بعد تراجع «داعش» الارهابي في الرقة: مستقبل سوريا بين الاستقرار والتقسيم

تمكن التحالف الكردي العربي او ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية من السيطرة على نصف الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا وذلك بعد اقل من شهرين من دخول

مقاتليه المدينة الواقعة في شمال البلاد. بغطاء جوي أمنه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة . وكان تنظيم داعش الارهابي قد سيطر على الرقة في بداية عام 2014 وارتكب بحق سكانها افظع الجرائم والانتهاكات في تاريخ الحرب السورية اضافة الى الاعدامات الميدانية بحق معارضيه.

وقد استخدم الرقة كمعقل له ومقر لتخطيط الهجمات على باقي المدن السورية ..وتقدر الامم المتحدة ان هناك 50 الف شخص لا يزال تنظيم داعش يحتجزهم داخل المدينة ..

وفي المقابل يواصل الجيش السوري تقدمه على عدة جبهات في محافظة حمص لاستئصال المقاتلين المتشددين.. ومعركته القادمة ستكون منطقة السخنة التي تبعد مسافة 50 كيلومترا من محافظة دير الزور بحسب ما اعلن مصدر في الجيش السوري ..
وبالرغم من ان التنظيم بدأ يخسر بسرعة ويتهاوى في سوريا والعراق الا ان تساؤلات تطرح حول مستقبل سوريا وملامح المنطقة وهل ان تراجع داعش سيجلب الاستقرار لسوريا وسينهي سبع سنوات من الحروب والاقتتال الداخلي والتنافس بين القوى الاقليمية والعالمية على ارض الشام؟

نهاية داعش ؟
اعتبر الكاتب والباحث السوري منير شحود ان التراجع الميداني لتنظيم داعش الارهابي يعد أحد المؤشرات الهامة لانحسار الموجات الجهادية التي تسللت إلى سوريا منذ عام 2012. وقال ان هناك الكثير من الأسئلة حول طبيعة الارتباطات المخابراتية المباشرة وغير المباشرة لهذا التنظيم، وسعي بعض الدول للاستفادة من عدميته، والعمل على توجيه سياساته وقياداته لتحقيق مصالحها أو لإعاقة مصالح دول أخرى. وقال ان داعش الارهابي استفاد من الفوضى التي عمّت معظم المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام، بما في ذلك الغضب الشعبي من انتشار ظاهرة أمراء الحرب وتقدم في مواجهة جميع الفصائل المسلحة التي لم تبايعه، بما يحاكي، إلى حد ما، تجربة حركة طالبان في أفغانستان على أثر الفوضى التي اجتاحت هذا البلد عقب خروج السوفييت منه عام 1989.

واكد ان سنة 2014 شهدت ذورة انتصار هذه الجماعة الارهابية اذ تمكن عناصره من ابتلاع معظم هياكل الجيش الحرفي حين قضت جبهة النصرة على تنظيمي «جبهة ثوار سوريا» في خريف 2014 و»حركة حزم» مطلع 2015 واستولت على أسلحتهما، فوجهت بذلك أكبر صفعة للسياسة الأمريكية في التعامل مع المعارضة المسلحة المعتدلة، إلى أن تم مؤخراً الإعلان رسمياً عن إلغاء برنامج المخابرات الأمريكية لتدريب مقاتلي المعارضة.

واضاف :«لكن ما يحدث في إدلب هو التحضير لنهاية النصرة «المنتصرة» ذاتها، فثمة قوى عالمية متواجدة على الأرض السورية وفي الأجواء، وهي جاهزة للانقضاض عليها بعد أن يتم الخلاص من داعش أو استبعاد خطرها على الأقل. في هذا الإطار يجري استيعاب فصائل

أخرى من خلال اتفاقيات خفض التصعيد التي ترعاها روسيا، وسواء اقتتلت الفصائل الجهادية فيما بينها أو تم تحييدها أو قتالها، فذلك يصب في الهدف النهائي المتمثل بإضعافها إلى الحد الذي يمكّن اللاعبين على الأرض السورية من الانتقال إلى مرحلة جديدة. « وقال ان نهاية داعش لن يكون نهاية الازمات في هذا البلد مع تفشي خطر الانقسام ومشروع تجزئة البلاد.

فضلا عن التحديات التي تفرضها اعادة الاعمار . وبين محدثنا ان سوريا القادمة تحتاج إلى ما يشبه مشروع مارشال في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، مرفقاً بخطة أممية للإشراف على تنفيذ خطط الإعمار وبرامج التنمية الاجتماعية، بما يوفر السكن الصحي والمستقل وسبل العيش الكريمة لملايين السوريين المهجّرين وقاطني المخيمات واللاجئين الراغبين في العودة. وقال ان استقرار سوريا على المدى الطويل يرتبط بوجود قوى سياسية لم تتلوث بموبقات الحرب وجرائمها، وقادرة على ابتكار سياساتٍ إنقاذية وسط تصارع الاستراتيجيات في سوريا وحولها، خاصة ان الاحتمال الثالث، الأسوأ؛ هو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ أو تقسيمها بصورة نهائية.

المصلحة الاسرائيلية
يقول الكاتب والباحث السوري ان استقرار سوريا سيكون مكلفا للغاية مبينا ان هناك عدة استراتيجيات تتصارع في سوريا؛ اثنتان رئيستان، أمريكية وروسية، واثنتان ثانويتان، إيرانية وتركية . معتبرا ان عديد الاطراف تخدم ايضا المصالح الإسرائيلية بالوكالة عن طريق الميليشيات ..

وقال ان الشعب السوري يئن تحت وطأة الحرب بانتظار التوافق الروسي- الأمريكي، الذي بقي يراوح مكانه، رغم المسؤولية الأخلاقية المفترض أن تتحملها هاتان الدولتان. مشيرا الى الاتفاق الروسي- الأمريكي- الأردني بغياب الطرف السوري الموقع في السابع من الشهر الحالي، وقال ان أولى الأنباء حوله تسربت في 22 جوان وهي تتلخص بمنع الإيرانيين وحلفائهم من الوصول إلى الحدود الأردنية والإسرائيلية وهنا بحسب محدثنا فان الاتفاق يرعى بشكل واضح المصلحة الإسرائيلية ويؤمن السماح بوصول قوات سورية نظامية حصراً إلى المنافذ الحدودية مع الأردن (مطلب أردني)، ويخلص ذلك المطلب بإنشاء منطقة آمنة بعمق يتراوح بين 20 و 30 كيلومتراً تتم مراقبتها بصورة مشتركة من الروس والأمريكان».

وقال ان هذا الاتفاق يعتبر الأهم والأرفع مستوى بين الدولتين العظميين، فهو يمهِّد، في حال نجاحه، لاتفاقيات أخرى تساهم في رسم حدود الصراعات وضبطها، بانتظار الحل السياسي المرتقب حسب القرار 2245 ومؤتمر جنيف، كما جاء في الاتفاق. .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115