بعد التدخل الإيطالي في المياه الإقليمية الليبية : انقسام وانتقادات حادّة داخل المجلس الرئاسي

مثلما كان متوقعا وافق البرلمان الايطالي على مشروع طرحه رئيس الحكومة باولو جينتلو حول ارسال زوارق وبوارج حربية وما بين الف وألفي عسكري الى داخل المياه الاقليمية الليبية لمحاربة الهجرة غير النظامية، وذلك بناء على طلب في الغرض صادر عن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج رغم نفي الاخير إصدار هكذا طلب مؤكدا بأنه طلب دعم جهاز خفر السواحل الليبي تدريبا وتجهيزا.

استدراك السراج ونفيه لم يحد من تحمس الحكومة الايطالية بشرعية التدخل العسكري تحت غطاء محاربة الهجرة اضافة الى رغبة ايطاليا تنفيذ هكذا تدخل ،فان سرعة طرح مشروع التدخل من الحكومة وسرعة موافقة البرلمان كانت لامتصاص حملة الانتقادات الحادة التي وجهتها الاحزاب السياسية للحكومة متهمة اياها بالفشل الذريع في التعاطي مع الملف الليبي.
معلوم بان المسؤولة الفرنسية عن ملف الهجرة غير النظامية اكدت بان باريس لا تسعى ولا تعمل على تجاوز الايطاليين والحلول مكانهم في التعامل مع الازمة السياسية او ملف الهجرة في ليبيا. وهي رسالة طمأنة جاءت من باريس بعد لقاء السراج وحفتر في باريس بحضور الرئيس الفرنسي والمبعوث الاممي لدى ليبيا غير ان توضيح المسؤولة الفرنسية عن الهجرة لا ينفي وجود تباين وخلاف وحتى تنافس بين الدولتين حول تقاسم النفوذ.

ويرى مراقبون بان انتهاك السيادة الوطنية للبيا ولئن اثار وعلى خلفية اقرار التدخل الايطالي من البرلمان فهو ليس بجديد اذ اثبتت التقارير القادمة من التدخل الليبي أنها تحدثت مرارا على تواجد عناصر المخابرات من دول غربية واقليمية ودول الجوار.ظاهرة توسعت لاسيّما مع مغادرة البعثات الدبلوماسية التابعة لتلك الدول طرابلس وبنغازي وسبها لدواعي امنية .وبالتالي لمتابعة المستجدات الامنية السياسة وتحرك الجماعات المتطرفة كان من الضروري تواجد المخابرات الاجنبية عسكريا دوما سبق للأطراف الليبية التأكيد بوجود تدخل تشادي من اجل ملاحقة حركات معارضة تشادية مسلحة تنشط داخل ليبيا. دول الجوار وتحت مبرر محاربة الارهاب والدفاع القومي قام بعضها بعمليات قصف جوي على مواقع في الاراضي الليبية في اكثر من مناسبة .

تنديد واستنكار محلي
في غياب منظمات المجتمع المدني حديثة النشأة تم تسجيل مواقف مستنكرة لعدد قليل من الاحزاب السياسية مثل حزب الاخوان (العدالة والبناء) وتحالف القوى الوطنية التقدمي، في اطار معارضة التدخل الخارجي الذي تحول من التلميح الى التنفيذ طالب نائب الرئاسي عند اقليم برقة فتحي المجبري المجتمع الدولي بتحديد مواقفه من السيادة الوطنية الليبية. اما اقوى موقف ورد فعل فهو ذلك الذي اعلنته القيادة العامة للجيش على لسان المتحدث الرسمي باسمها العقيد احمد المسماري الذي كشف بان القوات المسلحة الليبية سوف تستهدف اي هدف اجنبي داخل المياه الاقليمية والسؤال مطروح في هكذا حال هل تنفذ قوات الجيش تهديدها ام ان المسالة مجرد تهديد عابر وتسجيل موقف هو سياسي اكثر منه عسكري ؟
ثابت وواضح بان قوات حفتر لا يمكن لها تنفيذ تهديدها ولا يتصور عاقل ومتابع استهداف قوات الكرامة لأي هدف اجنبي داخل المياه الاقليمية فالمشير حفتر يريد ان يظهر بانه شريك في محاربة الهجرة والإرهاب وقدم نفسه خلال جميع لقاءاته مع المسؤولين الغربيين على انه الشريك والطرف القوي والوحيد الذي بالإمكان الرهان عليه حاضرا ومستقبلا. الا ان الجانب الخطير في نقطة التدخل الخارجي في شقه العسكري هو ان الفرقاء الليبين بعضهم يعارضه علنا ويباركه سرا بل ويطالب به لكن الاهم هو لماذا عندما جاهر به السراج تعالت الاصوات المنددة ونسي هؤلاء انهم بعرقلتهم.للتسوية السياسية وتوحيد الجيش والشرطة شجعوا الجماعات الارهابية على التموقع داخل الجغرافيا الليبية، وسيطروا على مدن باكملها – درنة – سرت مع تواجد لافت في صبراتة قبل القصف الامريكي ضد داعش؟.

جهود مصرية لحلحلة الازمة
على صعيد اخر استقبلت لجنة متابعة الازمة الليبية برئاسة الفريق مجهود حجازي رئيس هيئة الاركان المصرية وفدي برقة ومصراتة في اجتماع ثان في القاهرة ودرس اللقاء المذكور سبل حل الخلاف بين بنغازي ومصراتة وإقرار المصالحة بينهما كخطوة مهمّة على نهج المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا.
الجهود المصرية المذكورة لن تخفي ما تنجزه باقي دول الجوار مثل تونس والجزائر ضمن رؤية موحدة ولا ايضا جهود اعيان القبائل الليبية حتى لو كانت محتشمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115