أوروبا والإرهاب المتبادل: بريطاني وتونسي يقومان بعمليات إرهابية في لندن وباريس

بين الأحد 18 و الإثنين 19 جوان 2017 عمليتان ارهابيتان تم تسجيلهما في أوروبا. الأولى في لندن قام بها مواطن بريطاني عندما دهس بسيارته عددا من المصلين خارجين من جامع فينس بوري بارك المشهور ،

و الثاني قام بها فرنسي من أصل تونسي ضد سيارة تابعة للحرس الفرنسي في شارع الشانز إيليزي. عمليتان تجسّمان لأول مرة تبادل اللكمات و تعطي صورة على مخزون الحقد والكراهية المتنامي في أوروبا بين المجموعات الإسلامية والمواطنين الأصليين في مختلف البلدان الأوروبية.

عملية لندن الإرهابية، كما نعتتها السلطات البريطانية، قام بها دارن أوسبورن، 47 عاما، وهو من البريطانيين البيض، أب لأربعة أطفال. قام بدهس المارة على الرصيف وهو يهتف «أريد قتل المسلمين». و تم القبض عليه من قبل المارة و تسليمه إلى الشرطة. أما الإعتداء الثاني فقام به التونسي الأصل آدم الجزيري، 31 سنة، من مواليد حي أرجنتوي بباريس، وهو مواطن يحمل الجنسية الفرنسية كان على متن سيارته التي حاول بها دهس سيارة للحرس الوطني الفرنسي. و لقي المعتدي حتفه في العملية.

تصاعد كراهية المسلمين في بريطانيا
شهدت مدينة لندن ثلاثة اعتداءات إرهابية في ثلاثية واحدة. فبعد اعتداء واستمينستر في 22 مارس وجسر لندن في 3 جوان يشكل اعتداء 18 جوان نقلة نوعية في بريطانيا. إذ هو أول عملية دهس، على طريقة عمليات داعش، يقوم بها مواطن غير مسلم ضد مسلمين في بريطانيا. وخلفت العملية الإرهابية قتيلا و عشرة جرحى. ونددت كل الجهات الرسمية وفي مقدمتها الوزيرة الأولى تيريزا ماي وعمدة لندن صادق خان بهذه العملية معتبرين أنها كسابقاتها «عملية إرهابية». ونوها بموقف مدير المركز الإسلامي في فينس بوري بارك محمد محمود الذي عمل على تهدئة الأجواء وعلى منع المارة من «سحل» المعتدي بل تمكن من تسليمه إلى الشرطة بعد أن ألقى المارة القبض عليه.

وبالرغم من نداءات المساندة وعبارات التضامن من مختلف المسؤولين عن المجموعات الدينية في بريطانيا، فإن الحادثة الإرهابية تدل على تصاعد الشعور بالكراهية تجاه المسلمين و الذي أصبح الشارع البريطاني يعبر عنه بوضوح. وسجلت الإحصائيات تكاثر حالات السب والشتم والإعتداءات الجسدية ضد المسلمين، خاصة من يرتدي منهم لباسا «اسلاميا» (حجاب، برقع، قميص). وصرح عمدة لندن صادق خان أن الاعتداءات ضد المسلمين تكاثرت بعد عملية مانشستر وزادت بخمسة أضعاف بعد عملية جسر لندن أي منذ 3 جوان الجاري. وأشارت إحصائية نشرتها الصحف البريطانية أن نسبة الاعتداءات ضد المسلمين في بريطانيا ارتفعت ب 20% مقارنة بالسنة الماضية.

إلى حد الآن كل الاعتداءات المسجلة ضد المسلمين فردية قام بها أشخاص لا ينتمون إلى تنظيمات معينة. وذلك يدل على تفشي الحقد ضد المسلمين في أوساط واسعة من المجتمع إثر الاعتداءات الإرهابية المتكررة التي تبناها تنظيم داعش. وذلك يدل أيضا على أن الخلط بين المسلم والإرهابي أصبح عاديا في ذهن العديد. وهو ما يشير إليه اختيار مكان العملية، جامع فينس بوري بارك الشهير. كان هذا الجامع في التسعينات من القرن الماضي يعتبر «لندنيستان» إذ كان بعلم وبمساندة رسمية ملجأ للإسلاميين الذين استخدمتهم المخابرات الأمريكية والبريطانية في مقاومة الإتحاد السوفييتي في أفغانستان.

وكان الإرهابي الشهير أبو حمزة ،إمام الجامع وأحد رموزه، قد عبر عن بيعته لتنظيم القاعدة. وتعتبر المخابرات البريطانية أن الجامع كان أحد أهم مراكز تجنيد المقاتلين وتأطيرهم عبر الفكر الراديكالي الجهادي. وغيرت الحكومة البريطانية موقفها بعد أحداث 11 سبتمبر الذي ثبت تورط زكريا موسوي فيها ، وتأطيره من قبل أبي حمزة. وبعد غلق الجامع تم إحياؤه من جديد عام 2005 ليصبح أحد مراكز الحوار بين الأديان في لندن.

الشبكة الإرهابيّة
عملية باريس الإرهابية هي الثانية من نوعها في الشانز إيليزي هذا العام بعد أن قام «الإرهابي» كريم الشرفي تونسي الجنسية ، المنتمي إلى تنظيم «داعش» الإرهابي بإطلاق النار على الشرطة وقتل أحد الأعوان، غزافي جوجلي، قبل تصفيته على عين المكان. وهذا تونسي ثاني يهاجم الحرس الفرنسي، وهي أول مرة يهاجم فيها فريق من حرس الجندرمه في باريس. نوعية ثانية من العمليات الإرهابية يقوم بها أشخاص ينتمون إلى تنظيمات مسلحة في خلايا نائمة.

ثبت لوسائل الإعلام الفرنسية أن الإرهابي آدم الجزيري سبق وأن سجل اسمه في قائمة «س» للأشخاص المراقبين من قبل أجهزة أمن الدولة منذ 2015 وذلك بعد أن حصلت المخابرات الفرنسية على معلومات من الحكومة التونسية تفيد أن الجزيري ينتمي إلى تنظيم أنصار الشريعة وأن له تحركات عديدة بين فرنسا وتونس يقوم خلالها بالاتصال بأشخاص ينتمون إلى التنظيم الإرهابي. بعد العملية الإرهابية عثرت الشرطة داخل السيارة المستعملة على مسدسين ورشاش حربي من نوع كلاشنيكوف وذخيرة وقوارير للغاز مصحوبة بأدوات تفجير. وهو ما يدل، في بداية الأبحاث، على تحضير للعملية واختيار الهدف. واكتشفت الشرطة أن آدم الجزيري له رخصة رسمية لرفع السلاح بكونه يشارك في نادي للرمي الرياضي في باريس. وأن رخصته تم تجديدها بالرغم من كون اسمه موجود في قائمة «س».معطيات مذهلة سوف تقود أجهزة الشرطة والأمن إلى تحديد الإخلالات لتفادي مثل هذه الوضعيات الخطرة.

العمليات الإرهابية الأخيرة في فرنسا استهدفت كلها أعوان الأمن من شرطة وجيش وحرس وقام بها أشخاص يحملون، في أغلبهم، الجنسية الفرنسية. وهي خصوصية فرنسية يستهدف فيها أعوان الأمن على خلاف موجة 2015 التي استهدفت فيها مواطنين في صحيفة «شارلي هيبدو» وملهى «الباطاكلان» وبعض مقاهي باريس. العنصر الثاني الذي يشغل بال أجهزة الأمن والمخابرات هو مشاركة التونسيين المتزايدة في العمليات الإرهابية. وإن تم ضبط وتفكيك خلية تونسية من قبل المخابرات الإيطالية كانت تتنقل بين فرنسا وإيطاليا على إثر عملية برلين فإنّ الأمن الفرنسي لم يتمكن إلى حد اليوم من تفكيك خلايا تنظيم أنصار الشريعة الموجودين في فرنسا. مع العلم أن أمن الدولة الفرنسي له قائمة اسمية بما يقارب 15 ألف شخص في قائمة «س» تحت المراقبة ولا يمكن له أن يجند العدد الكافي من أعوان الشرطة لحراستهم بصفة فعالة. وهو ما يطرح أسئلة على إمكانية تفادي ضربات إرهابية أخرى في المستقبل والحكومة على أبواب تقديم قانون جديد لمكافحة الإرهاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115