الدوحة تلغي زيارة أميرها إلى إيران ورئيس وزرائه يشارك في التنصيب : تراجع لا يفسد للود قضيّة أم رضوخ قطري أمام الضغوطات الخليجية ؟

اعلنت قطر امس عن تمثيل رئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر آل ثاني لبلاده في مراسم أداء اليمين للرئيس الإيراني حسن روحاني لولاية ثانية ، وذلك بعد ان كان من المقرر ان يزور امير قطر تميم بن حمد ايران وماخلفه ذلك من انتقادات واسعة . واثار الغاء زيارة تميم الى طهران في اخر لحظة قراءات متعددة

بين من اعتبرها تفصيل عادي لايفسد للود قضية في حين اعتبرها اخرون رضوخا قوبلا قطريا بالضغوطات التي تفرضها على الدوحة الدول المقاطعة لها.

ونقلت الوكالة تصريحاً لرئيس الوزراء القطري أكد فيه مشاركته في المراسم ممثلا لأمير قطر، لافتا إلى أن بلاده تقدر وتثمن ولن تنسى الدعم الإيراني لها في ظروف العقوبات الحالية، في إشارة إلى مقاطعة الرباعية العربية لها منذ شهرين. وربط مراقبون التراجع عن الزيارة المثيرة للجدل خطوة قطرية نحو الجلوس على طاولة الحوار مع الدول المقاطعة خاصة بعد الجدل الذي رافق الاعلان عن نية تميم زيارة طهران ومشاركته فى تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني امس السبت، اذ خلفت تلك الانباء ردود فعل حادة في اغلبها، خاصة الصادرة منها عن الدول الاربع المقاطعة للدوحة بعد الازمة الخليجية الاخيرة وفشل جهود الوساطة لحل الخلاف . وانتقدت الدول المقاطعة توقيت هذه الزيارة التي تتزامن مع فترة صعبة تمر بها الدول الخليجية وحلفاؤها بعد مقاطعة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين للدوحة منذ الـ5 من جوان المنقضي وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها.

في العلاقات القطرية الايرانية
وأثارت الانباء التي تحدثت عن الزيارة -قبل الغائها- غضبا خليجيا وانتقادات اعلامية كبيرة بين من وصفها بالزيارة ‘’الاستفزازية’’ ومن نعتها بـ’’فقدان تميم لآخر فرصه بالوصول الى بر الأمان’’ ومن قال انها ‘’ارتماء قطري واضح في احضان الشيعة’’. وتخشى الدول المقاطعة للدوحة من مزيد تقاربها مع طهران مما يهدد بخلق حلف جديد ايراني قطري وربما تركي ايضا يهدد نفوذ دول الخليج وبصفة خاصة المملكة العربية السعودية. اذ يرى مراقبون ان رفض قطر لمبادرات التسوية التي عرضت عليها دليل على انها تبحث عن حليف جديد يضمن لها تطبيق سياستها المتعارضة مع سياسة المملكة العربية السعودية دون الدخول تحت عباءة البلاط الملكي في الرياض.
يشار الى انّه من بين اهم الاسباب التي دفعت الدول المقاطعة الى اتخاذ هذه الخطوة ضد الدولة الخليجية الجارة ، كانت العلاقة وفق تصريحات رسمية لهذه الدول العلاقة ‹›المشبوهة›› بين الدوحة وطهران العدو الاول للملكة العربية السعودية واغلب دول الخليج . اذ تتهم هذه الدول ايران ببث الفتنة وتأجيج الاوضاع في منطقة الخليج ودعم الارهاب في كل من سوريا واليمن والعراق .

إلا انّ العداء الخليجي الايراني ليس بحديث اذ تعيش المنطقة العربية منذ عقود طويلة حربا دينية سنية/ شيعية تمثل السعودية وإيران محركاها الاساسيان . وتحولت هذه الحرب الدينية الى حرب نفوذ بين الجانبين جعلت طرفاها في استنفار دائم خشية تزايد نفوذ الطرف الاخر وما يمكن ان ينجر عن ذلك في تغير بموازين القوى.
وتتهم ايران بالتدخل في شؤون الدول الخليجية باعتبار الدور الذي تلعبه في اليمن ودعمها العلني لجماعة الحوثي هناك، فيما تقود المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا لدعم الحكومة اليمنية الشرعية وهو ماجسد التصادم على الميدان بين الرياض وطهران ، ورغم ان استراتيجية المملكة العربية السعودية لم تكلل بالنجاح المطلوب في اليمن فهي تستمر في قيادة التحالف بهدف اجتثاث النفوذ الايراني هناك. سوريا والعراق ايضا ضمن هذا الصراع المتأجج على الدوام بين الرياض وطهران نتيجة تضارب مصالح الطرفين هناك . كما ان هذا الخلاف بين البلدين ازدادت حدته بعد توقيع ايران لاتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة الامريكية سنة 2015 حول برنامجها النووي المثير للجدل وهي خطوة لاقت غضبا سعوديا وفتورا في العلاقات بين ادارة اوباما انذاك والحليف التقليدي السعودية . إلاّ ان التقارب الاخير الذي شهدته العلاقات الامريكية السعودية بعد صعود دونالد ترامب اعاد الصراع الايراني السعودي الى الواجهة وزاد لهيبه بعد الازمة الخليجية الاخيرة.

مناورات جديدة
على صعيد متصل أعلنت وزارة الدفاع القطرية ، أن قوات بلادها البحرية ونظيرتها التركية ستجريان مناورات مشتركة اليوم الأحد وغدا الإثنين المقبلين.ويأتي الإعلان عن انطلاق تلك المناورات البحرية بعد 4 أيام من وصول فرقاطة تركية إلى ميناء «حمد» البحري جنوب شرقي الدوحة، الإثنين الماضي، للانضمام إلى القوات التركية الموجودة في قطر. ولطالما عرفت تركيا بتحالفها مع دول الخليج إلا ان التوتر الخفي شاب نوعا ما علاقاتها مع السعودية بعد تصنيف الاخيرة لجماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب بالإضافة الى ترحيب الرياض بإسقاط نظام الرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر. واصطفت تركيا انذاك الى جانب دولة قطر التي واصلت دعمها لجماعة الاخوان واحتضنت كل من الدوحة وانقرة قادة الجماعة واجتماعاتهم ايضا.

ويرى مراقبون ان محاولات تركيا النأي بنفسها عن الازمة والوقوف على نفس المسافة من كل الاطراف الخليجية لم تكن خطوة ناجحة نتيجة عدة اسباب منها المعلن ومنها الخفي اهمها تضارب السياسات الخارجية لكل من تركيا والسعودية ازاء ملفات المنطقة وأهمها الازمة السورية . بالإضافة الى التقارب الاخير بين واشنطن والرياض في ظل توتر العلاقات التركية الامريكية. ويرى متابعون ان تركيا اليوم وبعد فشلها في التوسط لحل الازمة بين دول الخليج سلميا اختارت رسميا دعم الدوحة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115