الكاتبة والناشطة الليبية فاطمة غندور لـ «المغرب»: اتفاق حفتر والسراج رهن إرادة داخلية لتنفيذه

• انتشار السلاح مسألة تعقّد المشهد الليبي وتعيق بناء الدولة المدنية

تطرقت الكاتبة والناشطة الليبية فاطمة غندور في هذا الحديث لـ «المغرب» عن ابرز نتائج لقاء السراج وحفتر في باريس وتأثيره على المشهد الليبي .. معتبرة انه لقاء ايجابي وجاء بعد محاولات لم تنجح عربيا في جمع الفرقاء . وقالت ان على الفاعلين الليبيين ان يقدموا تنازلات وان تتوفر الارادة الداخلية بالتوازي مع الضغط الاقليمي والدولي من أجل رأب الصدع وإنهاء الازمة .

• لو توضحي لنا المشهد في ليبيا اليوم بعد اتفاق باريس؟
حقيقة ومن حيث المبدأ الشأن الليبي شهد مؤخرا حراكا داخليا : السراج رئيس حكومة الوفاق يوسع حراكه باللقاءات المحلية وإن اقتصر على العاصمة! بين النخب والجماعات المؤثرة ،وشرع في تفعيل بند طرد المليشيات وابعادها تأمينا للعاصمة كما ورد بأتفاق الصخيرات كما شرع كذلك في فتح بعض السفارات واعتماد سفراء جدد بعد أن هجروا طرابلس ساعة هجوم الاسلاميين على مطارها 2014 ، من جهة موازية المشير حفترقائد الجيش يعلن عن تحريره لبنغازي وقبلها أجدابيا ولاحقا درنه من المتطرفين الاسلاميين ،كما أنه اقليميا هناك دور وحراك مصري وتونسي وجزائري وأيضا من الامارات ، وهناك دور دولي ما بعد حادثة مانشستر إذ خرجت لائحة بقائمات الارهابيين وكذلك دعوة قطر للتوقف عن دعمهم ولا يمكننا استبعاد تأثيرات خطاب ترامب بخصوص التيارات الاسلامية ، كل ذلك يجري بعد ان ظلت المسألة الليبية طوال السنة الماضية التي أعقبت أتفاق الصخيرات ديسمبر 2015 تراوح نفس المكان رغم تفاقم الازمة.
واللقاء الذي تم برعاية فرنسية يعتبر لقاء ايجابيا بعد محاولات لم تنجح عربيا في جمع الفرقاء أي من يملك السلطة السياسية باعتراف دولي، ومن يملك السلطة العسكرية بتفويض البرلمان الشرعي . فباب الحوار ينبغي أن لا يظل مواربا لأنه لامفر من عقد اللقاءات التفاوضية وتسويات تفضي الى حلول وتخرجنا من النفق المظلم، ومن غير المستبعد على الطرفين أن يقدما تنازلات كما في أي تفاوض سياسي بين طرفين يتقاسمان جغرافيا البلاد ولكل منهما أنصاره ومن يقف خلفه داخليا وخارجيا ، ويبقى للأرادة الداخلية بالموازاة مع الضغط الاقليمي والدولي دور المعاضد لرأب الصدع ولملمة أطراف الازمة.

• كيف ترون الدور الفرنسي في ليبيا؟
عولنا على الدور الايطالي فتاريخيا وجغرافيا تبدو الأكثر ترشيحا وترجيحا لفاعلية الدور في المسألة السياسية كما مسألتي الهجرة غير الشرعية ومكافحة التطرف والإرهاب ، لكن ايطاليا أهملت طرفاً في الازمة الليبية ولم تُظهر استيعابا لمختنقاتها التي جعلت للشرق حكومة وللغرب حكومة إلا مؤخرا بتكثيف الزيارات الدبلوماسية ومن ثم افتتاح قنصلية بطبرق منذ اسابيع فقط ، كما تذبذب موقف دول الاتحاد الاوروبي لحد تضارب التصريحات بينهم بخصوص الشأن الليبي، لذلك نرى أن دور فرنسا لم يأتِ اليوم فقط إذ له علاقة بالجيوسياسي الجنوبي لليبيا وهي من تدركه جيدا منذ أدارتها الاستعمارية له وأثر ذلك وعلاقته بالجوار الافريقي لنا ( تشاد ،النيجر، مالي، نيجيريا ) .

• أين ستؤول الامور مع وجود المليشيات؟
يظل انتشار السلاح مسألة تُعقد المشهد الليبي سياسيا وأمنيا ، ما جعل الاحتراب الاهلي مهددا لكل منشد للبدء في بناء الدولة المدنية، رغم مناخ سياسي أفضت به الانتخابات الليبية لثلاث مرات. إذ كان الخيار الديمقراطي بالاغلبية لمقاعد التيار المدني الليبيرالي ، لكن ظل استقواء السلاح والمغالبة به من قبل تياري الاخوان والمقاتلة وبعض المليشيات تتلقى مرتبات مجزية انضوت تحت مظلتهما لأطماع ومغانم وهذا يعتبر مهددا للمسار الذي انحاز له الليبيون منذ انتخابات 2012 . ورغم ذلك من الصعب انكار خطوات حكومة الوفاق التي انتهجتها منذ أشهر وإن كانت بطيئة النتائج إذ جرى تقييد دخول الاسلحة المتوسطة والثقيلة الى العاصمة ، وتم طرد مليشيات تتبع مدينة مصراته الرافضة للإتفاق السياسي بالصخيرات ( تقودها حكومة الانقاذ/ الغويل، وبادي) التي هيمنت على كثير من المواقع ومنها مؤسسات حكومية وتسببت في ارباك الاوضاع وارتكبت جرائم خطف واغتيال ونشر للعنف، وحقيقة استمرار حالة انتشار السلاح بأيدي مليشيات تهدد الاوضاع مسألة جرى إهمال معالجتها سواء من حكومات تعاقبت ، أو من حلف الناتو الذي تدخل بقرار مجلس الامن في حماية المدنيين مارس 2011 ،وكأن المدنيين عقب نجاح الانتفاضة مع انتشار السلاح متوسطه وثقيله وتحت سمع وبصر العالم، ليسوا عرضة للخطر رغم الادعاء الدولي بتطبيق الفصل السابع حفظا للسلم والامن بحماية المدنيين !

• ما مدى تراجع «داعش» الارهابي بعد معركة بنغازي؟
مما لاشك فيه أن عمليات الجيش الليبي منذ 2014 تكللت مؤخرا بتحقيق نجاحات ،حين قررت مواجهة جماعات متطرفة بالشرق الليبي وعلى رأسها بنغازي رغم أن قوات الصاعقة (وبعض المتطوعين من شباب المدينة ) حاولت قبل بدء عملية الكرامة التي أعلنها قائدها المشير حفتر مواجهة تيارات عششت فيها ، ومنها عناصر من متعددي الجنسيات من القاعدة الى أنصار الشريعة ، ومجالس شورى ثوار، والتي عاثث في المدينة اغتيالات لمئاتٍ من الناشطين المدنيين الفاعلين رجالا ونساء ، وعناصر من الجيش . كما اشاعت حالة من الرعب بتفجيرات طالت مباني حكومية، مراكز شرطة ومستشفيات ، وما حققه الجيش مؤخرا يعد سابقة على صعيد تواجده على الارض في مواجهة مباشرة مع الارهابيين الذين سربت لهم مساعدات عسكرية طوال سنوات الحرب . لن ننكر الدعم العربي أو الغربي لكن المواجهة المباشرة وحرب الشوارع ومواجهة القناصة دفع ثمنها الجيش وأبناء المدينة وهو ما رفع حصيلة القتلى والأصابات فيهم ومنهم. ويبقى تهديد الالغام للسكان المدنيين عائقا لعودة من نزحوا لمناطقهم ما يستلزم عونا ودعما أوسع من منظمات مختصة وتملك ادوات وأجهزة متطورة كما تدريب عناصر ليبية لاجل القيام بذلك ، بنغازي تخلصت من عبء مرعب وخطير جعلها منذ 2012 مدينة منكوبة ساعة اغتيال السفير الامريكي. واليوم تشهد عودة للحياة في شوارعها ولحراك سياسي يتمثل في التجهيز لعودة البرلمان إليها كمقر، مع استعادة لدور الشرطة وجل المؤسسات الامنية ، وليس بخاف ان المخاوف ستظل تلوح بظلالها السوداء من تسرب لبعض عناصر المتطرفين الى جنوب البلاد كما غربها ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115