شهدت أول لقاء بين ترامب وبوتين : قمة العشرين تناقش ملفات تُنهك دول العالـم وإجماع على محاربة «الإرهاب»

انطلقت يوم امس قمة العشرين التي تستضيفها مدينة هامبورغ الألمانية بمشاركة عدد كبير من قادة الدول الاوروبية ،على وقع مظاهرات صاخبة رسمت

الى جانب التوتر السياسي بين دول الاتحاد الاوروبي مشهدا مظلما وغير مشجع حول نتائج القمة المرتقبة وافق النجاح في خلق توافق اوروبي تجاه ملفات شائكة اقليميا ودوليا .

وانتشر نحو 20 ألف فرد من الشرطة الألمانية في شوارع هامبورغ ، وستتصدى الشرطة لما يصل إلى مئة ألف محتج بينهم ثمانية آلاف تقول الشرطة إنهم قد استخدموا العنف. استخدمت شرطة مكافحة الشغب مدفع مياه لتفريق مجموعة من نحو ألف محتج اتشحوا بالسواد ورموا زجاجات في مظاهرة أطلق عليها المنظمون اسم «مرحبا بكم في الجحيم».

يشار الى ان مجموعة العشرين تضم كلا من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا والبرازيل وأستراليا والأرجنتين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا والصين والهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا والسعودية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المنتظر ان تختتم اشغال القمة اليوم السبت بعد مناقشة الملفات المطروحة على طاولة قادة العالم منها تغير المناخ والتجارة والاقتصاد والإرهاب.

ويحاول الزعماء الاوروبيون التوافق بشأن عدد من الملفات محل خلاف وجدل فيما بينها لعل اهمها الاقتصاد والتجارة والمناخ وظاهرة الهجرة علاوة على ملف مكافحة الارهاب الذي يؤرق القارة الاوروبية ، كما يحاول القادة مد الجسور وتوطيد العلاقات مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب خاصة وان الاخير بدأ ولايته في البيت الابيض بعدد لا يحصى من التوتر مع دول اخرى على غرار روسيا ايران الصين وكوريا الشمالية وحلف الناتو ايضا . وبدأت القمة باجتماع حول سبل مكافحة الارهاب في مركز المعارض والمؤتمرات في هامبورغ، واستغرق نحو ساعتين دون حضور وسائل الاعلام .وأجمعت الدول المشاركة في هذا الاجتماع على ضرورة مكافحة الارهاب ووضع استراتيجيات فعالة لمجابهة هذه الافة العالمية وتجفيف منابع تمويلها .

بين ترامب وبوتين
وعقب اللقاء الذي جمعهما على هامش قمة العشرين أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باللقاء قائلا انه يتطلع إلى «أشياء إيجابية» .وقال ترامب للصحفيين بينما كان يجلس إلى جوار بوتين «بوتين وأنا نناقش أشياء متعددة وأظن أن الأمور تسير على ما يرام».
وأضاف قائلا «أجرينا محادثات جيدة جدا جدا. سنجري حوارا الآن وبالتأكيد ذلك سيستمر. نتطلع إلى أن يحدث الكثير من الأشياء الإيجابية جدا لروسيا وللولايات المتحدة ولجميع المعنيين. وإنه ليشرفني أن أكون معك».وقال بوتين إنه في حين أنهما تحدثا بالهاتف إلا أن المحادثات الهاتفية ليست كافية مطلقا. ووصف اجتماعهما بأنه لقاء ثنائي مهم.وأضاف الرئيس الروسي قائلا «أنا مسرور أن ألتقي بكم شخصيا».

ورغم التصريحات الايجابية قال متابعون ان اللقاء لم يخل من التوتر الذي صبغ العلاقات بين البلدين في الاونة الاخيرة . هذا ويؤكد مراقبون ان سياسات القارة الاوروبية سواء الداخلية او الخارجية شهدت تغيرا ملحوظا نتيجة عدة اسباب من بينها «البريكست» خروج بريطانيا من القلعة الأوروبية وثانيها تولي دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة الامريكية خلفا لباراك اوباما. فقد زاد تولي الاخير الحكم في امريكا من تضارب السياسات الاوروبية وتصاعد الصراعات سياسيا واقتصاديا خاصة بعد الخطوات الجادة التي اتخذها ترامب منذ تنصيبه، وأكثرها جدلا تعليق العمل باتفاق المناخ في خطوة وصفت بالزلزال الذي هدم مجهود سنوات شاقة من المفاوضات بين دول العالم.

ونتيجة تلك التراكمات بين البلدين كان اللقاء الّذي جمع أمس الرّئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب –وهو الاجتماع المباشر الأوّل - منذ تولي الأخير الحكم في أمريكا في جانفي المنقضي ، من اهم اللقاءات التي اقيمت على هامش القمة هذا العام. اذ شهدت العلاقات بين البلدين تقلبات حادة في فترة وجيزة منذ الحملة الانتخابية لترامب الى اليوم اذ مرت من التقارب والود الى التراجع الملحوظ وصلت حد الصدام في عدة ملفات داخلية وأخرى خارجية لعل اهمها سوريا وكوريا الشمالية ايضا والأزمة الخليجية مؤخرا . علاوة على اتهامات جاد لموسكو بالتدخل في سير الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية .

ونتيجة تلك الاتهامات الموجهة لروسيا شهدت حكومة ترامب عددا كبيرا من الاقالات كانت اسبابها في المجمل بالعلاقات المشبوهة مع روسيا المتهمة بالتدخل في مسار الانتخابات الرئاسية الامريكية . ورغم ان البيت الابيض كان في البداية حذرا في تعامله مع تلك الاتهامات إلاّ ان دونالد ترامب قال عشية لقائه بفلاديمير بوتين ان موسكو قد تكون تدخلت في سير الانتخابات الامريكية وهو مايفسر التوتر الذي رافق اللقاء بين الزعيمين .

ومن بين اهم الساسيين في حكومة ترامب الذين اطاحت بهم علاقتهم مع روسيا كان مستشار الامن القومي الامريكي مايك فلين اذ غادر الادارة الأمريكيّة الجديدة بعد شهر فقط من تولّيه منصبه وذلك إثر تسريب مكالمة هاتفية له مع سفير موسكو في الولايات المتحدة الامريكية خلال عهد الرئيس السّابقباراك اوباما مما اثار انتقادات لفلين وإدارة دونالد ترامب الجديدة بصفة عامة ، وسط اتهامات خطيرة بانعدام الخبرة السياسيّة اللاّزمة للفريق الّذي وضعت بين يديه مهمة ادارة شؤون البلاد السياسية والاقتصادية .وأوصى مايك فلين خلال المكالمة –التي اجريت يوم 29 ديسمبر الماضي- بعدم اتخاذ موسكو رد فعل على العقوبات التي فرضها أوباما، على اعتبار أنه راحل عن البيت الأبيض، وأن ترامب سيقوم بإلغائها بمجرد توليه الحكم .

وكان فلين قد شغل منصب مدير الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، وأقيل من موقعه بعد خلافات نشبت بينه وبين إدارة الرئيس أوباما، واتهم فلين بعدم الاكتراث بتقارير الجهاز الذي كان يرأسه فيما يخص الأوضاع في سوريا. وعرف عن فلين تقربه لروسيا سواء في مواقفه او في زياراته المتكررة لموسكو. ويعرف فلين ايضا بتعصبه وعنصريته ضد المسلمين .

وكانت المكالمة الهاتفية التي اشعلت غضب الشارع الامريكي السبب الذي اخرج فلين «المتمرد» من البيت الابيض ،وساهمت مرة اخرى في توجيه اصابع الاتهام لروسيا بالتدخل مجددا في شؤون الولايات المتحدة الامريكية . الكرملين سارع الى نفي ذلك مؤكدا ان «استقالة مايك فلين شان داخلي امريكي».

توتر وصراع
يشار الى ان هذه الانتقادات الموجهة الى روسيا ليست الاولى من نوعها فقد نشرت وسائل اعلام تقارير عن علاقة مشبوهة تجمع ترامب رجل الاعمال والرئيس الـ45 للولايات المتحدة الامريكية بروسيا بعد ان اتهم بتلقيه دعم روسي في الانتخابات مما خول له دخول البيت الابيض ، وانباء اخرى عن الكرملين يمتلك معلومات سرية وشخصية محرجة عن حياة ترامب . فحسب تقارير إعلامية ابلغت أجهزة مخابرات أمريكية ترامب مؤخرا بأن روسيا جمعت معلومات عن حياته الشخصية وعلاقاته التجارية لاعتمادها كوسيلة ابتزاز ضده ، غير أن تلك الأجهزة شددت أيضا على أنه ليس هناك ما يثبت هذه الاتهامات. وانتقد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في أول مؤتمر صحفي له بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، وكالات الاستخبارات الأمريكية، قائلا «أنها لا ينبغي أن تنشر تقارير

سرية تتعلق بالأمن القومي الأمريكي».وفي سؤال حول علاقاته مع روسيا أجاب الرئيس الأمريكي قائلا«ليس لدي أي اتفاقات أو صفقات مستقبلية مع روسيا».

وأضاف ترامب أنه يسعى للعمل مع بوتين في إطار علاقة جيدة، قائلا« إعجاب بوتين بي يعتبر مكسبا وليس أمرا سلبيا»، ولم ينف ترامب تدخل موسكو في الانتخابات الامريكية حيث قال «روسيا اخترقت أنظمة الولايات المتحدة الإلكترونية ولكن دولا أخرى فعلت نفس الشيء».

ويراهن متابعون للشأن الدولي على هذا اللقاء باعتبار انّ روسيا وامريكا من اكثر الدول في العالم نفوذا وأكثر حضورا في ملفات الشرق الاوسط واسيا وغيرها من مناطق التوتر في العالم . ولعل الملف السوري والتضارب الكبير في السياستين الامريكية والروسية الايرانية في سوريا ، بالإضافة الى العداء الواضح في العلاقة بين واشنطن وطهران ، كانت حاضرة في اجتماع بوتين وترامب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115