها انتاجا وبيعا تأثيرا كبيرا يرتبط بمستوى الأسعار الذي يتأرجح انخفاضا وارتفاعا مما يتوجب توظيف ثروة النفط لفتح مصادر جديدة موازية تدعم الناتج المحلي وهو مع الأسف ما لم يتم توظيفه خلال العقود الماضية بعد عقد الستينات بداية الإنتاج الفعلي للنفط في ليبيا وبمعدلات اقتصادية مجزية. ويكفي ان نشير الى ان نسبة مساهمة النفط في الميزانية العامة للدولة الليبية تتراوح بين 91 % الى 95 % من اجمالي الميزانية وان نسبة النفط من اجمالي الصادرات الليبية قد بلغت حوالي 97 % في بعض السنوات

تداعيات اقفال الموانئ النفطية
لأن الاقتصاد الليبي يعتمد كليا على مصدر واحد وهو النفط والذي يشكل حوالي 95 % من الإنتاج المحلي لذلك يكون طبيعيا تأثره المباشر والجوهري بأي تأثير يطرأ على انتاج النفط وحيث ان الإنتاج الطبيعي للنفط خلال السنوات 2006 - 2010 متوسطه كان تقريبا بمعدل 1.65 مليون برميل يوميا فقد تأثر هذا الإنتاج في العام 2011 نتيجة احداث الانتفاضة وانخفض الى حوالي 0.5 مليون برميل فقط ثم ارتفع في 2012 حتى وصل الى 1.5 مليون برميل يوميا ونتيجة لاستمرار الفوضى واندلاع الصراعات الاهلية في البلد انخفض معدل الإنتاج الى 1.0 مليون برميل يوميا في عام 2013 ثم تسبب اغلاق الموانئ والحقول النفطية في الربع الأخير من عام 2013 من قبل ميليشيات مسلحة تدعي انها من حرس المنشآت الى تدني معدل الإنتاج حتى وصل الى حوالي 350 الف برميل يوميا تقريبا خلال أعوام ( 2014 و2015 و2016)

وبحساب بسيط فان مقدار ما فقدته ليبيا من كميات النفط نتيجة الاقفال خلال تلك الثلاثة اعوام يقدر بحوالي 365 مليون برميل سنويا الذي يقدر بإجمالي 1095 مليون برميل، واذا اضفنا الى ذلك مقدار العجز الذي حصل في 2013 البالغ تقريبا 0.5 مليون برميل يوميا أي بمعدل حوالي 180 مليون يرميل سنويا واذا اضفنا أيضا مقدار العجز الذي طرأ في احداث الحرب عام 2011 وهو تقريبا مليون برميل يوميا أي 365 مليون برميل ، فإن اجمالي الفاقد خلال كل تلك السنوات (1095+ 180+ 365 = 1640مليون برميل)، واذا ما اخذنا متوسط سعر البرميل خلال الفترة 2011 – 2016 وهو تقريبا 65 دولار للبرميل يكون قيمة ما فقدته الدولة الليبية من عوائد ثروة النفط يعادل تقريبا 106,600 مليار دولار .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115