انقسام حاد حول مبادرة السراج : خطوة استباقيّة قبل انتهاء الشرعية أم محاولة جديّة لحلحلة الأزمة الليبيّة ؟

أطلق رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أمس الأوّل الأحد خارطة طريق جديدة دعا فيها إلى إجراء انتخابات رئاسية في شهر مارس المقبل بالإضافة إلى 8 بنود أخرى تراوحت بين الحرب

ضد الإرهاب والانتقال السّياسي وغيرها من الملفات التي تؤرق ليبيا مند سنوات، إلا أن المبادرة لاقت وفق اغلب ردود الفعل انتقادات حادة ورفضا ظاهرا لمحتواها نتيجة عدة اعتبارات .

تضمنت مبادرة رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليّا دعوة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مشتركة في مارس 2018 يتم خلالها انتخاب رئيس للبلاد بشكل مباشر من قبل الشعب وبرلمان جديد تستمر ولايتهما 3 سنوات كحدّ أقصى، أو حتى الانتهاء من إعداد الدستور والاستفتاء عليه تقوم المفوضية العليا للانتخابات وبالتنسيق مع الأمم المتحدة، وبمساعدة جامعة الدول العربية والاتحادين الإفريقي والأوروبي، بالإعداد والإشراف ومراقبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية . كما نص بند مثير للجدل في هذه المبادرة على أن تشكل لجان مشتركة بين مجلس النواب ومجلس الدولة لدمج مؤسسات الدولة المنقسمة و تشكيل لجان حوار بين مجلسي النواب والدولة، بإشراف الأمم المتحدة لمناقشة قانون الانتخابات ومقترح لتعديل الدستور ، وهو مايعدّ أمرا صعب المنال خاصة وان الطرفين فشلا في أكثر من مناسبة في الاجتماع أو الجلوس على طاولة تفاوض واحدة.

وجاءت خارطة الطريق المقترحة من قبل السراج بـ9 نقاط أهمها استمرار العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني، إلى أن يتم تسمية رئيس الحكومة الجديدة من قبل رئيس الدولة المنتخب، واعتماد حكومته من قبل البرلمان». هذه النقطة كانت محل خلاف وانتقاد كبيرين من قبل الأطراف السياسية في ليبيا حيث اعتبرها البعض محاولة من السراج لتمديد مهلة عمل المجلس الرئاسي الذي ستنتهي مدة عمله الشرعية بعد أشهر قليلة .

وطالب السراج ضمن الخارطة بإعلان «وقف إطلاق النار وجميع أعمال القتال في كافة أنحاء البلاد، إلا ما يخص مكافحة الإرهاب المنصوص عليه في الاتفاق السياسي الليبي والمواثيق الدولية».هذه النقطة أيضا اعتبرها البعض غير واضحة باعتبار معارضة حكومة الوفاق لأي دور يقوم به الجيش الليبي بعيدا عن تسييرها كما يحمل غموضا حول الأطراف المعنية بهذا القرار وهل يشمل الكتائب المسلحة مختلف الانتماءات .

كما اكد السراج في خارطته التي قدمها ان المبادرة ستنطلق من اتفاق الصخيرات وهو ماخلق انقساما واسعا في الداخل الليبي بين من اعتبر ان البنود تؤكد ان السراج يحاول حل الأزمة بعيدا عن أي دور للبرلمان ولاتفاق الصخيرات أيضا.
وفي رد على هذه المبادرة رفض عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق شرقي ليبيا، مقترح خارطة الطريق الذي تقدم به فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

محاولة للإفلات
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي عيسى عبد القيوم في تصريح لـ«المغرب» أنّ مبادرة فايز السراج لم ترتق إلى مستوى أن تكون مبادرة لان المجلس الرئاسي ذاته جزء من مبادرة لم تنته بعد .

وأشار عبد القيوم الى انّ هذه المبادرة خلت من أي آليات أو خطوات عملية وحشيت بوعود اغلبها كانت واجبات واستحقاقات على المجلس الرئاسي فشل في تنفيذها . وأضاف محدّثنا ان هذه الخارطة هي خطوة استباقية للموعد النهائي لاتفاق الصخيرات الذي ينتهي العمل به نهاية هذا العام والذي اعتبره الجيش الوطني آخر مهلة للأجسام المتصارعة. وتابع «هذه الخطوة الاستباقية تناغمت فيها مطالب السراج مع مطالب الإخوان بعرض مبادرات غير ناضجة للإفلات من هذا التاريخ وتجاوزه ومحاولة التمديد فيه».

وعن ردود الفعل التي خلفتها مبادرة السراج أجاب محدّثنا انه في «قراءة أولية للمشهد نجد أن المبادرة لم تلق حماسا كبيرا من الشارع وانتقدت بشدة من الإعلاميين والساسة».
وبخصوص بند تشكيل لجان لسن قانون جديد للانتخابات والحال أنها لم تتوفق منذ مدة طويلة في عقد اجتماع ، أجاب محدّثنا أن آلية عقد جلسات بين مجلس النواب ومجلس الدولة وضعت ضمن الاتفاق الذي جاء بالسراج ولم تنجح حتى الآن، مشيرا إلى انّ وضعها من قبل السراج في مبادرته يشير إلى انه يرمي إلى كسب الوقت وليس البحث عن حل.

«البحث عن شرعية مُطوّلة»
وتابع عبد القيوم «المبادرة تبحث في إنتاج شرعية جديدة للمجلس الرئاسي لمدة 3 سنوات بعيدا عن البرلمان والاتفاق السياسي إذن هو يبحث عن وقت شرعي ان صح التعبير».

وبخصوص البند الذي تحدث فيه السراج عن محاربة الإرهاب أجاب محدثنا أنّ المبادرة صيغت بعبارات غامضة ربما مردها ما قيل أنّ شخصيات من جماعة الإخوان شاركت فيها ، مؤكدا ان من بينها فقرات تخص الحرب على الإرهاب جاءت مرتبكة ومحشورة بالاستثناءات التي تشير بوضوح إلى منح حماية لجهات متورطة.

وأشار محدّثنا ان ماحصل «هو فقط تقاطع مصالح .. الرئاسي وتحالف الإخوان يخشيان الآن من تغير قواعد اللعبة في نهاية السنة مع انتهاء مهلة الاتفاق السياسي لذلك باتت مصلحة البحث عن تمديد وجودهما ولو بطرق ملتوية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115