الكاتب العراقي المختصّ في الشؤون الأمريكية جاسم البديوي لـ«المغرب»: «قادة دول العشرين يدركون أن التعاون هو الحل لمجابهة خلافاتهم المتفاقمة»

• «لقاء ترامب وبوتين لم يحمل الجديد وخلافات البلدين لن تصل حد التصادم»

قال الباحث العراقي بجامعة كاليفورنيا الامريكية جاسم البديوي في حوار لـ«المغرب» أنّ ما تم التوافق او الخلاف حوله في اجتماع قادة دول العشرين في المانيا يستحق مزيدا من التفاوض والمتابعة حتى بعد انتهاء أشغالها أمس ، مشيرا الى انّ العالم يعيش ازمةً بعد مجيء ترامب من جهة وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وهو ما يجعل المخاوف اكثر من السابق ولا سبيل امام تلك الدول إلاّ التعاون من اجل مواجهتها. واعتبر البديوي ان ترامب يحاول خلق توازن في العلاقات مع روسيا وهو ماتجلى في لقائه ببوتين .

• ماهي قراءتكم لمخرجات قمة العشرين وهل نجحت هذه الدول في تحقيق التوافق بين دولها حول المناخ التجارة والإرهاب رغم كل التوتر بينها ؟
لنعترف ان العالم اليوم يعيش ازمةً بعد مجيء ترامب من جهة وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ، المخاوف أصبحت اكثر من السابق ولا سبيل امام تلك الدول إلا التعاون من اجل مواجهة المخاوف ، الغرب يتعاطى مع مسالة الارهاب والمناخ والتجارة بشكل جدي ،ومن وجهة نظري ستصل الدول المجتمعة اذا ما استمرت بالمفاوضات لا سيما مع احتياج دول الاتحاد الأوربي الى وحدة المواقف اكثر من اي وقت مضى .

• ماهي قراءتكم لأبعاد اللقاء الذي جمع فلاديمير بوتين ودونالد ترامب على هامش قمة العشرين ؟
تأتي اهميّة اللقاء في قمّة العشرين من ثلاثة جوانب :الاول : العلاقات الروسية الامريكية وحمولاتها .الثاني : العلاقات الامريكية مع اوروبا الثالث : انعكاس نتائج القمة على المنطقة والعالم .
الجانب الأول تضمن خطين اساسيين : حول العلاقات الثنائية الروسية الامريكية وقضية تدخل روسيا في الانتخابات الامريكية التي قد تطيح بترامب اذا ما ثبتت مسؤولية ترامب في ملابسات هذا التدخّل . والخط الثّاني في ما يتعلّق بمكافحة الارهاب والأزمة بين البلدين سواء في سوريا و اوكرانيا .
من الواضح ان موقف بوتين في هذه المحادثات اكثر كياسة من موقف نظيره الذي بدا انه اراد مسك العصا من الوسط ، لا سيما انه يتحدث عن ( تهم غير مشفوعة بحقائق لدعم الادعاءات مثل أن ملايين الناخبين صوتوا بطريقة غير قانونية خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية). كما ان الرد الروسي الذي يحضر في كل مناسبة كان كفيلا بزيادة احراج ادارة ترامب ، وهو بالمناسبة الرد نفسه على اتهام واشنطن للرئيس السوري باستخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا ، اذ لا تتوفر ( ادلة ) . ولعل الاحراج تجلى بكامل صورته بما ذكره وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون عن أن المباحثات ركزت على كيف يمكن للبلدين «ضمان التزام الحكومة الروسية بعدم التدخل في الانتخابات المقبلة !. وكأنه اعتراف امريكي رسمي بمسالة التدخل الروسي الذي جاء بترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة على انه امر مفروغ منه بالفعل .

اما في شان خلاف الرؤية بين روسيا وأمريكا في مكافحة الارهاب فلم يسفر اللقاء الى جانب المجاملات الدبلوماسية والاتفاق على عقد لقاءات للمتابعة في المستقبل ، إلا عن اعلان صحفي باهت بالتوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار جنوبي سوريا وهو اتفاق لم تكشف تفاصيله وفاعليته على الارض بعد ، كما انه لا يلبي حماسة دول الخليج التي ابدتها الاسابيع الماضية في موازين صراع النفوذ الذي يحدث اليوم في المنطقة لا سيما بعد زيارة ترامب الى المنطقة والزلزال الذي اعقب الزيارة في العلاقات الدولية والأزمة مع قطر ، وخلاف ما هو واضح الان ارى ان ترامب يفضل التهدئة اليوم اكثر من أي وقت مضى وهو الامر الذي سيمتص من زخم الازمة تمهيدا لموقف اقل راديكالية في التعاطي مع هذه الازمة.

• ماهي انعكاسات القمة على تطورات المشهد الدولي ؟
من جهة انعكاس القمة على مستقبل العالم يواصل الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون مساعيه الحثيثة وسياسته الناعمة بعدم قطع شعرة معاوية مع العجوز الامريكي المتغطرس من اتفاقيات المناخ محاولا ضمان دور امريكي مساند بشكل او بآخر ، الامر الذي يعيد الامور الى نصابها ولو بشكل جزئي وهو امر ليس بعيد المنال لو استمرت الدول المجتمعة في التفاوض والضغط .

• ماذا عن تضارب سياسة البلدين تجاه ازمة سوريا وأخيرا ازمة كوريا الشمالية هل سنشهد صداما بين البلدين بخصوص بيونغ يانغ مثل ماحصل في سوريا؟
من وجهة نظري في فترة ولاية ترامب لن يكون هناك تصادم امريكي روسي لا في كوريا الشمالية ولا في سوريا ، ربما سيستمر السجال فالمفاوضات فالاتفاقات ، وربما يستمر الخلاف في النظر الى الأزمة والحلول . لنكن واقعيين هناك اواصر قوية تربط بين أركان ادارة ترامب مع الروس ووزير الخارجية الامريكي احد أهم تلك الأواصر في اقل تقدير . وأقول ايضا ان ترامب ليس رجل حرب انما هو رجل مفاوضات للخروج بمنافع .

• هل يعني ذلك ان سياسته رغم اثارتها للجدل ناجحة ؟
ترامب اليوم لا يقود وليس له سياسة ، لقد أذعن الرجل الى صوت المؤسسة السياسية والعسكرية بعد سلسلة من الإخفاقات ، مازال الرجل في جو الحملات الانتخابية ولم يخرج من بوتقتها ، وبعد فشله في قضية حظر دخول المسلمين وموضوع اوباما كير وجد نفسه امام شبح مأزق استبعاده بسبب قضية التدخل الروسي في السباق الانتخابي وهذا سوف يحدث حالما يشعر الجمهوريون بالخطر اذا ما ثبتت علاقته بالموضوع ، لقد أبدى الرجل تخوفه من تحركات الكونغرس بعد اقالته لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية جيمس كومي الذي أكد في شهادته ان موضوع التدخل الروسي شيء مؤكد وانه رفض مساومات ترامب مقابل بقائه في المنصب .ورقة ترامب الوحيدة اليوم هي عقد الصفقات الاقتصادية وهذا ما شهدناه في زيارته الاخيرة للمنطقة ومن خلالها بدا بالحديث عن مكاسب مضمونة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115