بعد مؤتمر القاهرة ...الأزمة الخليجية ومآلاتها ... مزيد من التصعيد ضد قطر واحتدام الحروب بالوكالة

تتجه الازمة الخليجية بين قطر واشقاء خليجيين ومصر الى مزيد التصعيد وتؤكد جل المؤشرات ان اطالة عمر هذا التوتر-الاخطر في تاريخ العلاقات بين الدوحة وجوارها الخليجي

- ستترجم الى تصعيد في الملفات والحروب الدائرة في المنطقة ...

ويبدو ان المانيا -التي تلعب عبر وزير خارجيتها دورا هاما في محاولة حل الازمة عبر لقاء الاطراف المعنية ودعم الوساطة الكويتية-، غير متفائلة بقرب انتهاء هذا التوتر اذ اعرب وزير خارجيتها زيجمار جابريل عن عدم توقعه حل أزمة المقاطعة الخليجية لقطر سريعا.
وهذا ما اكده ايضا اجتماع وزراء خارجية الدول المقاطعة وهي السعودية ومصر والبحرين والامارات واحتضنته القاهرة امس وما تمخض عنه من مواقف ردا على رفض قطر المطالب المقدمة اليها واهمها إغلاق قناة الجزيرة، وتقليص علاقاتها مع إيران، وإنهاء دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية.

وسعت الامارة الخليجية الى مقاومة الحصار الاقتصادي المفروض عليها من خلال اقرار جملة من القرارات واهمها التعاون مع شركاء تجاريين واقتصاديين جدد لتزويدها بالمنتجات الحيوية ، وكذا زيادة إنتاج الغاز من حقل الشمال العملاق بنسبة 20 % وبالتالي رفع طاقة إنتاج الغاز المسال إلى 100 مليون طن في محاولة لتكريس موقعها كأهم مصدر للغاز السائل في العالم .

وكانت قطر قد وصفت قائمة المطالب بأنها «غير واقعية وغير عملية». ولئن ذهب وزير خارجيتها امس ابعد من ذلك، من خلال الدعوة الى علاقات اقوى مع ايران مشيرا الى ان البلدين يتشاركان حقلا للغاز .. فانه دعا في الآن عينه الى «الحوار» لحل الازمة الدبلوماسية الخليجية واصفا الدول التي قاطعت قطر بأنها تحاول تقويض سيادة بلاده. وقال في كلمة امام معهد تشاتام هاوس في لندن أن «قطر تواصل الدعوة الى الحوار» .

تحولات كبرى
بعد اسابيع من اقرار الدول الاربعة مقاطعة قطر ، طرأت عديد التحولات على المشهد السياسي والعسكري في المنطقة..في هذا السياق يرى استاذ العلاقات الدولية ابراهيم الرفاعي ان اجتماع القاهرة وما سبقه من مواقف وتصريحات متبادلة لن يغير شيئا لان الازمة اكبر من أي بيان نظرا الى عمق المطالب التي تقدمت بها كل من السعودية والبحرين ومصر والامارات ، اذ يصعب تلبيتها بسهولة . وهنا يشير الرافعي الى الدور الامريكي المزدوج الذي يمسك العصا من الوسط ..ويضيف بالقول :«فهو يطالب قطر بتلبية هذه المطالب وفي ذات اللحظة يضع شرطا رئيسيا يتمثل بضرورة ان تكون المطالب معقولة وقابلة للتنفيذ . وهذا يعني ان الموقف الامريكي موزع على فريقي الازمة ما من شأنه ان يعمق منها خاصة وان المكون الامريكي هو مكون رئيسي حاسم في توقيت تفجير هذه الازمة». واشار الرفاعي الى ان التوتر ليس طارئا بل فجر مجموعة من الازمات القديمة بين هذه الاطراف ، منها ماهو تقليدي ومنها ماهو طارئ، ناتج عن مجموعة من الازمات في المنطقة وهي الازمة السورية واليمنية والليبية وسواها . ويضيف :«اذن هي ازمة فيها المكونات التقليدية والطارئة المتجمعة من الاخفاق في ادارة هذه الصراعات التي ادت الى حرف اولويات الفرقاء ..من ادارة الظهر للصراع الأخطر مع العدو الرئيسي في المنطقة والسير نحو ايجاد صراعات لها الاولوية المركزية كالصراع مع ايران وسوريا واليمن وحماس. اذن هي ازمة اعادة اصطفاف ومراكز لمختلف الادوار والاوراق بين هذه الدول وخاصة التي تلعب من خلالها قطر دورا في المنطقة، خلف الدور الجديد التي تطمح له هذه الدول بزعامة سعودية»..

اصطفافات جديدة؟
وقال محدثنا انه من خلال متابعة المطالب المقدمة لقطر والردود الاعلامية والسياسية القطرية يمكن استنتاج عدة ملاحظات اولها ان الارهاب صناعة لها حاضنة مالية اقليمية ودولية اكثر من ان يكون الفقر والمناطق المهمشة هي الحاضنة للارهاب بل ان هذه المناطق هي ضحية صناعة الارهاب».. واكد ان اول صناع للإرهاب هو العدو الصهوني ، ويضيف :«فمختلف التنظيمات التي نراها اليوم تعمل بالوكالة في الساحة الليبية واليمنية كأدوات لهذا الطرف او ذاك واطراف الازمة بحد ذاتها ، تضع تفسها ادوات صراع بالوكالة للدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة الامريكية ، وبعض القوى الاقليمية وعلى راسها اسرائيل». وحذر محدثنا من ان «اسرائيل «-ومن خلال هذه الازمة - ستكون الحليف الطبيعي لمختلف هذه الاطراف سواء بالتقاطع الاستراتيجي او انتاج اتفاقات مباشرة مع بعض هذه الاطراف ..ولفت الى ان ما يحدث هو ازمة اصطفاف وتمهيد لتصعيد مقبل في المنطقة في عدة جبهات كسوريا واليمن وليبيا لتصفية الحسابات بين هذه الاطراف وقد تحمل في طياتها مغامرات تصعيدية مع ايران على حد قوله ..مشيرا الى ان الأزمة الخليجية حمالةّ لتصعيدات مقبلة في المستوى الاقليمي ..وتنعكس امكانيات كبرى للتغير داخل بعض الدول في الاقليم، في مستوى السلطة السياسية ..

الصراع على امن الطاقة
وتبدو هذه الازمة الخليجية في ظاهرها سياسي لكنها في احد اشكالها صراع على الطاقة ومصادرها في العالم .. في هذا السياق يعتبر استاذ العلاقات الدولية ان قطر وايران تتشاركان حقول الغاز البحري اضافة الى خط السيل التركي الذي وقع الاتفاق عليه بين روسيا وتركيا لمد خط الغاز من روسيا عبر البحر الاسود الى تركيا بدلا من مده عبر البحر الاسود في بلغاريا ليصل الى المانيا ، ويمكّن خط السيل التركي الذي يتم العمل فيه بسرعة مذهلة تركيا وروسيا من السيطرة الكبيرة على امن الطاقة العالمي خاصة فيما يتعلق بالغاز . والوجود التركي في قطر يجعل من هذا الامن مسيطرا عليه من طرف كل من روسيا ايران تركيا بما سينعكس تصعيدا وتبديلا لنمط التحالفات في المنطقة وخاصة في الملف السوري ...

وتنعكس الازمة الخليجية على عدة ملفات عالقة في الشرق الاوسط اهمها الملف السوري -وبحسب محدثنا- ادت الازمة الخليجية الى تراجع عدد من التنظيمات الموجودة على القائمة المقدمة الى قطر ميدانيا ، مقابل تقدم للجيش السوري والروسي كبير ،ما يؤدي اليوم الى تصعيد كبير امريكي في الملف السوري لإعادة التوازن في الدور الذي كانت تؤديه هذه التنظيمات . وقال ان اسرائيل والولايات المتحدة تدخلت مباشرة في مناطق درعا والجولان السوري وصولا الى الرقة ودير الزور ...لكي لا ينقلب الوضع الميداني رأسا على عقب في تلك المناطق ...

حماس والملف الفلسطيني
وفيما يتعلق بتداعيات ما يحصل على الملف الفلسطيني قال :«ان هناك صفقة كبرى يعد لإخراجها في الملف الفلسطيني ، وهي صفقة اقليمية، تختلف في مرجعياتها وبنودها عن المرجعيات وفلسفة المفاوضات السابقة .. ويشير الرفاعي الى ان ملف جزيرتي صنافير وتيران هو جزء لا يتجزأ من هذه الصفقة لان الوضع الجديد في هذه الجزر، يجعل منها ممرا دوليا لا يخضع للسيادة المصرية كما كان في السابق ويضيف :«نعلم ان هذه الجزر كانت قد تذرعت «اسرائيل» باغلاق مصر لها للقيام بعدوانها سنة 67 فعندما تصبح ممرا دوليا فان هذا يمكنها من حرية الملاحة ومرور السفن العسكرية عبر مضيق ايلات واليه ، ما يمكن مستقبلا بمد خط او بشق قناة تربط بين ايلات والبحر المتوسط ، كما يدمج هذه الجزر، واطرافها بوضع جديد في كامب ديفيد ..ومن التسريبات ما يقول ان مصر سواء في عهد السيسي او مرسي ستضيف مساحات من سيناء الى غزة..في سياق ترتيبات تؤدي الى خلق كانتون موسع في القطاع. ويضيف :«وقد شهدنا مؤخرا اتفاقا ما بين محمد دحلان المحسوب على الامارات ومصر مع حماس على الادارة المزدوجة لهذا الكانتون ، يلعب فيه دحلان دور ادارة السياسة الخارجية وجمع الاموال أي دور السياسة الخارجية بينما تلعب فيه حماس دور الادارة الامن الداخلي للقطاع بعد تبديل برنامجها ..» ولفت الرفاعي الى ان الازمة الخليجية ليست طارئة بل هي اخراج لمشروع سابق يتبدل فيه سلم الاوليات في الصراع مؤكدا ان «اسرائيل» هي المستفيد الاكبر من اية نتائج .. والخاسر الاكبر هم شعوب المنطقة.

فيما شدد ترامب على ضرورة الحوار لحل الأزمة
الدول المقاطعة لقطر تعرب عن «الاسف للرد السلبي» على مطالبها
السعودية«سنتخذ خطوات إضافية ضد قطر في الوقت المناسب»
أعربت السعودية ومصر والامارات والبحرين في ختام اجتماع رباعي عقد في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية عن «الأسف للرد السلبي» القطري على مطالبها من أجل انهاء مقاطعتها لهذه الدولة.
وقال بيان صدر في ختام الاجتماع تلاه وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحفي انها «تعرب عن الأسف للرد السلبي من دولة قطر بما يعكس عدم استيعاب خطورة الموقف».
ووصف البيان الصادر عن اجتماع الوزراء الاربعة الرد القطري على هذه المطالب بانه»سلبي» بما يعكس «عدم الجدية» من جانب قطر. وشكرت الدول الأربع أمير الكويت على جهود الوساطة. واعربت الدول الأربع في البيان الذي صدر امس عقب اجتماع القاهرة عن أملها في أن تتغلب الحكمة وتتخذ قطر القرار الصائب وذكر البيان ان الإجراءات التي اتخذت ضد قطر جاءت لتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية . من جانبه اكد وزير الخارجية السعودي ان المقاطعة ستستمر إلى أن تعدل قطر سياستها إلى الأفضل. وقال :«سنتخذ خطوات إضافية ضد قطر في الوقت المناسب وسيتم الإعلان عن ذلك». واضاف «: لنا الحق السيادي في اتخاذ اجراءات ضد قطر وفقا للقانون الدولي». واكد الجبير ان إيران الدولة الراعية الأولى للإرهاب في العالم . واضاف ان تركيا أبلغتنا أنها تقف على الحياد . من جانبه قال سامح شكري وزير الخارجية المصري نحن لا نتهم قطر بل نعتمد على وقائع .

يأتي ذلك فيما قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا للتوصل إلى حل للأزمة الدبلوماسية مع قطر في اتصال هاتفي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي امس وناقش معه أيضا التهديد الخاص بكوريا الشمالية.
وتابع البيت الأبيض في بيان أن ترامب أكد مجددا على حاجة كل الدول «لوقف تمويل الإرهاب».
وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي بحث مع ترامب «الموقف المصري الخليجي إزاء قطر».
وأضافت «تم التشديد على ضرورة مواصلة جهود التصدي للإرهاب، ووقف تمويله، وتقويض الأساس الأيديولوجي للفكر للإرهابي».
وتابع البيان «أكد الرئيس ترامب دعم الولايات المتحدة الكامل لمصر في حربها ضد الإرهاب». مؤكدا «توافق رؤى الرئيسين حول سبل التعامل مع الأزمات الإقليمية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط». وقطعت مصر والسعودية والإمارات والبحرين العلاقات مع قطر متهمة إياها بدعم الإرهاب وبالتحالف مع إيران. وتنفي الدوحة هذه الاتهامات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115