مرحلة مابعد «داعش» الارهابي في العراق : بغداد بين إعادة الإعمار ودعوات الانفصال

بالتوازي مع اعلان تحرير مدينة الموصل العراقي من قبضة تنظيم «داعش» الارهابي ، يراهن الساسة في العراق ودول الاقليم على المرحلة التي ستلي طرد هذا التنظيم الارهابي من اخر معاقله في مدينة صلاح الدين الايوبي ،

ولعل الحديث عن تحديات المشهد المقبل في العراق يستوجب الحديث عن العراقيل التي من شانها التأثير على جهود اعادة اعمار وبناء العراق .

وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امس من مدينة الموصل النصر على تنظيم «داعش» مضيفا انه لم يتبق سوى بضع عشرات من المتشددين يقاومون في المدينة التي أعلن منها زعيمهم ابوبكر البغدادي قبل ثلاث سنوات قيام مايسمى بـ»دولة الخلافة».

ولعل تزامن تحرير اخر المدن التي يسيطر عليها «داعش» مع اعلان اقليم كردستان العراق قرب اجراء استفتاء الانفصال سبتمبر المقبل ، يزيد من صعوبة المشهد المقبل في العراق نتيجة ماتخلّفه دعوات الانفصال – الموجودة منذ عقود طويلة خاصة من الاكراد – من ارهاصات وتداعيات سلبية على مرحلة تستوجب تظافر الجهود لإعادة بناء مؤسسات الدولة في بلد عاني من ويلات الاحتلال الامريكي ومن حرب شرسة ضد التنظيمات الارهابية وعلى رأسهم تنظيم «داعش» الارهابي .

في ذا السياق قال الكاتب السوري سومر سلطان لـ»المغرب» انّ المنطقة الكردية تعاني جغرافياً من مشكلة البعد عن البحر، وهذا ما سبب إثباطاً في مرات سابقة كثيرة للرغبة الانفصالية عند قسم كبير منهم،مشيرا الى إن الاستفتاء لا يمكن إلا أن نضعه ضمن سياق من اثنين:اولا إما أن تكون هناك اتفاقات بين البرزاني وأردوغان لمنح الإقليم الكردي، أو الدولة الكردية المرتقبة، امتيازات في مرفأ اسكندرون ثانيا في حال لم يكن هناك اتفاق من هذا النوع تكون خطوة البرزاني للضغط على الحكومة المركزية في بغداد، أكثر مما هي تستهدف الانفصال فعلاً. وأضاف محدّثنا أن عدم وجود مرفأ لهذه الدولة يعني أنها ستختنق وسط بحر معادٍ مؤلف من العراق وسوريا وتركيا وإيران. علماً أن لدينا معلومات تفيد بوجود تنسيق إيراني تركي، وإيراني سوري، وكذلك إيراني عراقي، لاتخاذ موقف موحد من هذه المسألة. يعني، ليست طريق البرزاني سهلة، بل توجد صعوبات جمة، أولها الجغرافيا، وثانيها موقف دول الجوار وفق تعبيره . ويرى متابعون للشأن العراقي ان نجاح الاستفتاء المقبل يتوقف على الاتفاقات غير المعلنة بين أنقرة وأربيل وبغداد .

رهان مابعد «داعش»
ويرى متابعون للشأن العراقي ان نجاح استراتيجية مابعد «داعش» في العراق رهين المصالحة السياسية بين الاحزاب المعنية ، خاصة وان العراق تشهد منذ سنوات الى جانب حالة الانفلات الامني اضطرابا سياسيا زادت حدته بعد حملة الفساد التي ظهرت الى الواجهة وأطاحت بمسؤولين سياسيين ووزراء وهو ماخلّف انتقادات وجدل واسع النطاق باعتبار ان السياسيين الذي اطاحت بهم تحقيقات الفساد انذاك ينتمون لتيارات سياسية ودينية مختلفة .

ازمة انسانية حادة
وبالاضافة الى التحديات الامنية والسياسية المطروحة امام الساسة في العراق تاتي الازمة الانسانية المروعة التي سببها تنظيم ‘’داعش» الارهابي في المناطق التي سيطر عليها لسنوات من اخطر واهم التحديات التي تهدد المجتمع العراق اولا وبقية المجتمعات التي عانت من ويلات الارهاب. سواء على الصعيد الفكري او المعنوي خاصة وان هذا التنظيم مارس كافة اشكال الاغتصاب الفكري والمادي والمعنوي ضد المدنيين وأزهق أرواح الآلاف.

كما تؤكد الأمم المتحدة إن 920 ألف مدني فروا من منازلهم منذ بدء العملية العسكرية في أكتوبر. وما زال ما يقرب من 700 ألف شخص مشردين.علاوة على حجم الدمار الذي طال أجزاء كثيرة من الموصل وصلت حد تسوية البنايات والمؤسسات والمنازل والمستشفيات بالأرض سواء نتيجة قصف الارهابيين او الضربات الجوية للتحالف الدولي .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115